بحث متقدم
الزيارة
6203
محدثة عن: 2012/07/29
خلاصة السؤال
ما المراد من مقولة الاستقلال الاقتصادي للدولة؟
السؤال
ما المراد من مقولة الاستقلال الاقتصادي للدولة؟
الجواب الإجمالي

المراد بالاستقلال هو أن یتمکن المجتمع من انتاج ما یحتاج الیه علی مستوی مقبول من الرفاه، و لا يکون معتمداً علی الآخرين و محتاجاً اليهم في ادارة الامور الاقتصادية.

و بناء علی هذا فالاستقلال الاقتصادي هو الاکتفاء الذاتي في توفير الحاجات الاساسية و منع تسلط الدول الاخری علی اقتصاد البلد.

و يعد موضوع الواردات ايضاً من المحاور المهمة و من مصاديق الاستقلال الاقتصادي. و الظاهر ان واردات البلد لا تتنافی مع الاستقلال الاقتصادی، و ليس هذا فحسب بل انها تساعد في استقرارهذا الاستقلال ايضاً، و انما الذي يتنافي مع الاستقلال التبعية و الاعتماد الكامل، اي يکون البلد معتمداً الی درجة بحيث اذا قطعت الصادرات عنه اختلت الحياة فيه بشکل ملحوظ. و أما اذا لم تکن الواردات بدرجة الاعتماد  الضروري و لم تصل الی الافراط ايضاً، فلا تتنافی أبداً مع الاستقلال الاقتصادي.

الجواب التفصيلي

قبل الاجابة ینبغي ذکر ملاحظة تتمثل بضرورة الاهتمام بالنتائج و الاستنباطات العقلیة في مختلف العلوم، و یجب الاعتراف بمعطياتها العلمية، لما للعقل من دور في کثیر من العلوم حيث یقوم باکتشاف المعلومات و وضع التعاریف و القوانین لها. نعم وردت اشارات في الدین الی بعض العلوم و المطالب العلمیة بشکل عرضي واستطرادي.[1] و لذا یجب ان یکون العقل هو محور البحوث في کثیر من العلوم، و یجب الاعتراف بحجیته ما لم یخالف المرتکزات الشرعیة. و الدین بدوره ایضاً أکد کثیراً علی التقدم العلمي، و یمکن استفادة ذلک من تأکیده علی طلب العلم، و القاء الكثير من الامور الدنيوية على كاهل العقل البشري لکي یتمکن علی مر الزمان من دراستها و تطویرها. و يعد علم الاقتصاد  من جملة تلک العلوم، فقد ذکر الاسلام توصیات عامة و مهمة یصب اکثرها في مراعاة الاخلاق في الاقتصاد.

وبعد هذه المقدمة نتعرض للبحث حول معنی الاستقلال الاقتصادي.

الاستقلال الاقتصادي:

المراد بالاستقلال هو ان یتمکن المجتمع من انتاج ما یحتاج الیه علی مستوی مقبول من الرفاه، و لا يکون معتمداً علی الاخرين و محتاجاً اليهم في ادارة الامور الاقتصادية، و ان يترجح احيانا یوفير بعض حیاته الاقتصادیة من خارج البلد بسبب قلة التکلفة او لغایة أخری[2].و قد ذکروا في تعریف الاستقلال بانه: عبارة عن امتلاک قدرة اتخاذ القرار و التخطیط، مع تنفیذ هذه القرارات و الخطط في دائرة الحاکمیة. و لو جزأنا هذا التعریف لوجدناه ينطوي على ثلاثة عناصر اساسية: قدرة اتخاذ القرار، و قدرة تنفیذ القرار و دائرة الحاکمیة. و علی هذا الاساس فاذا استطاعت أمة ما أن تضع لنفسها برامج سیاسیة و اقتصادیة و اجتماعیة و ثقافیة دون ان تتأثر بالعوامل الخارجیة الاقلیمیة و القوی العالمیة المؤثرة فان تلک الأمة توصف بالاستقلالية حينئذ[3].

الاستقلال الاقتصادي من وجهة نظر الدستور الایراني:

ورد التأکید في دستور الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة علی انه یجب ان یصل الاقتصاد الایراني الی مرحلة الاکتفاء الذاتي و الاستقلال و ان یتخلص من التبعیة. و قد تكفل الاصل الثالث و الاربعون من الدستور ببیان الاسس الاقتصادیة للدولة، و توضح الاستقلال الاقتصادي ضمن عدة مواد:

و تشير الفقرة التاسعة من هذا الاصل الی اعتماد الاقتصاد الایراني و تؤکد علی انه یجب علی اقتصاد ایران ان یصل الی مرحلة الاکتفاء الذاتي و الاستقلال و یتخلص من التبعیة. و اسلوب الحل الذي یطرحه الدستور في هذا المورد يمثل بزیادة الانتاج الزراعي و الحیواني و الصناعي لسد حاجات البلاد و تحقيق الاكتفاء الذاتي لها و تحريرها من التبعية الاجنبية.

و علیه فان من الاهداف العلیا لدستور الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تتمثل بتحقيق الاستقلال الاقتصادي و توفیر الاحتیاجات المتزایدة للناس الذین یعیشون في المجتمع الاسلامي.

وبناء علی هذا يكون معنی الاستقلال الاقتصادي الاکتفاء الذاتي في رفع الاحتیاجات الاساسیة و المنع من تسلط الدول الاخری علی اقتصاد البلد. والملاحظة الاخیرة هي انه هل تتنافی الواردات من الدول الاخری مع الاستقلال الاقتصادي؟ و الظاهر ان واردات البلد لا تتنافی مع الاستقلال الاقتصادی، و ليس هذا فحسب بل انها تساعد – احياناً- في استقرار هذا الاستقلال ايضاً، و انما الذي يتنافي مع الاستقلال التبعية و الاعتماد، اي يکون البلد معتمداً الی درجة بحيث اذا قطعت الصادرات عنه اختلت الحياة فيه بشکل ملحوظ. و أما اذا لم تکن الواردات بدرجة الاعتماد  الضروري ولم تصل الی الافراط ايضاً، فلا تتنافی ابداً مع الاستقلال الاقتصادي[4].

 


[1] الرضائي، محمد علي، دراسة في الاعجاز العلمي في القرآن، ص39، نشر الکتاب المبین، رشت، 1381ش.

[2] هادوي الطهراني، المذهب و النظام الاقتصادي في الاسلام، ص83، نینوی، 1383ش.

[3] ذهنیة الاساتذة والنخب.

[4] لاحظ: المطهري، مرتضى، مجموعة الآثار، ج24، ص238، نشر صدرا، طهران، 1381ش.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279429 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257214 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128130 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113225 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88984 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59826 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59539 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56849 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49717 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47157 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...