بحث متقدم
الزيارة
5368
محدثة عن: 2011/07/21
خلاصة السؤال
ما المراد فیما ورد فی الآیة 8 من سورة النمل فی قوله (من فی النار و من حولها)؟
السؤال
ما المراد فیما ورد فی الآیة 8 من سورة النمل فی قوله (من فی النار و من حولها)؟
الجواب الإجمالي

فیما یخص المراد فی الآیة 8 من سورة النمل فإن للمفسرین نظریات مختلفة، فالبعض یذهب إلى أن (من فی النار) هو الله، و المعنى أنه بورک الذی أظهر قدرته و سلطته فی النار، لأن الصوت کان یأتی من الشجرة التی کانت تحیطها النار من جمیع أطرافها کما ورد فی آیات سورة القصص، و یذهب البعض الآخر إلى أن المراد بالنار هنا النور، و الذی فی النار قدرة الله و من حولها موسى (ع). و یقول البعض الآخر من المفسرین: المراد (بمن فی النار) الملائکة حیث کانوا حاضرین فی النار، و المراد بـ(من حولها) موسى (ع)، و هناک فئة أخرى تعتقد العکس: أی أن المراد بالجملة الأولى موسى (ع) و المراد بالجملة الثانیة الملائکة.

الجواب التفصيلي

قال تعالى: (فَلَمَّا جاءَها نُودِیَ أَنْ بُورِکَ مَنْ فِی النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمین‏)، و فیما یخص قوله تعالى: (من فی النار و من حولها) فللمفسرین عدة نظریات و أقوال مختلفة فی المسألة، و قبل بیان ما ذهب إلیه المفسرون نرى من الضروری توضیح معنى کلمة (بورک) الواردة فی الآیة المبارکة. (بورک) فعل ماض مبنی للمجهول من (برک) باب مفاعلة والمبارکة تعنی إعطاء الخیر الکثیر، یقال (بارکه) وکذلک (بارک علیه) وکذلک (بارک فیه) أی أنه أضفى علیه وإلیه الکثیر.[1]

وفی سورة (طه) عندما تصل أحداث قصة موسى إلى هذا الموضع و أی نداء انطلق من النار قال تعالى (فلما أتاها نودی یا موسى...)[2].

و أما فیما یخص المراد فی قوله (من فی النار) فقد جاءت آراء المفسرین متباینة و مختلفة نشیر إلى بعض منها:

1-      یرى البعض أن المراد بـ(من فی النار) هو الله سبحانه، و المعنى هنا أنه بورک من ظهرت قدرته و سلطانه فی النار، لأن النداء خرج من الشجرة و الشجرة محاطة بالنار کما یشهد لذلک ما جاء فی سورة القصص. ویکون المعنى على أساس هذا التفسیر أنه مبارک من تجلى لک بکلامه من خلال النار وأعطاک خیراً کثیراً، وطبقاً لهذا التفسیر فإن معنى قوله (و سبحان الله رب العالمین) أن الله منزة من أن یکون جسماً أو جسمانیاً أو أن یحیط به مکان أو أن تنال منه الحوادث.[3]

2-       و ذهبت مجموعة أخرى من المفسرین إلى القول: بان المراد بالنار هنا هو النور و من فی النار قدرة الله و من حولها موسى (ع)، و معنى الآیة طبقاً لهذا التفسیر أن ما ظنه موسى ناراً إنما هو نور مبارک أوجده الله تعالى بقدرته، و أن موسى واقف حوله وهو مبارک أیضاً، وأن الله اختاره لحمل رسالته.[4]

3-      وقال بعض المفسرین: المراد بقوله (من فی النار) الملائکة الحاضرون فی النار، کما أن المراد بـ (من حولها) موسى (ع).[5]

وقد ورد فی بیان آخر: المراد بـ(من حولها) فی الآیة مورد البحث کل من کان حول النار، إما إن یکون هو موسى بمفرده، و إما أن یکون الآخرون حاضرین، والمراد بکونه مبارکاً هو اختیاره بعد تقدیسه.[6]

4-       و هناک مجموعة أخرى تذهب إلى العکس، أی أنهم قالوا: المراد من الجملة الأولى موسى (ع) ومن الجملة الثانیة الملائکة.[7]

وبعبارةٍ أخرى أکثر وضوحاً أن المراد بمن فی النار هو موسى (ع) و ذلک أنه صار على مقربة من تلک الشعلة التی بدت وکأنها تخرج من الشجرة حتى کأنه صار فی وسطها، وأن المراد بمن حولها الملائکة المقربون المحدقون بهذه البقعة المقدسة فی تلک اللحظات، أو أن المراد بمن فی النار الملائکة و من حولها موسى (ع).[8]



[1]  الراغب الأصفهانی، حسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن، ج 1، ص 119، دارالعلم الشامیة، بیروت، 1412ق؛ الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، الموسوی الهمدانی، سید محمد باقر، ج ‏15، ص 487، مکتب المنشورات الإسلامیة، قم، الطبعة الخامسة، 1374.

[2] الطباطبائی، سید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، الموسوی الهمدانی، السید محمد باقر، ج ‏15، ص 487.

[3] الطبرسی، مجمع البیان فی تفسیر القرآن ، ج‏7، ص 331، ناصر خسرو، طهران، الطبعة الثالثة، 1372.

[4] مغنیه، محمد جواد، تفسیر الکاشف، ج‏6، ص 8، دارالکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الأولى، 1424ق.

[5] مکارم الشیرازی، ناصر، التفسیر الأمثل، ج ‏15، ص 407-408، دارالکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الأولى، 1374.

[6] الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، الموسوی الهمدانی، السید محمد باقر، ج ‏15، ص 487.

[7] الآلوسی، سید محمود، روح المعانی، ج 19، ص 160،دارالکتب العلمیة، بیروت، 1415ق.

[8] مکارم الشیرازی، ناصر، التفسیر الأمثل، ج ‏15، ص 407-408.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257251 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128143 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113248 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59838 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56856 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49741 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...