بحث متقدم
الزيارة
6574
محدثة عن: 2009/07/01
خلاصة السؤال
هل کان النبی(ص) یلعن معاویة و ابنه و أباه (یزید و ابوسفیان)دائماً؟
السؤال
کنت أقرأ زیارة عاشوراء مع الالتفات الی معانیها فانقدح فی ذهنی هذا السؤال عند قراءتی لهذا المقطع" اللهم إن هذا یوم تبرّکت به بنو أمیة و ابن آکلة الأکباد اللعین ابن اللعین علی لسانک و لسان نبیّک صلّی الله علیه و آله فی کل موطن و موقف وقف فیه نبیّک صلّی الله علیه و آله". فهل کان النبی(ص) یلعن معاویة بن أبی سفیان و ابنه و أباه (یزید و أبو سفیان) بلسانه فی کل منزل و مسکن نزل فیه؟ ثمّ ما معنی لسان الله؟
الجواب الإجمالي

المراد بلسان الله هو کلام الله الذی یلقی من قبل الله الی عباده. و حین مرّ کل من النبی ابراهیم(ع) و النبی موسی(ع) و النبی عیسی(ع) علی أرض کربلاء، وقعت حادثة لکل منهم فیها، و یعد السؤال و الجواب بینهم و بین الله ، یقول الله تعالی:"قاتل الحسین(ع) ملعون أهل السموات و الأرض. و حینئذٍ لعن کل من الأنبیاء المذکورین یزیداً.

و نبی الإسلام(ص) أیضاً لعن یزیداً فی مواضع متعدّدة. و لعنه فی کل موطن و موقف هو بمعنی التأکید و کثرة اللعن؛ و کذلک اللعن العام فی القرآن شامل لمعاویة بن أبی سفیان و ابنه و أبیه (یزید و أبوسفیان).

الجواب التفصيلي

المراد من عبارة "ابن اکلة الأکباد اللعین بن اللعین" ظاهراً هو معاویة و ذلک لأن :الف: امّه هند کانت قد حصلت علی لقب "اکلة الأکباد" بعد استشهاد حمزه سید الشهداء.[1]

ب: إن لقب اللعین بن اللعین هو من ألقاب معاویة.[2]

و بعد ذکر هذه المقدّمة نتعرّض لأصل السؤال. و بدیهی أن المراد بلسان الله هو کلام الله الذی یلقی من قبل الله الی عباده.[3] و لکن حیث إنه لیس کل الناس یلیقون بالخطاب من قبل الله تعالی،فعادةً ما یبلغ خطاباته الی البشر عن طریق الأنبیاء(ع) و الکتب التی ینزّلها علیهم. و فیما یخص إبلاغ لعن الله یزید فقد ذکر اسم یزید بصورة خاصة فی اللعن بواسطة الأنبیاء(ع) و لکنه ذکر فی اللعن الوارد فی القرآن الکریم[4] بشکل عام فهو یشمل یزید أیضا ً. و الجدیر بالذکر هنا أن اللعن من قبل الله هو بمعنی الإبعاد عن الرحمة الإلهیة.[5]

لعن یزید من قبل الأنبیاء(ع):

 نقل فی بعض الروایات: لعن یزید بن معاویة من قبل الانبیاء العظام و منهم أنبیاء اولو العزم و نکتفی هنا بإیراد روایة واحدة: "روی ان ابراهیم(ع) مرّ فی أرض کربلاء و هو راکب فرساً فعثرت به و سقط ابراهیم و شج رأسه و سال دمه فأخذ فی الاستغفار، و قال: إلهی أی شیء حدث منّی؟، فنزل إلیه جبرئیل و قال: یا إبراهیم ما حدث منک ذنب و لکن هنا یقتل سبط خاتم الانبیاء و ابن خاتم الأوصیاء، فسال دمک موافقةً لدمه. قال: یا جبرئیل و من یکون قاتله، قال"لعین أهل السموات و الأرضین ... فرفع إبراهیم(ع) یدیه و لعن یزیداً لعناً کثیرا).[6]ً

لعن یزید من قبل نبی الإسلام(ص):

خرج النبی(ص) فی سفرٍ له فوقف فی بعض الطریق و استرجع و دمعت عیناه، فسئل عن ذلک فقال: "ذا جبرئیل (ع) یخبرنی عن أرض بشط الفرات یقال لها کربلاء یقتل علیها ولدی الحسین بن فاطمة(ع) فقیل له: من یقتله یا رسول الله، فقال(ص): رجل اسمه یزید لعنه الله ...".[7]

و عن صفیة بنت عبد المطّلب إنها قالت"لمّا سقط الحسین(ع) من بطن أمه فدفعته الی النبی(ص) فوضع النبی(ص) لسانه فی فیه و أقبل الحسین علی لسان رسول الله(ص) یمصّه، قالت: فما کنت أحسب رسول الله یغذوه الا لبناً أو عسلاً. قالت... فقبّل النبی(ص) بین عینیه ثم دفعه إلیّ و هو یبکی و یقول: لعن الله قوماً هم قاتلوک یا بنی؛ یقولها ثلاثاً. قالت: فقلت: فداک أبی و أمی و من یقتله؟ قال: بقیّة الفئة الباغیة من بنی أمیة لعنهم الله"[8]

و فی آیات من القرآن ورد لعن بعض العناوین، و بناء علی الروایات الشیعیّة و السنیّة فإن أحد المصادیق البارزة لتلک العناوین هم بنو أمیّة و یزید هو من بنی أمیة.

الشجرة الملعونة: فی سورة الأسراء آیة 60، ذکرت بعض الأقوال حول هذه الرؤیا و لماذا کانت و من هم الأشخاص الذین تنطبق علیهم الشجرة الملعونة فی الآیة.[9] و قد ورد فی مجموعة من التفاسیر الشیعیّة و السنیّة: إن هذه الرؤیا إشارة للحادثة المعروفة و التی رأی فیها النبی(ص) فی المنام إن عدداً من القرود تصعد منبره و تنزل منه؛ تنزوا علی منبره(ص) و قد تّم تفسیر هذه القرود التی تنزوا علی منبر رسول الله(ص) ببنی امیة الذین جلسوا مکان النبی(ص) الواحد تلو الآخر یقلّد بعضهم بعضاً).[10]

و الشجرة الخبیثة[11] هی الاعتقاد بالکفر و الشرک الذی لیس له روح و نماء و لیس له جذور فی أرض الحقیقة حیث یقول الإمام الباقر(ع) "م بنو امیة".[12]

"إن الذین یؤذون الله و رسوله لعنهم الله فی الدنیا و الآخرة و أعدّ لهم عذاباً مهیناً".[13]

و بناء علی ما رواه الشیعة و السنة فإن من یؤذی أهل البیت(ع) فقد آذی الله و رسوله.[14]

"ألم تر الی الذین بدّلوا نعمة الله کفراً و أحلّوا قومهم دار البوار جهنم یصلونها و بئس القرار".[15]

و بناء علی ما رواه الشیعة و السنة فإن هؤلاء طائفتان من قریش: بنی امیّة و بنی مخزوم[16]. و طبقاً لما رواه الشیعة و السنة فإن بنی امیّة محرومون من فضل لیلة القدر و قد رضوا بدلاً عن ذلک بغصب ألف شهر من الحکم الدنیوی الزائل.[17]

و قد ورد فی القرآن لعن جماعات بعناوین کثیرة، و ذلک کلعن الظالمین [18]و الکافرین[19]و من قتل مؤمناً متعمّداً [20]و...[21]و یمکن انطباقها علی یزید.[22]

فبنظرة و لو عابرة و سطحیّة الی جرائم یزید و کیفیة استشهاد سید الشهداء و أصحابه و مع ملاحظة منزلة الإمام الحسین(ع) و مقام وراثته بالنسبة لجمیع الأنبیاء الإلهییّن یمکننا أن نقول إنه ما من مورد من موارد اللعن القرآنی الّا و یزید من مصادیقه المسلّمة. لقد کان قبح عمل یزید و خبثه الی الدرجة التی لم یلعن أحد فی تاریخ البشریّة بعد الشیطان بمثل لعنه، حیث لعنته کل الموجودات البحریة و الصحراویّة و الجوّیّة و ... کما ورد فی الروایات.

و امّا ما هو معنی اللعن فی کل مقام و مکان، فسنقول:

1. یحتمل أن یکون ذلک بمعنی التأکید و کثرة لعن یزید.

2. و یمکن أن یکون المراد أیضاً اللعن بلسان الحال و لیس فقط بلسان المقال، حیث إن الأنبیاء فی ذات الوقت الذی یقومون فیه بتبلیغ الدین یقومون بلسان حالهم بلعن من یقف فی وجه ذلک، و یزید فی الواقع کان مانعاً من إقرار الدین فهو لذلک وقع مورداً للّعن الحالیّ للنبیّ الخاتم(ص).[23]



[1] ابن اثیر، اسد الغابة فی معرفة الصحابة، ج 7 ،ص 281؛ النزاع و التخاصم، ص 49؛ ابن اثیر، الکامل فی التاریخ، ج 2، ص 251 و ... نقلاً عن کتاب مدرسة العشق، ص 381،مجید حیدری فر، و کتاب دراسة و تحلیل لزیارة عاشوراء، ص 242، حسن أسدی، الناشر آدینة سبز.

[2] الامینی، الغدیر، ج 10، ص 83 و 156 و 158، نقلاً عن مدرسة العشق، ص 385.

[3] تارة عن طریق نزول ملک الوحی و أخری عن طریق الإلهام فی القلب، و ثالثة عن طریق سماع الصوت بحیث یخلق الله الأمواج الصوتیّة فی الفضاء و الأجسام و یتکلّم مع نبیه عن هذا الطریق، و من الذین کان لهم هذا الامتیاز بوضوح هو موسی بن عمران (ع) حیث کان یسمع الأمواج الصوتیّة أحیاناً من شجرة الوادی الأیمن و أحیاناً من جبل الطور، و لذا لقب موسی بکلیم الله، انظر، مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 4، ص 212.

[4] حیث إن القرآن کتاب أبدی للهدایة، فهو یتعرّض لبعض الامور التی یذکرها بصورة عامّة، و الّا فلو أراد ذکر المفردات فإن ذکر الملعونین فی التاریخ البشری سیطلب مجلّدات عدیدة، و حیث إن الأنبیاء و الأوصیاء یعتبرون من مفسّّری الکلام الإلهی فإنهم یذکرون الموارد و المصادیق البارزة للعناوین الکلّیة القرآنیة.

[5] الطباطبائی،محمد حسین، المیزان، ج 16، ص 521.

[6] بحار الأنوار، ج 58، ص 243 و 245، نقلاً عن مدرسة العشق، ص 281.

[7] السید ابن طاووس، اللهوف فی قتلی الطفوف، ص 16، نقلاً عن مدرسة العشق، ص 284.

[8] بحارالأنوار، ج 43، ص 243، نقلاً عن نفس المصدر، ص246.

[9] المیزان، ج 13، ص 136.

[10] مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 12، ص 171؛ الفخر الرازی، التفسیر الکبیر، ج 2، ص 237؛ تفسیر القرطبی، ج 6، ص 3902.

[11] ابراهیم ،26.

[12] نور الثقلین، ج 2، ص 538 نقلا عن التفسیر الأمثل، ج 13، ص 174 

[13] الأحزاب،57.

[14] صحیح البخاری، ج 3، ح 3509، ح 3541، 1361 و 1370 .

[15] إبراهیم،28-29.

[16] الإمام الثعلبی،ابو اسحاق احمد، الکشف و البیان، ج2، ص 319؛ السمرقندی، ابو نصر محمد بن مسعود العیّاشی السلمی، التفسیر، ج2، ص229، نقلاً عن نفس المصدر.

[17] سنن الترمذی، ج5، باب تفسیر القرآن، 3350

[18] . الأعراف، 44؛ هود، 18؛ غافر،52.

[19] . الأحزاب، 64؛ المائدة، 78؛ البقرة، 89.

[20] . النساء، 93.

[21]  البقرة، 89؛ البقرة، 159؛ النور، 23.

[22]  انظر: بحار الانوار، ج43، ص243و 250، نقلا عن عن مدرسة العشق، ص409.

[23] دراسة وتحلیل لزیازة عاشوراء،246.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257232 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128138 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113238 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88993 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59548 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49726 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47163 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...