بحث متقدم
الزيارة
6561
محدثة عن: 2009/01/01
خلاصة السؤال
هل للنبی و الامام ظل أم لا؟ و ما مدى اعتبار الروایات التی نقلت ذلک؟
السؤال
هناک روایات تشیر الى انه لیس لشخص النبی (ص) ظل؛ فهل هذه الروایات متواترة؟ و هل هی من باب المعجزة؟ و هل هذه الحالة موجودة فی الائمة ایضا؟ و اذا کان الرسول (ص) و الائمة یختلفون فی ذاتا مع الناس فلماذا لم یشر القرآن الکریم لذلک؟
الجواب الإجمالي

هذه القضیة لیست من القضایا التی تقع فی دائرة مجالات البحث العقلی لیحکم العقل فیها ثبوتا او نفیا و انما المصدر الوحید لاثباتها النقل فقط، و نحن اذا رجعنا الى المصادر السنیة و الشیعیة نجد ان المصادر الروائیة الاساسیة عند الطرفین لم تنقل ذلک (باستثناء کتاب من لایحضرة الفقیه فقد رویت فیه)، و انما نقلت القضیة فی بعض الکتب الفرعیة عند اهل السنة بان النبی لایرى له ظل، و هکذا رویت فی المصادر الشیعیة بان الامام لیس له ظل. و نحن لایمکننا ان نطمئن الى روایة واحدة فی قضیة بمثل هذه الاهمیة و الغرابة، فهل یعقل ان تخفى قضیة بهذا المستوى طوال تلک الفترة الطویلة خاصة عند الشیعة و لم تنقل الا فی روایة واحدة عن الامام الرضا (ع) ای بعد قرنین من الزمن ثم یتم السکوت عنها و عدم نقلها من عصر الامام الجواد (ع) الى عصر الغیبة الکبرى؟!

الجواب التفصيلي

ان الاجابة عن قضیة وجود الظل للرسول (ص) و الائمة (ع) لیست من القضایا التی تدخل فی دائرة الادراک العقلی حتى یحکم فیها نفیا او اثباتا، و انما هی قضیة ینحصر الطریق الیها بالنقل فقط، من هنا لابد من الرجوع الى المصادر الاسلامیة کتابا و سنة، اما الکتاب فلا توجد فیه أی اشارة الى هذا المعنى و لو اشارة بعیدة، و اما الروایات فیوجد روایات فی هذا المعنى، فبعض الروایات الواردة فی مصادر ابناء العامة تشیر الى ان الرسول الاکرم (ص) لیس له ظل، نشیر الیها:

قال ذکوان :" لم یر لرسول الله (ص) ظل فی شمس و لا قمر".

رواه الحکیم الترمذی و قال: معناه لئلا یطأ علیه کافر فیکون مذلة له.

و قال ابن سبع فی خصائصه: إن ظله (ص) کان لا یقع على الأرض و إنه کان نورا و کان إذا مشى فی الشمس أو القمر لا یظهر له ظل.

قال بعض العلماء: و یشهد له قوله (ص) فی دعائه: (واجعلنی نورا)[1] و[2].

اما المصادر الشیعیة فقد اشارت الى ان هذه الصفة هی من صفات الامام فقد روى الطالقانِی عن أَحمد الهمدانی عن علی بن الحسن بن فضَّال عن أبیه عن أبی الحسن علی بن موسى الرِّضا (ع)[3] قال: " لِلإِمام علامات یکون أعلم الناس و أَحْکم النَّاس و أَتْقَى النَّاس و أَحلم الناس و أَشجع النَّاس و أَسخى النَاس و أَعبد النَّاس ... و لا یکونُ لهُ ظل".‏[4]

و الملاحظ ان هذه الروایات السنیة و الشیعیة لایمکن الاطمئنان الى سندها اولا، و ثانیا ما هی الا روایة واحدة عند اهل السنة و روایة واحدة عند الشیعة عن الامام الرضا (ع) فهل یعقل ان مثل هکذا علامة مهمة موجودة فی الرسول الاکرم (ص) او الائمة (ع) و یشاهدها الصغیر و الکبیر و لاینقلها الرواة لنا و هم الذین نقلوا لنا من خصائصهم الکثیر و رصدوا حیاة النبی و اهل بیته (ع) بکل دقة و شمولیة؟! فهل یعقل ان یغفل کل اصحاب الرسول (ص) او یتعمدوا اخفاء مثل هکذا خصلة تثیر بطبعها المیل لنقلها.

فان قلت: انها نقلت فی المصادر السنیة حیث رووا ذلک - کما ذکرتم- انه (ص) لیس له ظل؟ نقول: اولا: ان هذا المقدار من النقل لایکفی قطعا و لایتناسب مع قضیة بهذه الاهمیة، فان خصلة بهذه الغرابة لایمکن ان تنحصر فی روایة واحدة حتى لو صح سندها. و لو سلمنا و قلنا انها رویت فی حق الرسول (ص) و قلنا هذه الروایة کافیة، فلماذا لم ینقل اصحاب الامام امیر المؤمنین او الامام الحسن او الامام الحسین الى عصر الامام الکاظم (ع)، و بقیت القضیة مهملة الى عصر الامام الرضا (ع) ای بقیت مهملة لمدة قرنین کاملین، ثم بعد ذلک تم السکوت عنها من عصر الامام الجواد (ع) الى نهایة عصر النواب الاربعة، ای اکثر من قرن من الزمن؟! فهل یعقل لقضیة بهذه الغرابة تهمل و لم تنقل طوال تلک الفترة الا بهذا المقدار المحدود قطعا؟! و ما هو الداعی لاخفائها کل تلک الفترة؟

اضف الى ذلک ان هذه الروایات التی نقلناها لم تنقل فی المصادر الاساسیة عند السنة مثل الصحاح الستة و غیرها و کذلک لم تنقلها المصادر الشیعیة الاساسیة الا کتاب من لایحضره الفقیه.

و هناک مسالة مهمة ینبغی الالتفات الیها و هی ان هذه القضیة المسؤول عنها اما ینظر الیها باعتبارها مسالة تاریخیة او ینظر الیها باعتبارها مسالة عقائدیة و فی الحالتین لایمکن ان نثبتها او ننفیها لمجرد وجود روایة واحدة فقط.

اما کونها معجزة فیرد علیه ان مجرد امکان کونها معجزة لا یکفی لاثباتها لان الاثبات یحتاج الى دلیل مثبت لها و کما علمت الدلیل غیر موجود، خاصة اذا عرفنا ان العلماء تابعوا و حردوا معجزاته (ص) و لم یذکروها من بینهن بالرغم من غرابتها و اهمیتها لو صحت و هذا یکشف عن کونها غیر ثابتة عندهم ایضاً.

على کل حال الروایة بعیدة قطعا عن التواتر بل حتى عن الاستفاضة و انما هی کما قلنا خبر واحد لایمکن الرکون الیه فی هذه القضیة.

فاذا اتضح هذا لا یبقى موضوع للاسئلة الباقیة.



[1]  أخرجه البخاری فی الصحیح، ج 11، ص 116 الحدیث (6316) و أخرجه مسلم فی الصحیح، ج 1، ص 525 - 526 ، الحدیث 187 / 763.

[2] سبیل الهدى و الرشاد، ج 2، ص90.

[3] نقلت الروایة بسند ثان هو: حدثنا أحمد بن زیاد بن جعفر الهمدانی قال: حدثنا علی بن إبراهیم بن هاشم عن أبیه عن علی بن معبد عن الحسین بن خالد قال: قال علی بن موسى الرضا (ع).....، (کمال‏الدین، ج 2، ص 371).

[4] بحار الانوار، ج 25، ص 116، الحدیث 1؛ و ج 52، ص 321؛ من‏ لایحضره‏الفقیه، ج 4 ، ص 419.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257235 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113240 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59549 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49727 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...