بحث متقدم
الزيارة
7291
محدثة عن: 2012/09/16
خلاصة السؤال
هل يوجد حديث معتبر يؤيد إقامة مراسم الاربعين بمناسبة رحيل الائمة من غير الامام الحسين (ع)؟
السؤال
هل يوجد محذور في إقامة مراسم أربعين رحيل الامام علي (ع)؟ أم يدخل ذلك في البدعة؟ و هل يوجد حديث معتبر يؤيد إقامة مراسم الاربعين لرحيل الائمة من غير الامام الحسين (ع)؟
الجواب الإجمالي

الذي يمكن قوله في خصوص إقامة مراسم العزاء بمناسبة رحيل الأئمة (ع)؛ أن الاحاديث و الروايات الشيعية في مجال العزاء و مراسم التأبين قد أولت أهمية خاصة لقضية الامام الحسين (ع)، أما بالنسبة الى سائر الأئمة (ع) فلم نعثر على دليل معتبر يشير الى كون الائمة اتخذوا من ذلك مناسبة للعزاء العام و الحزن و انشاد اشعار الرثاء و ..... فضلا عن الدعوة الى احياء مناسبة الاربعين او الدعوة الى احياء تلك المناسبات احياء عاماً.

و مع ذلك يمكن إدراج مراسم العزاء التي تقام على الرسول الاكرم (ص) و سائر الأئمة (ع) تحت عنوان تعظيم شعائر الله تعالى، و لكن شريطة الالتفات الى أمرين:

الف: إقامة تلك المناسبات بنحو لا يصل الى المستوى من الحرقة و العمومية الذي نقيم به مراسم عاشوراء التي أكدت عليها الروايات الكثيرة؛ لتبقى حرارة ذكرى عاشوراء على قوتها و شدتها فلا تخبو تلك الحرارة و المناسبة فلا يكون شأنها شأن سائر المناسبات الاخرى.

ب: إقامة تلك المناسبات – الفاقدة لأي رواية خاصة بها-  بطريقة لا توحي في الوجدان الشيعي بان الانسان المؤمن يجب عليه أن يرتدي السواد و يتوشح الحزن و المصاب طوال السنة فلا يعرف للفرح معنى، و لا يجعل له في قاموس حياته أية قيمة، فيتحول المجتمع الشيعي الى مجتمع يعيش الكآبة و الحرن طوال حياته.

الجواب التفصيلي

الذي يمكن قوله في خصوص إقامة مراسم العزاء بمناسبة رحيل الأئمة (ع)؛ أن الاحاديث و الروايات الشيعية في مجال العزاء و مراسم التأبين قد أولت أهمية خاصة لقضية الامام الحسين (ع)، الى الحد الذي نرى الأئمة من بعده (عليهم السلام) يقضون العشر الأوائل من شهر محرم بالحزن و المصاب يستذكرون الامام الحسين (ع) و اصحابه الميامين، في منازلهم و كانوا يدعون الشعراء لانشاد الشعر الحزين في هذه المناسبة.[1]

أما بالنسبة الى سائر الأئمة (ع) فلم نعثر على دليل معتبر يشير الى كون الائمة اتخذوا من ذلك مناسبة للعزاء العام و الحزن و انشاد اشعار الرثاء و ..... فضلا عن الدعوة الى احياء مناسبة الاربعين.

و هناك رواية ينقلها الصدوق (ره) تكشف لنا أن الشيعة كانوا يحيون ذكرى الامام الحسين (ع) خاصة و لم تجد ذكراً لاحياء مناسبة رحيل الرسول الاكرم (ص) أو الامام علي (ع)، بل حتى إحياء شهادة السيدة الزهراء (س) لم يكن شائعا في تلك الاوساط، و هكذا الأمر بالنسبة الى ذكرى الامام الحسن (ع).[2]

و على كل حال يمكن إدراج مراسم العزاء التي تقام على الرسول الاكرم (ص) و سائر الأئمة (ع) تحت عنوان تعظيم شعائر الله تعالى حتى و إن لم ترد فيها رواية خاصة كما هو الشأن في مراسم الإمام الحسين (ع).

نعم، ورد في الرواية أن الامام الباقر (ع) اوصى بأن تقام له مراسم العزاء في منى لمدة عشرة سنوات فقط، فقد روى الكليني عن يونُس بن يعقوبَ عن أَبي عبد اللَّه (ع) قال: قال لي أَبي: يا جعفَرُ أَوقفْ لي من مالي كذَا و كذَا لنوادبَ تَنْدُبُنِي عَشْرَ سِنِينَ بمنًى أَيَّامَ منًى.[3] و لمّا كانت الوصية محددة زمانا "بعشر سنين" و مكاناً "بمنى" فلا يمكن التعدي منها الى العموم.

و الذي يمكن قوله هنا: بان إهتمام الائمة (ع) بقضية الامام الحسين (ع) و حصر إقامة العزاء فيها دون سائر المعصومين (ع) بما فيهم الرسول الاكرم (ص)، يدل على حرصهم على الحفاظ على بقاء ثورة الامام الحسين و نهضته هي البارزة و المتميزة في هذا المجال؛ و ذلك لان الاكثار من المناسبات – و هي كثيرة قطعا- سيؤدي الى الاقلال من تلك الحرقة التي تتوفر في إحياء ذكرى عاشوراء، الامر الآخر الذي ينبغي الاشارة اليه هنا أن إحياء مناسبات رحيل المعصومين (س) في يوم شهادتهم و اليوم السابع و في مناسبة الاربعين يتطلب - مع كثرتهم-  بذل جهود كبيرة و صرف الكثير من الوقت لاحياء تلك المناسبات، مما قد يؤدي الى الاخلال بمسيرة الحياة لانه ما من يوم – على طول العام- الا و فيه مناسبة حزينة!!

و الجدير بالذكر ان البعض حاول التمسك بالرواية المعروفة " شيعتنا يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا "[4]، لاثبات مشروعية احياء جميع المناسبات؛ الا انه ليس بالخفي على الباحثين  أن مثل هكذا رواية لا يمكن التمسك بها لاثبات الحث على احياء جميع المناسبات احياءً عاما – باستثناء ذكرى الامام الحسين (ع)-. و بطبيعة الحال ان الشيعة الموالين لأهل البيت (ع) لا ينسون تلك المناسبات الاليمة حتى و هم في أشد حالات فرحهم و في احلى مناسبات الفرح و السرور عندهم، و لهم في أمير المؤمنين (ع) أسوة حينما وارى فاطمة الزهراء (س) الثرى حيث قال مخاطبا الرسول الاكرم (ص): " أما حزني فسرمد".[5] الا ان ذلك لا يعني  انهم يجلوسون تمام السنة لاحياء ذكرى السيدة الزهراء (س) معطلين بذلك عجلة الحياة، كذلك يجب التنبيه على أن اتخاذ بعض الايام في السنة كمناسبة لاحياء ذكرى فاطمة الزهراء (س) لايعد بدعة و خروجا على تعاليم الدين الحنيف قطعاً.

و على كل حال يمكن الجمع بين تجنب البدعة و بين إقامة المراسم؛ و ذلك من خلال الاحتراز عن ادعاء وجود دليل خاص يدل على احياء تلك المناسبات احياءً عاما، و بين استغلال أي فرصة تمر يمكن احياء ذكراهم خلالها، و لكن شريطة الالتفات الى أمرين:

الف: إقامة تلك المناسبات بنحو لا يصل الى المستوى من الحرقة و العمومية الذي نقيم به مراسم عاشوراء التي أكدت عليها الروايات الكثيرة؛ لتبقى حرارة ذكرى عاشوراء على قوتها و شدتها فلا تخبو تلك الحرارة و المناسبة فلا يكون شأنها شأن سائر المناسبات الاخرى.

ب: إقامة تلك المناسبات – الفاقدة لأي رواية خاصة بها-  بطريقة لا توحي في الوجدان الشيعي بان الانسان المؤمن يجب عليه أن يرتدي السواد و يتوشح الحزن و المصاب طوال السنة فلا يعرف للفرح معنى، و لا يجعل له في قاموس حياته أية قيمة، فيتحول المجتمع الشيعي الى مجتمع يعيش الكآبة و الحرن طوال حياته.

 


[1] اشار الى ذلك  ابن قولویه القمي، في کامل الزیارات، تحقيق، مصحح، الامیني، عبدالحسین، ص ۱۰۴- ۱۰۶، الباب الثالث، دار المرتضویة، النجف الاشرف، الطبعة الاولى، ۱۳۵۶ش.

[2] انظر: الشيخ الصدوق، علل الشرایع، ج 1، ص 225، انتشارات مکتبة الداوري، قم.

[3] الكليني، الکافي، ج 5، ص 117، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ش.

[4] الشيخ الصدوق، الخصال، ج 2، ص 634، انتشارات جامعۀ مدرسین، قم، 1403 ق.

[5] نهج البلاغة، ص 320، انتشارات دار الهجرة، قم.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279432 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257217 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128133 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113229 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88986 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59829 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59543 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56851 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49720 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47160 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...