بحث متقدم
الزيارة
4880
محدثة عن: 2007/11/14
خلاصة السؤال
ما المراد بشیطان الإنس؟
السؤال
ما المراد بشیطان الإنس؟
الجواب الإجمالي

الشیطان اسم عام لکل موجود طاغ و منحرف، سواء کان من نوع الإنسان أو الجن أو أی نوع آخر، و لم یطلق القرآن الکریم اسم الشیطان على موجود خاص بعینه، و إنما أطلق الاسم على الإنسان الشریر الفتان المفسد.

و على هذا الأساس فإن المراد من (شیاطین الإنس) فئة من الناس أعرضت عن امتثال الأوامر الإلهیة فانحرفت و ضلت، کما أنها تسعى لإفساد و إضلال الآخرین.

الجواب التفصيلي

صیغة (الشیطان) مشتقة من مادة (شطن) بمعنى المبتعد، و حیث أن الشیطان بعید عن عمل الخیر، و کذلک أبعد عن رحمة الله فلذلک سمی شیطاناً [1] .

و الشیطان اسم جنس عام، و إبلیس اسم خاص و علم، و بعبارة أخرى، إن الشیطان یطلق على کل موجودٍ طاغٍ منحرف و مؤذ ٍ سواء کان من نوع الإنسان أو من غیره، و أما إبلیس فهو اسم الشیطان الذی أغوى آدم (ع) و لا یزال یترصد الإنسان و یکمن له على الصراط المستقیم. [2]

یقول صاحب صحاح اللغة:کل معرض عن الحق و الحقیقة، سواء کان من قبل أفراد الإنسان، أو من الجن أو من الحیوان فهو شیطان. [3] و یمکن الاستفادة من مواضع استعمال القرآن لصیغة (الشیطان) فی القرآن الکریم والمستفاد أن الشیطان موجود مؤذٍ و مضر، و منحرف عن طریق الصواب، و أنه یسعى لإلحاق الأذى بالآخرین کما ورد فی القرآن الکریم: «إِنَّمَا یُرِیدُ الشَّیْطَانُ أَنْ یُوقِعَ بَیْنَکُمُ الْعَدَاوَةَ وَ الْبَغْضَاءَ». [4]

لم یطلق اسم الشیطان على موجودٍ خاص فی القرآن الکریم، بل أنه أطلق حتى على الإنسان الشریر المفسد: «وَ کَذَلِکَ جَعَلْنَا لِکُلِّ نَبِیٍّ عَدُوّاً شَیَاطِینَ الإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ». [5]

و حینما أطلق اسم الشیطان على إبلیس فإن ذلک یرجع إلى ما یحمل من الشر و الفساد. [6]

و لفظ الشیطان أطلق حتى على المیکروبات، «لا تبیتوا القمامة فی بیوتکم فإنها مقعد الشیطان». [7] و حیث أن القمامة تکون محل لجمع الحیوانات المؤذیة و الحشرات لذلک أطلق على هذه الموجودات اسم الشیطان.

إضافةً إلى ذلک فقد أدرج القرآن الکریم الکثیر من المسمیات و المفاهیم تحت عنوان (الشیطان) منها: إتباع الهوى، و الحسد، و الغضب، و التکبر... و کذلک أطلق على المنافقین اسم الشیطان ودعوا به. [8]

و على هذا الأساس فإن لفظ (الشیطان) له معان متعددة، و إن إبلیس واحد من أبرز مصادیقها، و کذلک أتباعه و جنوده، و المصداق الآخر هو الإنسان الشریر المفسد المنحرف، و قد جاءت بمعنى المیکروبات المؤذیة ایضا. [9]

و بعبارة أخرى، فإن الشیطان بالمعنى الأساسی کأنه مفهوم وصفی بمعنى (شریر)، و قد استعمل مفهوم الشیطان بهذا المعنى فی القرآن الکریم، إلاّ ما کان یشار به إلى إبلیس، أو ما کان یشیر إلى کل موجود شریر أصبح الشر ملکة راسخة فی وجوده.

إذن فمن الممکن أن یکون الشیطان من الجن أو من الإنس. و إن من بین شیاطین الجن یوجد فردٌ ممتاز یکتسب رتبة متقدمة فی الشیطنة و هو إبلیس. [10]

و هناک اختلاف فی وجهات النظر حول انتماء إبلیس، فهل هو من جنس الملائکة أم أنه ینتمی إلى الجن؟

و المستفاد من ظاهر بعض الآیات القرآنیة أن إبلیس من الملائکة، «وَ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا». [11] و فی الآیة الأخرى قال: «فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِیسَ کان من الجن ففسق عن امر ربه». [12] إذن فإبلیس من الجن، ولکن بسبب انضمامه إلى صف الملائکة فی العبادة صح أن ینسب إلیهم، و أن یشمله الخطاب الموجه إلیهم. [13]

النتیجة:

الشیطان یطلق على کل موجود معرض عن الحق متکبرٍ طاغٍ و فی نفس الوقت یسعى لإیجاد الفتنة و إضلال الآخرین، و من الممکن أن یکون من أنواع الإنس أو الجن أو الحیوان أو أی نوعٍ آخر و إن المراد من (شیاطین الإنس) فئة من الناس تتصف بهذه الخصوصیات وتؤدی هذه المهمات.

لمزید الاطلاع انظر مواضیع ذات صلة: الشیطان و الموت، رقم السؤال 398؛ بکاء الشیطان و تضرعه، رقم السؤال 762. فلسفة خلق الشیطان،233 (الموقع: ۱۷۵۳) ؛ اهداف الشیطان وبرنامجه، رقم السؤال 234.



[1] مجمع البحرین، مادة "شطن".

[2] شریعتمداری، جعفر، شرح و تفسیر لغات قرآن "شرح و تفسیر لغات القرآن"، ج2، 490؛ بیستونی، محمد، شیطان شناسی از دیدگاه قرآن کریم " معرفة الشیطان فی نظر القرآن، ص12.

[3] صحاح اللغة، مادة "شطن"، ج5، ص2144.

[4] المائدة، 91.

[5] الأنعام، 112.

[6] بیستونی، محمد، شیطان شناسی از دیدگاه قرآن کریم " معرفة الشیطان فی نظر القرآن"، ص13ـ14.

[7] الری شهری، محمد، میزان الحکمة، ج13، ص6340.

[8] الموسوی الغروی، محمد جواد، آدم از نظر قرآن، " آدم فی نظر القرآن"، ج2، فصل9، إطلاقات الشیطان، ص327ـ398.

[9] بیستونی، محمد، معرفة الشیطان فی نظر القرآن، ص13ـ14.

[10] مصباح الیزدی، محمد تقی، معارف قرآن" معارف القرآن"، ج1ـ3، ص297ـ298.

[11] البقرة، 34.

[12] الکهف، 50.

[13] للإطلاع أکثر یراجع: مصباح الیزدی، محمد تقی، معارف القرآن، ج1ـ3، ص298ـ299؛ المطهری، مرتضى، آشنایی با قرآن "معرفة القرآن"، ج9، ص185.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279358 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256905 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112877 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88918 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59627 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56811 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49384 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47110 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...