بحث متقدم
الزيارة
5956
محدثة عن: 2009/11/25
خلاصة السؤال
إذا لم یقارب الرجل زوجته فهل یثبت لها حق الطلاق ؟
السؤال
إذا لم یقارب الرجل زوجته فهل یکون للمرأة حق الطلاق بسبب أن للمرأة حاجة جنسیة و الرجل لا یهتم بذلک و یقوم بتلبیة الغریزة الجنسیة عن طریق الستلایت، فما هو حکم هذا الرجل الذی لا یضاجع زوجته؟
الجواب الإجمالي

طبقاً للموازین الإسلامیة فإن کل رجل مکلّف -بحسب الإمکان- أن یشبع الحاجة الجنسیّة لزوجته حتی انه لا ینبغی له أن ینشغل بالامور المباحة التی تعیقه عن هذه الوظیفة. و من المسلّم ان تلبیة الغریزة ذاتیاً من الطریق المحرم و عدم الاهتمام بالزوجة نتیجة لذلک هو من الذنوب الکبیرة التی یکون الرجل مسؤولاً عنها أمام الله.

فطبقاً للمرازین الإسلامیة یکون مثل هذا الرجل مذنباً، و طبقاً للقانون أیضاً إذا سبّب هذا التصرّف من قبل الرجل إیجاد العسر و الحرج للمرأة فیکون لها حق الرجوع للمحکمة من أجل الطلاق.

الجواب التفصيلي

لتوضیح رأی الإسلام فیما یرتبط بمثل هذه الامور یجب أوّلاً أن نطرح عدة ملاحظات مأخوذة من آیات القرآن و روایات المعصومین(ع)، ثم نتعرض الی الاستنتاج منها:

1. ان الله أمر الرجال أن یراعوا الامور العرفیة فی علاقاتهم العائلیة.[1] و علی هذا الأساس فیجب أن تکون جمیع العلاقات العائلیّة و منها العلاقات الجنسیة فی المستوی العرفی العادی و هو العرف الذی لا یخالف الشرع طبعاً. و قد ذکر مفهوم هذه الآیة فی المادة 1103 من القانون المدنی لبلدنا (ایران) أیضاً حیث ورد: "أن الزوج و الزوجة مکلّفان بحسن المعاشرة مع بعضهما".

2. و مع أن الله أجاز للرجال تعدّد الزوجات لأسباب مذکورة فی محلّها[2]، و لکنه أکّد علیهم أن لا یتصرّفوا مع إحدی زوجاتهم بحیث لا تکون ذات زوج یلبّی رغباتها الجنسیة و لا تکون مثل النساء المطلّقات فیمکنها أن تتصرف بحریّة.[3] و علی أساس الروایات فإن تعدّد الزوجات إذا استلزم عدم تلبیة الرغبة الجنسیة لبعض الزوجات و میلهن نحو الانحراف فإن الخطیئة تقع علی عهدة الزوج الذی أقدم علی الزواج بعدة زوجات مع علمه بالموضوع.[4]

3. رغم ان النکاح الموقت أو المتعة جائز فی مذهبنا و قد أوصی به فی بعض الموارد أیضاً، و لکن إذا أوجب مثل هذا الزواج الموقت أن لا یتمکن الرجل من تلبیة الرغبات الجنسیة لزوجته الدائمة فإنه قد منع من ذلک من قبل الأئمة(ع) و أوصی بزیادة الاهتمام بحاجة الزوجة الدائمیّة،[5] و ان تشبع الحاجة الجنسیة مهما أمکن عن طریق الزوجة الدائمیة، و ان یلجأ الی الزواج الموقت فی حالة العزوبة أو عدم الوصول الی الزوجة فقط.[6]

4.طبقاً للقواعد الشرعیّة فإنه یمکن لأصحاب النساء الاماء[7] أن یلبّوا حاجتهن الجنسیة فقد ورد فی روایة عن أمیر المؤمنین (ع): "من اتّخذ من الاماء أکثر مما ینکح أو یُنکح فالاثم علیه إن بغین".[8]

5. طبقاً للموازین الإسلامیة فانه یجب أن تکون العلاقات الجنسیة بشکل تصل فیه المرأة أیضاً الی الاشباع الکامل و کما قال أمیر المؤمنین(ع): "إذا أراد أحدکم أن یأتی زوجته فلا یعجّلها، فإن للنساء حوائج".[9]

6. علی کل رجل أن ینام الی جنب زوجته مرة واحدة علی الأقل فی کل اربع لیلاً، حتی و ان لم یکن راغباً فی المقاربة الجنسیة.[10]

7. نقل الحسن بن الجهم قال "رأیت أبا الحسن (الإمام الرضا(ع)) اختضب. فقلت جعلت فداک اختضبت؟ فقال نعم، ان التهیئة ممّا یزید فی عفّة النساء، و لقد ترک النساء العفة بترک أزواجهن التهیئة ثم قال: أیسرّک أن تراها علی ما تراک علیه إذا کنت علی غیر تهیئة؟ قلت: لا، قال فهو ذاک. ثم قال: من أخلاق الأنبیاء التنظّف و التطیب و حلق الشعر و کثرة الطروقة".[11]

ان التأمل فی الموارد المتقدمة یکشف عن انه و بالرغم من کون إدارة الاسرة و کذلک موضوع الطلاق هو بعهدة الرجل و لکن لیس معنی ذلک أن یکون مطلق العنان فی أن یتصرّف کیفما یشاء فیما یتعلّق بالامور الجنسیة سواء کان التصرف حلالاً أم حراماً، یضیّق علی زوجته من هذه الناحیة!

و نحن الآن نسأل: هل یمکن بعد قراءة ما تقدّم و بعد مراعاة الانصاف، أن یعتقد بأن التصرّفات التی هی حلال بحدّ نفسها مثل تعدّد الزوجات و الزواج الموقت أو امتلاک الاماء (فی تلک العصور) فی حالة عدم القیام بتلبیة الرغبة الجنسیة للزوجة الدائمیة قد انتقدت من جانب الإسلام ، و من جانب آخر أکّد الإسلام علی بعض الامور مثل الاهتمام بالمظهر الخارجی للزوج من أجل جذب رضا زوجته و ... أ فهل یمکن لنفس هذا الدین أن یجیز للزوج إهمال حاجة الزوجة و الالتذاذ الذاتی من الطرق المحرمة کالافلام اللااخلاقیة التی تبثّ عبر أجهزة الستلایت و الانترنیت و ... أو عن أی طریق محرم آخر، و لا یعتبر الرجل مقصّراً فی هذا المجال؟!

من المتیقّن ألا یکون هذا هو جوابکم و جوابنا، بل ان مثل هذا الرجل یعتبر طبقاً للموازین الإسلامیة مجرماً، و إذا أوجب هذا التصرف منه العسر و الحرج للمرأة فإنه طبقاً للقانون أیضاً یجوز لها الرجوع الی المحکمة لطلب الطلاق.[12]

و بالطبع فإنه ینبغی أن تذکر هذه الملاحظة و هی انه ینبغی علی الطرف المقابل أن لا یجعل التصرّفات المنحرفة للزوج مبرّراً للإنجرار نحو الانحراف و المسیر فی الطرق اللااخلاقیة لأن القرآن أمر الذین لا یتمکّنون من ایجاد علاقة جنسیة سلیمة أن یتعفّفوا الی أن تتوفّر الظروف المناسبة لذلک.[13]

و من جانب آخر فإننا نری هذا الکتاب السماوی یضع امرأتین عفیفتین و مؤمنتین کنموذج لجمیع المسلمین رجالاً و نساءً أحدهما آسیة زوجة فرعون ملک مصر الکافر و الظالم، حیث استشهدت بعد تحمّلها لمختلف المصائب.[14] و الاخری السیدة مریم و هی امرأة آنسة وصلت بسبب مراعاتها للعفة و الطهارة الی مرحلة رفیعة بحیث اعتبرت هی و ابنها آیة من آیات الله للبشر.[15]

و علی نفس هذا الأساس و بالنظر الی الشخصیة المستقلة للمرأة یمکننا أن نستنتج أن التجرّد و البقاء فی حالة العزوبة أو العیش مع رجال مذنبین و فاقدی الایمان، لا ینبغی أن یؤثّر علی طهارة النساء و یمنعهن من الارتباط بالله. و من المسلّم أن هؤلاء سیحصلن علی آجرهن من الله الحاکم بالعدل، و ان الرجال الذین تسبّبوا فی إیقاعهن فی مثل هذا العسر و الحرج سینالون جزاء أعمالهم.



[1] الطلاق، 6 (و ائتمروا بینکم بالمعروف).

[2] النساء، 3.

[3] النساء، 129، و راجع فی التفسیر الفقهی لهذه الآیة: الشیخ المفید، المقنعة، ص516، مؤتمر الشیخ المفید، قم 1413 هـ.ق.

[4] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج20، ص 243، حدیث 25544، مؤسسة آل البیت ، قم 1409 هـ.ق.

[5] نفس المصدر، ج 21، ص 23، حدیث 26423.

[6] نفس المصدر، ج 21، ص 22، حدیث 26421.

[7] هذا الفرض غیر موجود فی العصر الراهن لانتهاء قضیة العبید و الاماء.

[8] نفس المصدر، ج 21، ص 178، حدیث 26836.

[9] نفس المصدر، ج 20، ص 118، حدیث 25184.

[10] نفس المصدر، ج 21، ص 342-343، حدیث 27249.

[11] نفس المصدر، ج 20، ص 246، حدیث 25549.

[12] القانون المدنی، المادة 1130.

[13] النور، 33.

[14] التحریم، 11 (و ضرب الله مثلاً للذین آمنوا امرأة فرعون ...).

[15] التحریم، 12؛ الانبیاء 91.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257229 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128137 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113237 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88993 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59834 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59548 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49726 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47163 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...