بحث متقدم
الزيارة
13138
محدثة عن: 2009/12/12
خلاصة السؤال
ما حكم تعاطي الرشوة؟
السؤال
هل يحرم أخذ الرشوة؟ و هل القضية تتعلق بالمكان و المجتمع الذي نعيش فيه؟ و ما هي علة التحريم؟
الجواب الإجمالي

الرشوة لغة تعني: ما يعطيه الشخص الحاكم و غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، و الجمع" رشا" مثل سدرة و سدر، و الضم لغة، و أصلها من" الرشاء" الحبل الذي يتوصل به إلى الماء، و جمعه" أرشية" ككساء و أكسية.[1] و هي اصطلاحاً: الوُصلة إلى الحاجة بالمُصانعة . و أصله من الرِشاء الذي يُتَوصَّل به إلى الماء . فالراشي مَن يُعطِ الذي يُعِينه على الباطل . و المُرْتَشِي الآخِذُ.[2]

أما الفقهاء فقد اختلفت كلمتهم في تحديد موضوعها، يقول السيد الخوئي (ره):  لم نجد نصا من طرق الخاصة و من طرق العامة يحقق موضوع الرشوة، و يبيّن حقيقتها، غير أنه ورد في بعض الروايات أنها تكون في الأحكام، و لكنها لم توضح أن الرشوة هل هي بذل المال على مطلق الحكم، أو على الحكم بالباطل؟ بل لا يفهم منها الاختصاص بالأحكام، و إلا لما صح إطلاقها في غيرها. و كيف كان فلا بد في تحقيق مفهومها من الرجوع الى العرف و اللغة و كلمات الأصحاب.[3]

الا أنهم أقاموا الدليل على حرمتها من القرآن و السنة و العقل و الاجماع.[4]

1. الدليل القرآني

قال تعالى في كتابه الكريم: " وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَريقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُون".[5]

و الإدلاء هو إرسال الدلو في البئر لنزح الماء كني به عن مطلق تقريب المال إلى الحكام ليحكموا كما يريده الراشي، و هو كناية لطيفة تشير إلى استبطان حكمهم المطلوب بالرشوة الممثل لحال الماء الذي في البئر بالنسبة إلى من يريده.[6] و إذا حرم الإعطاء حرم الأخذ أيضا، للملازمة بينهما.[7]

2. الروايات

عد الكثير من الروايات تعاطي الرشوة من مصاديق الكفر؛ كالنبوي الشريف:" إِيَّاكمْ و الرِّشْوَةَ فإِنَّها محضُ الكفر و لا يشمُّ صاحبُ الرِّشوة ريحَ الجنَّة"[8]، و عن الامام الصادق (ع): " فَأَمَّا الرِّشا في الحُكم فإِنَّ ذلك الكفرُ باللَّه العظيم جلَّ اسمهُ و برسوله (ص)".[9]

3. الاجماع

الدليل الثالث الذي أقامه الفقهاء على حرمة الرشوة الاستناد الى إجماع المسلمين من الفريقين.[10]

4. العقل

لا ريب أن شيوع ظاهرة الارتشاء و تعاطي الرشوة يصيب المجتمع بالكثير من الاضرار، فعندما يتمكن الاثرياء من تحقيق مآربهم من خلال المال، حينئذ يوصد الباب أمام الفقراء و المساكين في تحقيق حقوقهم، و عندما لا يتحرك الحاكم و القاضي و المسؤول الا بالاتجاه الذي تشير اليه بوصلة المال، لاريب ان ذلك يعني التنصل عن المسؤوليات و سحق القوانين العامة و بالتالي هدر حقوق الفقراء و الضعفاء، من هنا نرى بعض العلماء استند في تحريمها الى الدليل العقلي كالمقدس الاردبيلي في كتابه "مجمع الفائدة و البرهان" حيث قال: يحرم على القاضي الرشوة دليله العقل و النقل، كتابا و إجماعا من المسلمين و سنّة.[11]

و في الختام نشير الى بعض فتاوى مراجع التقليد في هذا المجال:

الامام الخمیني: أخذ الرشوة و إعطاؤها حرام إن توصل بها إلى الحكم له بالباطل، نعم لو توقف التوصل إلى حقه عليها جاز للدافع و إن حرم على الآخذ، و هل يجوز الدفع إذا كان محقا و لم يتوقف التوصل إليه عليها؟ قيل: نعم، و الأحوط الترك، بل لا يخلو من قوة، و يجب على المرتشي إعادتها إلى صاحبها من غير فرق في جميع ذلك بين أن يكون الرشاء بعنوانه أو بعنوان الهبة أو الهدية أو البيع المحاباتي و نحو ذلك.[12]

اما الآيات العظام التبريزي، السيستاني و الوحيد: یجوز اعطاء الرشوة في غير باب القضاء لاحقاق الحق، و لكن لا يجوز لمن وظيفته القيام بالامر أخذها.[13]

رأي سماحة آية الله الشيخ مهدي هادوي الطهراني (دامت بركاته):

الرشوة في الاصطلاح الفقهي المال الذي يأخذه القاضي ليحكم بالباطل، و هذا المال حرام مطلقا.

أما الرشوة بمعناها المتداول اليوم فتعني أخذ المال مقابل القيام بعمل مخالف للقانون، و هذه أيضا تحرم مطلقاً.

نعم، صحيح أن أخذ الرشوة حرام مطلقا، لكن لو توقف استرجاع الحق الواقعي عليها، و كان صاحب الحق مجبراً  جاز له دفع مقدار من المال لتحصيل حقه من خلال اعتماد الطرق غير القانونية.

 


[1] مجمع البحرین، ج 1، ص 184.

[2] ابن اثیر، النهایة، ج 2، ص 226، المكتبة العلمية - بيروت ، 1399هـ - 1979م، تحقيق : طاهر أحمد الزاوي - محمود محمد الطناحي.

[3] الخوئي،مصباح الفقاهة،ج1، ص 262.

[4] نفس المصدر.

[5] البقرة، 188.

[6] العلامة الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 52، جماعة المدرسين، قم، الطبعة الخامسة، 1417هـ.

[7] مصباح الفقاهة (المكاسب)، ج‏1، ص: 264.

[8] بحار الأنوار، ج‏101، ص: 274.

[9] وسائل الشيعة، ج‏17، ص: 92، الباب الخامس. الحديث الاول.

[10] النجفي،جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‏22، ص 145؛مصباح الفقاهة،ج1،ص263.

[11] المقدس الاردبیلي، مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‏12، ص 49،مکتب الاعلام الاسلامي،قم،1403قمري.

[12] تحرير الوسيلة، ج‏2، ص: 406.

[13] آية‏الله التبريزي، الاستفتاءات، س 999 آية‏ الله الوحيد، منهاج الصالحين، ج 3، م 32 و آية ‏الله السيستاني Sistani.org.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية