بحث متقدم
الزيارة
5234
محدثة عن: 2010/09/05
خلاصة السؤال
هل یعتبر اضافة بعض الالقاب الى النفس کآیة الله أو حجة الاسلام تکبراً؟
السؤال
هل من المناسب أخلاقیا بالنسبة الى العالم أن یضفی على نفسه صفة العالم أو المفکر؟ فعلى سبیل المثال هناک بعض الناس من یصف نفسه بانه آیة الله أو روحانی أو أنه حجة الاسلام و المسلمین و... فهل کان الائمة (ع) یفعلون ذلک؟ و ألا یتبادر من ذلک أن هذا من قبیل الاعجاب بالنفس أو التکبر؟
الجواب الإجمالي

من أهم الصفات الحمیدة صفة التواضع التی تؤدی بصاحبها الى النمو و التکامل، فی مقابل التکبر و الاعجاب بالنفس الذی هو من أقبح الرذائل الاخلاقیة، لان المتکبر یرى نفسه اکبر مما هو موجود فی مقابل الآخرین. من هنا لو کان الانسان یرى نفسه فی موضعها الطبیعی و لا یخرج بها عن واقعها التی هی علیه فلا یعد متکبراً. أضف الى ذلک أنه فی کثیر من الحالات یرى العلماء و المفکرون أنفسهم مضطرین للتعریف ببعض الالقاب کی یعرف الناس قدراتهم العلمیة و لیستفیدوا منها فی حل مشاکلهم.

اما بالنسبة الى الانبیاء فباعتبار أن القضیة فی غایة الاهمیة و حیاتیة، من هنا نرى الباری تعالى یأمر أنبیاءه بان یعرفوا أنفسهم فی اوساط المجتمع مؤیدین دعوتهم بالمعجزة، کذلک الأمر بالنسبة الى الائمة المعصومین (ع) المنصوبین من قبل النبی (ص) أو من قبل الامام السابق، لکن فی کثیر من الاحیان تقتضی الضرورة أن یقوم الامام بتعریف نفسه و الاشارة الى فضائلة و سابقته و قدراته العلمیة و یطرح نفسه کقائد للمجتمع.

الجواب التفصيلي

التواضع من أهم الصفات الحمیدة التی تأخذ بید صاحبها نحو النمو و التکامل و الارتقاء، یقول الامام الصادق (ع): " من تواضعَ لِلَّه رفعهُ اللَّهُ و منْ تکبَّرَ وضعهُ اللَّهُ"[1] فالشخصیات الکبیرة تکون فی الغالب مجهولة و مغمورة؛ لانهم یکتمون قدراتهم و طاقاتهم، بل قد لا یعرفهم حتى بعد موتهم الا القلیل من الناس.

فی مقابل ذلک تجد صفة التکبر و الاستعلاء و العجب من الصفات الذمیمة جداً، فقد روی عن أمیر المؤمنین (ع) أنه قال: " من تکبر على الناس ذل"[2]. فالمتکبر یرى نفسه أکبر من واقعها بحیث و یتوقع من الناس أن یمنحوه من الاحترام و التبجیل أکثر مما هو علیه. من هنا لو فرضنا أن انساناً یرى نفسه فی مکانها الحقیقی فهذا لیس من المتکبرین.

بطبیعة الحال، أنه فی کثیر من الحالات یرى العلماء و المفکرون أنفسهم مضطرین للتعریف بانفسهم من خلال بعض الالقاب کی یعرف الناس قدراتهم العلمیة و لیستفیدوا منها فی حل مشاکلهم. فعلى سبیل المثال لو لم ینصب الطبیب المختص على باب مطبه لوحة تشیر الى تخصصة و الشهادة العلمیة التی یحملها فکیف یتسنى للمریض معرفة ذلک و الاستفادة من تلک القدرات لحل مشکلته الصحیة؟ ففی مثل هذه الحالات ینبغی على العلماء و المفکرین التعریف بانفسهم فربما تؤدی جهالة الامة بعلمائها الى وقوعها فریسة بید المدعین الکاذبین.

هذا الکلام بعینة یصدق بحق علماء الدین المسلمین، فاذا لم تعرف الامة علماءها الحقیقیین و لم ترجع الیهم فی حل مسائلها الدینیة و العقائدیة فقد تقع فریسة للمضللین و المنحرفین؛ من هنا تقتضی الضرورة أن نحث العلماء و المفکرین الحقیقین على التعریف بانفسهم لتطلع الامة على قدراتهم العلمیة لکی لا تقع فریسة بید الکذابین و المنتحلین.

نعم، لو کان ذلک التعریف یتم من خلال المؤسسات المختصة لا من خلال الاشخاص انفسهم لکان أبعد للشبهات و افضل فی سد باب الاتهامات.

اما بالنسبة الى الانبیاء فباعتبار أن القضیة فی غایة الاهمیة و حیاتیة، من هنا نرى الباری تعالى یأمر أنبیاءه بان یعرفوا أنفسهم فی اوساط المجتمع مؤیدین دعوتهم بالمعجزة، کذلک الأمر بالنسبة الى الائمة المعصومین (ع) المنصوبین من قبل النبی (ص) أو من قبل الامام السابق، لکن فی کثیر من الاحیان تقتضی الضرورة أن یقوم الامام بتعریف نفسه و الاشارة الى فضائلة و سابقته و قدراته العلمیة و یطرح نفسه کقائد للمجتمع و لاتمام الحجة على الناس، یقول أمیر المؤمنین (ع): " و الله لقد خلفنی رسول الله (ص) فی أمته فأنا حجة الله علیهم بعد نبیه، و إن ولایتی لتلزم أهل السماء کما تلزم أهل الأرض، و إن الملائکة لتتذاکر فضلی و ذلک تسبیحها عند الله. أیها الناس اتبعونی أهدکم سبیل الرشاد لا تأخذوا یمیناً و شمالاً فتضلوا، أنا وصی نبیکم و خلیفته و إمام المتقین و المؤمنین و أمیرهم و مولاهم و أنا قائد شیعتی إلى الجنة"[3].



[1] الکلینی، الکافی، ج 2، ص 122، ح 3، دارالکتب الاسلامیة، طهران، 1365.

[2] الکافی، ج 8، ص 18 ، ح 4.

[3] ابن شاذان القمی، مئة منقبة، ص 59، نشر مدرسة الامام المهدی، قم، 1407، المنقبة الثانیة و الثلاثون.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257239 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59550 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49732 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...