بحث متقدم
الزيارة
6292
محدثة عن: 2014/02/19
خلاصة السؤال
هل آیة " أَ فَإِیْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِکُمْ " جملة خبریة أم إنشائیة؟ و ما معنی التردید بین الموت و القتل؟
السؤال
هل آیة " أَ فَإِیْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِکُمْ " جملة خبریة أم إنشائیة؟ و ما معنی التردید بین الموت و القتل؟
الجواب الإجمالي
عندما ترک عدد من الرماة المسلمین حراسة جبل عینین فی غزوة اُحد، ودارة الدائرة على المسلمین  ووقعت الصیحة التی ارتفعت فجأة فی ذروة القتال بین المسلمین و الوثنیین أن محمّداً قد قتل.
و لقد قارنت هذه الصیحة نفس اللحظة التی رمى فیها «عمرو بن قمئة الحارثی» النبی (ص) بحجر فکسر به رباعیته و شجه فی وجهه، فسأل الدم، و غطى  وجهه الشریف  فقد کان العدو یرید فی هذه اللحظة أن یقضی على رسول اللّه، و لکن «مصعب بن عمیر» و هو من حملة الرایات فی الجیش الإسلامی ذب عنه حتّى قتل دون النبی، فتوهم العدو أن النبی قد قتل، و لهذا صاح: إلّا أن محمّدا قد قتل، لیخبر الناس بذلک الأمر.
و قد کان لانتشار هذا الخبر أثره الإیجابی فی معنویات الوثنیین بقدر ما ترک من الأثر السی‏ء فی نفوس المسلمین حیث تزعزعت روحیتهم و زلزلوا زلزالا شدیدا، فاضطرب جمع کبیر منهم کانوا یشکلون أغلبیة الجیش الإسلامی، و أسرعوا فی الخروج من میدان القتال، بل و فکر بعضهم أن یرتد عن الإسلام بمقتل النبی و یطلب الأمان من أقطاب المشرکین. ومن المؤمنین من قال: یا قوم إن کان قد قتل محمّد فربّ محمّد لم یقتل فقاتلوا على ما قاتل علیه رسول اللّه (ص) و موتوا على ما مات علیه. فأنزل الله تعالی فی ذلک: [1] "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ  أَ فَإِیْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِکُمْ  وَ مَن یَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَیْهِ فَلَن یَضرُّ اللَّهَ شَیْا  وَ سَیَجْزِى اللَّهُ الشَّاکِرِین". [2]
لقد علّم الله سبحانه فی هذه الآیة حقیقة للمسلمین و هذه الحقیقة هی أن الإسلام لیس دین عبادة الشخصیة حتّى إذا قتل النبی (ص) و نال الشهادة فی هذه المعرکة- افتراضا- ینتهی کلّ شی‏ء و یسقط واجب الجهاد و النضال عن کاهل المسلمین، بل إن هذا الواجب مستمر، و علیهم أن یواصلوه لأن الإسلام لا ینتهی بموت النبی أو استشهاده، و هو الدین الحقّ الذی أنزل لیبقى خالدا إلى الأبد. [3]
وعن إبن عباس قال: کان علی بن أبی طالب (ع) یقول فی حیاة النبی (ص): "إن الله تعالی یقول فی کتابه " وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِیْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِکُمْ" و الله لا نقلب علی أعقابنا بعد إذ هدانا الله. و الله لئن مات أو قتل لأقاتلن علی ما قاتل علیه و من أولی به منی و أنا أخوه و وارثه و إبن عمّه(ع)".[4]
أما جملة "أفإن مات أو قتل" لم تکن للتردید، بل إن الآیة فی مقام بیان تمام فرضیات المسألة، فعلی کلتا الحالتین یجب الدفاع عن الإسلام و المسلمین و لا ینبغی ترک الدین الإسلامی و الرجوع منه، و علیه فالهمزة هنا همزة استفهام إنکاری.[5] و الآیة فی مقام إنکار هذا المعنی، لا أن الله عزّ و جل فی مقام التردید و الجهل بالحقیقة، و هذه الصفة محال علی الله سبحانه.
 

[1] الواحدی، علی بن أحمد، أسباب نزول القرآن، تحقیق: زغلول، کمال البسیونی، ص 128-129، دار الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الأولی، 1411 ق.
[2] آل عمران، 144.
[3] مکارم الشیرازی، ناصر،  الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج‏2، ص: 719، مدرسة الامام علی بن ابی طالب ، قم، الطبعة الأولی، 1421ق.
[4] فرات الکوفی، أبو القاسم، تفسیر فرات الکوفی، تحقیق: المحمودی، محمد کاظم، ص 96، مؤسسة طبع و نشر وزارة الإرشاد الإسلامیة، طهران، الطبعة الأولی، 1410 ق.
[5] الصافی، محمود بن عبد الرحیم، الجدول فی أعراب القرآن، ج 4، ص 323، دار الرشید، مؤسسة الإیمان، دمشق، بیروت، الطبعة الرابعة، 1418 ق.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257245 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128141 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56855 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49733 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...