بحث متقدم
الزيارة
4965
محدثة عن: 2012/01/28
خلاصة السؤال
هل یمکن المقارنة بین الذنوب لأرى هل ذنوبی أکبر أم ذنوب فلان من الناس مثلا؟
السؤال
سؤالی هو أننی – و للاسف- غفلت لفترة معینة و خرجت من البیت بلا وضع الحجاب و الخمار على رأسی، و أنا الآن نادمة على ما صدر منی، و لکن فی الوقت نفسه أرى زوجی یشاهد الصورة المبتذلة و الافلام الخلیعة! فأیّ منا قد اقترف ذنبا أکبر من الآخر لان زوجی یؤکد بان ذنبی أکبر من ذنبه! و الحال إننی نادمة على فعلتی و تائبة مما بدر منی؟
الجواب الإجمالي

إن الذنوب لاتقاس بمعیار واحد و لیست بمستوى مشترک بحیث کل الذنوب توزن بمیزان واحد و تعطى درجة متساویة، بل الذنوب متفاوتة فی الرتبة و الدرجة فمنها ما یندرج تحت الذنوب الکبیرة و منها ما یندرج تحت الذنوب الصغیرة، و منها ما هو حق الله تعالى و منها ما یصنف ضمن حقوق الناس. کذلک لا یمکن القول بان الذنوب الکبیرة کلها على مستوى واحد من القبح و الشناعة و إن اشترکت فی العنوان.

ثم إن اقتراف شخص للذنب لایعد مبررا لیقع الآخر فی الذنوب و المعاصی. اضف الى ذلک انه ینبغی للجمیع ان یهتدی بکلام رسول الله (ص) و یجعله المصباح الذی یستنیر به و الرایة التی یسیر خلفها، فی جمیع میادین الحیاة و منها قوله (ص): "... طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ طُوبَى لِمَنْ مَنَعَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ إِخْوَانِه‏...".

الجواب التفصيلي

للاجابة عن السؤال لابد من الالتفات الى بعض النقاط المهمة:

1. کما تعلمون أن الذنوب لیست بمعیار و مستوى واحد بحیث کل الذنوب توزن بمیزان واحد و تعطى درجة متساویة، بل الذنوب متفاوتة فی الرتبة و الدرجة فمنها ما یندرج تحت الذنوب الکبیرة و منها ما یندرج تحت الذنوب الصغیرة، و منها ما هو حق الله تعالى و منها ما یصنف ضمن حقوق الناس. کذلک لا یمکن القول بان الذنوب الکبیرة کلها على مستوى واحد من القبح و الشناعة و إن اشترکت فی العنوان. و من هنا لایمکن القول بان ما صدر منکما یقع فی مستوى واحد، فمن صدر منه الذنب خطأ او غفلة أو زلت به قدمه لغفلة ما لا یتساوى مع ذلک الشخص الذی یعرف قبح الذنب و شناعته و یعرف ان ما یقوم به ذنب ومع ذلک یقترفه و یصر علیه و...! فمن الطبیعی أن یکون ذنبه أشد قبحاً.

2. لما کان الذنب یعد تمردا على الاوامر الالهیة و إعراضا عنها، فلا ریب انه من هذه الزاویة (زاویة کونه تمردا و عنادا و معصیة لأوامر و نواهی المنعم المتفضل) یکون کبیرة و إن کان فی حد نفسه صغیرا. من هنا ینبغی للانسان المؤمن أن یراعی حرمة الله تعالى و ساحته المقدسة و الا یتجاوز الخطوط التی رسمها الله حتى اذا کانت بمستوى الذنوب الصغیرة.

3. الکل منا یعلم ان الذنب الذی یعقبة عودة الى الذات و التفات الى شناعة الفعل و الندم على ما بدر من معصیة و الأوبة الى الله تعالى و التوبة من الذنب، لاریب انه و انطلاقا من الوعد الالهی لا یعد ذا أثر قطعا و ان الله تعالى غفار الذنوب، و هذا المعنى أکدته الکثیر من الآیات و الروایات کقوله تعالى: "وَ هُوَ الَّذی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ وَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُون‏".[1] بل الاکثر من ذلک ان الله تعالى یحب التوابین " إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابینَ وَ یُحِبُّ الْمُتَطَهِّرین‏".[2] بل انه سبحانه و بفضله و رحمته یبدل السیئات بالحسنات " إِلاَّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِکَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ کانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحیما".[3]

4. و الجدیر بالذکر أن اقتراف شخص للذنب لایعد مبررا لیقع الآخر فی الذنوب و المعاصی. و من هنا کان علیک ان تخبری زوجک بان اقترافک الذنب لا یسقط عنه المسؤولیة و لا یبرر له الوقوع فی المعصة، خاصة مع توبتک و ندمک على ما بدر منک. ثم ان الزوجین اللذین یریدان ان یعیشا تحت سقف واحد الى نهایة العمر لابد ان یسعى کل واحد منها لتعزیز شخصیة الآخر و خلق حالة من التکامل لدیه و تسدیده الى الطریق الصحیح، لا ان یحصى احدهما على الآخر زلاته و اخطاءه التی وقع فیها، فان هذا بعید عن روح التعاون الاسری و الاخلاقی و لا یخدم مصلحة الاسرة، اضافة الى افتقاده للمبرر الشرعی.

5. على الجمیع ان یهتدی بکلام رسول الله (ص) و یجعله المصباح الذی یستنیر به و الرایة التی یسیر خلفها، فی جمیع میادین الحیاة و منها قوله (ص): "... طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ طُوبَى لِمَنْ مَنَعَهُ عَیْبُهُ عَنْ عُیُوبِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ إِخْوَانِه‏...".[4]



[1]الشورى، 25.

[2]البقرة،222.

[3]الفرقان، 70.

[4] الکلینی، الکافی، ج 8، ص 165، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش؛ الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج 15، ص 289، آل البیت، قم، 1409ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

  • ما رأي الإسلام في الحرب في الأشهر الحرم؟
    10792 التفسیر 2012/04/24
    على أساس الآيات و الروايات، لم يحرم الإسلام القتال في الأشهر الحرم (ذي القعدة، ذي الحجة، محرم و رجب) و حسب، بل تصعّب في هذا الأمر حتى لا يفكر أحد في الحرب في هذه الأشهر، حيث قد عدّ القتال في الأشهر الحرام إثما كبيرا في هذه الآية ...
  • کیف یجب أن أنبه زوجی على تصرفاته الخاطئة؟
    6156 العملیة 2011/05/16
    یبدو من سؤالک أنکما متحابین بینکما و تریدین أنت أن تصبحی زوجة مثالیة لزوجک. فیجب علیک دائما أن ترکزی على هذه المیزة فی حیاتک لتغطی على باقی المسائل و القضایا.یجب فی الحیاة الزوجیة أن تکون العلاقة علاقة صفاء و حمیمیة و ...
  • ماذا یراد من مفهوم القیامة؟
    7649 الکلام القدیم 2009/01/19
    القیامة تعنی انبعاث الناس من القبور و الحضور فی عالم بعد الموت.و قد اطلق على القیامة مجموعة من الاسماء منها: الواقعة، الراجفة، الطامة، الصاخة، الحاقة، یوم الفصل، یوم الندم، یوم النشور، یوم الحق، یوم المسألة، یوم الفراق، یوم الحساب، یوم الحکم، یوم العذاب، یوم المحاسبة و یوم التلاق و ...
  • ارجو بیان المصطلحات الواردة فی قوله تعالى«وَلا رَطْبٍ وَلا یَابِسٍ إِلاَّ فِی کِتَابٍ مُبِینٍ» بصورة مختصرة
    5357 التفسیر 2007/06/28
    مع أن المراد (بالکتاب المبین) فی بعض الآیات الأخرى هو (القرآن الکریم) أما فی هذه الآیة و الآیات المشابهة لها و التی تتحدث عن منبع العلم الإلهی و أساسه، فإن المراد(بالکتاب المبین) مرحلة العلم الإلهی بالمخلوقات قبل الخلق، و الذی یشمل الکتب الأخرى و الألواح الأخرى، و لکن کیفیته و ...
  • فی ایّ من المصادر قد بُیّنت الحکمة من الأحکام و المخلوقات؟
    6142 الحقوق والاحکام 2009/05/04
    لایمکنه معرفة جمیع الحِکم لأن الله عز و جل لم یضع جمیع الامور بید الإنسان وذلک لمصالح خاصة اقتضته، و الذی اتضح لنا منها هو کثیر و واضح جدّاً فلایمکن الإحاطة به هنا، و علیه یجب إختیار أقرب الطرق و أیسرها من خلال مراجعة کتب التفسیر و الأحادیث الموثّقة عن ...
  • على أی الآیات یطلق اسم آیات التسخیر فی القرآن الکریم؟
    8367 التفسیر 2008/02/12
    الآیات التی یطلق علیها اسم آیات التسخیر فی القرآن هی الآیات 54 إلى 56 من سورة الأعراف، و قد جاءت الروایات التی تتحدث عن آثار قراءتها. ...
  • ما هي الأسباب التي أدّت بالمأمون أن يمنع الإمام الرضا (ع) من إقامة صلاة عيد الفطر؟
    5574 تاريخ بزرگان 2012/04/17
    أهم دليل أدّى بالمأمون لأن يمنع الإمام الرضا (ع) عن إقامة صلاة عيد الفطر، هو الإحساس بالخطر الذي توجّه إلى الدولة العباسية، هذه المسألة بدأت عند سماع أهل مرو (خراسان) لخبر أن الإمام الرضا (ع) سيذهب إلى المصلى لإقامة الصلاة عيد الفطر، فخرجوا من منازلهم و وقفوا ...
  • كيف نوفق بين الرحمة الالهية "و كونه أرحم الراحمين" و بين تشريع الأمر بالقصاص و إعدام مقترف بعض الجرائم؟
    6200 التفسیر 2012/09/10
    المراجع لآيات القرآن الكريم و الروايات الصادرة عن المعصومين (ع) يكتشف بان الله تعالى جامع لكل صفات الجمال و الحسن، و هذا ما يدركه العقل الحصيف أيضاً؛ و بعبارة اخرى: إن الله تعالى يتوفر على جميع الصفات الثبوتية و يتنزه عن الصفات السلبية كلها؛ فكما ان الله ...
  • هل یتعدد الدین فی مستوى نفس الأمر؟
    6191 الفلسفة الدین 2007/06/20
    ثمة أدلة نقلیة و عقلیة تشهد بصدق على وجود الجوهر المشترک، و تضمن سبل فلاح تناسبه. و هکذا فإن الدین هذا أمر واحد و نسخة واحدة. ...
  • هل قراءة الدعاء بالعربیة شرط فی تأثیر الدعاء؟
    5826 العملیة 2008/09/14
    و ان کان قراءة الادعیة بالعربیة غیر واجبة و الدعاء حتى باللغة الفارسیة ایضاً جائز، و لکن من الافضل فی الادعیة التی وردت عن الائمة (ع) أن تقرأ باللغة العربیة مع الانتباه الى معانیها و ترجمتها. و سوف یتضح السبب لنا فی ما یلی:کما ان القرآن کلام الله مع ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279433 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257223 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128134 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113233 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88989 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59831 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59545 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56852 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49722 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47161 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...