بحث متقدم
الزيارة
5343
محدثة عن: 2011/05/09
خلاصة السؤال
ما هو الطریق المساعد فی تشخیص العمل الصالح عن العمل الطالح خاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار الآیات 103 و104 من سورة الکهف؟
السؤال
جاء فی الآیتین 103 و104 من سورة الکهف: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرینَ أَعْمالاً* الَّذینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعا" و هنا یطرح السؤال التالی: ما السبیل الى تمییز العمل الصالح عن العمل الطالح؟
الجواب الإجمالي

تعرضت الآیات المبارکة للتعریف بالخسران المبین و التعاسة التی ما فوقها تعاسة و الذی عبرت عنه بالخسران المبین و ذلک عندما یفقد الانسان ملکة التمییز بین الحق و الباطل و الصالح و الطالح، و هذا هو الخسران الحقیقی الذی یفقد فیه الانسان رأسماله المادی و المعنوی و یضعه فی الطریق المنحرف، و مع ذلک یحسب أنه یحسن صنعا!! فلا ینتفع من سعیه و حرکته و لا هو اتعظ من الخطأ و لم یحترز من الوقوع فیه مرة أخرى.

و هذا الانحراف و الضلال ینشأ من عدة عوامل منها اتباع هوى النفس و الانسیاق مع العقائد الباطلة و الافکار المنحرفة؛ و اما لو استجاب الانسان لنداء الفطرة التی تدعوه دائما الى عمل الصالحات و تسوقه نحو الخیرات و تحذره من مخالفة الباری تعالى، فحینئذ یمتلک القدرة على التمییز بین الاعمال الصالحة و الطالحة، و لقد أشار القرآن الکریم الى هذه الحقیقة فی قوله تعالى: "یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ یَجْعَلْ لَکُمْ فُرْقاناً وَ یُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَ یَغْفِرْ لَکُمْ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ".

الجواب التفصيلي

من الواضح أن الآیتین من سورة الکهف "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالْأَخْسَرینَ أَعْمالاً* الَّذینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعا"[1] تشیران بنحو کلی الى نوعین من التفکیر و الحسبان فهناک تفکیر و حسبان حسن و الآخر ظاهره الصلاح و باطنه الضلال؛ و نحن اذا نظرنا الى العوامل الفاعلة فی الخطأ فی التفکیر و فقدان ملکة التمییز الصحیحة بین الحسن و القبیح، یمکننا الاشارة الى عدة عوامل:

1. اتباع هوى النفس: من نتائج اتباع الهوى و الانسیاق وراء رغبات النفس الأمارة و میولها و عدم التقوى، اختلال الموازین عند الانسان فیحسب أعماله الطالحة صالحة و القبیحة جمیلة. و بعبارة أخرى: ان الانسان اذا سار مع الفطرة التی تدعوه دائما الى عمل الصالحات و تسوقه نحو الخیرات و تحذره من مخالفة الباری تعالى، فحینئذ یمتلک القدرة على التمییز بین الاعمال الصالحة و الطالحة، قال تعالى فی کتابه الکریم: "یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ یَجْعَلْ لَکُمْ فُرْقاناً وَ یُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ و یَغْفِرْ لَکُمْ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ".[2]

قال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنیفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتی‏ فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُون‏".[3]

یعنی أن الفطرة تسوق الانسان نحو الله تعالى، و لکن قد تؤدی الذنوب التی یقترفها الانسان الى القضاء على هذا النداء الباطنی و جرّه الى اتباع الشیطان و فی نهایة المطاف تلتبس الامور علیه فیفقد حاسة التمییز بین الحق و الباطل و الصالح و الطالح.

قال تعالى فی کتاب الکریم: "وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ قَدْ تَبَیَّنَ لَکُمْ مِنْ مَساکِنِهِمْ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبیلِ وَ کانُوا مُسْتَبْصِرین‏".[4]

و قد صرحت یات کثیرة بتزیین الشیطان الاعمال القبیحة للانسان و اظهارها بمظهر الحسن و الخیر.

2. الافکار و العقائد الباطلة: قد یحصل الالتباس بین الخیر و الشر و القبیح و الحسن نتیجة عدم تعقل الانسان و إمعانه فی عواقب تلک الافعال، الأمر الذی یجعله یتصور الباطل حقا و القبیح حسناً.

نکتفی بذکر هذین العاملین و ندعوکم لمراجعة الکتب الروائیة و الاخلاقیة التی تعرضت لبیان هذه المشکلة.



[1] الکهف، 103-104.

[2] الانفال، 29.

[3] الروم، 30.

[4] الکهف، 38.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279472 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257343 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113318 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89033 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59887 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59592 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56884 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49825 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47195 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...