بحث متقدم
الزيارة
5427
محدثة عن: 2012/01/16
خلاصة السؤال
هل ان قول (علی وارث) صحیح؟
السؤال
ان بعض الناس هنا فی الباکستان یقولون و یکتبون هکذا :علی (ع) وارث. فهل هذا العمل صحیح؟ و هل هو مخالف لمعتقدات المسلمین؟
الجواب الإجمالي

الوارث هو الشخص الذی یصل الیه مال او مقام عن المیت من دون اسباب ظاهریة مثل الشراء و البیع و غیره، بل بواسطة السبب او النسب.

وفی الآیات القرآنیة الکریمة اعتبر یحیی (ع) وارثاً لزکریا (ع) و سلیمان (ع) وارثاً لداوود (ع) و قد ورد فی روایاتنا و روایات أهل السنة اعتبار .علی (ع) وارثاً للنبی (ص) و کنموذج علی ذلک نشیر الی مورد واحد:

سألت قثم بن العباس : کیف ورث علی رسول الله (ص) دونکم ؟ قال: «لأنه کان أولنا به لحوقا ، وأشدنا به لزوقا» و بناءً علی هذا فان اصطلاح (علی وارث) مستخرج فی روایات الشیعة و السنة و هو ینسجم مع معتقدات المسلمین و لا یتنافی أبداً مع عقائدهم.

الجواب التفصيلي

قبل التعرض لمعنی الوارث نبحث اولاً عن مفهوم الارث فی مصادر متعددة ثم نتعرض لمعنی الوارث.

یقول الراغب: ورث: الوراثة و الارث انتقال قنیة إلیک عن غیرک من غیر عقد و لا ما یجرى مجرى العقد، و سمّی بذلک المنتقل عن المیت فیقال للقنیة الموروثة میراث و إرث[1].

و قیل ایضاً: هو ان یکون الشیء لقوم ثم یصیر الی آخرین بنسب او سبب[2] و قال بعضهم ایضاً: وراثة الوارث هی انتقال المال الیه من شخص من دون شراء و شبهة فیقال لمال المیت میراث وارث و تراث. و قال الطبرسی: المیراث هو ما یصل ما بعد الموت من شخص الی آخر[3]. و أما موارد استعمال کلمة (الارث) فی القرآن و الروایات، فان لها مفهوماً واسعاً یشمل ارث الاموال و ارث المقامات المعنویة ایضاً، و سنشیر فیما بعد الی بعضها. و بعد اتضاح مفهوم الارث فانه سیتضح تبعاً لذلک معنی الوارث ایضاً، و علیه فان الوارث هو من یصل الیه مال او مقام من میت من دون اسباب ظاهریة مثل الشراء و البیع و الهدیة و...بل بواسطة السبب او النسب.

الوارث فی القرآن:

آ- یقول تعالی فی القرآن علی لسان النبی زکریاً (ع): (فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیًّا * یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنْ آَلِ یَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا)[4].

ب- ویقول فی موضع آخر:(وَوَرِثَ سُلَیْمَانُ دَاوُودَ)[5] .

ففی هذه الآیات الشریفة اعتبر یحیی (ع) وارثاً لزکریا (ع) و سلیمان (ع) وارثاً لداوود(ع).

الوارث فی الروایات السنیة و الشیعیة :

آ- سأل خالد بن قثم - حفید العباس عم النبی (ص)- قثم بن العباس : کیف ورث علی رسول الله (ص) دونکم ؟ قال: « لأنه کان أولنا به لحوقا، و أشدنا به لزوقا. و قد صحح الحاکم النیسابوری هذا الحدیث[6].

ب- أن رجلا قال لعلی: یا أمیر المؤمنین لم ورثت ابن عمک دون عمک؟ قال: جمع رسول الله (ص) أو قال دعا رسول الله (ص) بنی عبد المطلب فصنع لهم مدا من طعام قال فأکلوا حتى شبعوا وبقی الطعام کما هو کأنه لم یمس ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا وبقی الشراب کأنه لم یمس أو لم یشرب فقال: یا بنی عبد المطلب إنی بعثت إلیکم بخاصة وإلى الناس بعامة وقد رأیتم من هذه الآیة ما قد رأیتم فأیکم یبایعنی على أن یکون أخی وصاحبی ووارثی فلم یقم إلیه أحد فقمت إلیه وکنت أصغر القوم فقال: اجلس. ثم قال ثلاث مرات کل ذلک أقوم إلیه فیقول اجلس حتى کان فی الثالثة: ضرب بیده على یدی ثم قال: أنت أخی و صاحبی و وارثی و وزیری فبذلک ورثت ابن عمی دون عمی.[7]

ح. عَنْ مَطَرٍ عَنْ أَنَسٍ یَعْنِی ابْنَ مَالِکٍ قَالَ: قُلْنَا لِسَلْمَانَ سَلِ النَّبِیَّ مَنْ وَصِیُّهُ؟ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ وَصِیُّکَ؟ فقال: یَا سَلْمَانُ مَنْ کَانَ وَصِیَّ مُوسَى؟ فَقَالَ: یُوشَعُ بْنُ نُونٍ. قَالَ: وَصِیِّی وَ وَارِثِی مَنْ یَقْضِی دَیْنِی وَ یُنْجِزُ مَوْعِدِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ.

د- وروی ایضاً عن رسول الله (ص) أنه قال: لکل نبی وصی و وارث و إن وصیی و وارثی علی بن أبی طالب[8].

ه- و حینما اجری النبی (ص) عقد الاخوة بین اصحابه و بقی علی (ع) فتأثر فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ مَا أَنْتَ مِنِّی إِلَّا بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ مَا أَخَّرْتُکَ إِلَّا لِنَفْسِی فَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنْتَ أَخِی وَ وَارِثِی‏[9].

و بناءً علی هذا فبالالتفات الی ماتقدم ذکره و خصوصاً الروایات التی نقلت عن الفریقین و بالالتفات الی ان أمیر المؤمنین علیاً (ع) قد ورث مقام النبی الاکرم (ص) و منزلته المعنویة فان اصطلاح (علی وارث) ینسجم مع معتقدات المسلمین و لا یتنافی ابداً مع عقائدهم.



[1] الراغب الاصفهانی، الحسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن، ص863، دار العلم، الدار الشامیة، دمشق، بیروت، 1412ه.ق.

[2]المصطفوی، حسن، التحقیق فی کلمات القرآن الکریم، ج13، ص77، لجنة الترجمة ونشر الکتب، طهران، 1360ه.ش.

[3]القرشی، السید علی أکبر، قاموس القرآن، ج7، ص195،دار الکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة السادسة، 1371ه.ش.

[4]مریم، 5و6.

[5]النمل، 16.

[6]الحاکم النیسابوری،المستدرک علی الصحیحین للحاکم، ج10، ص439، مصدر الکتاب: موقع جامع الحدیث، ;http: //www.alsunnah.com. سنن النسائی، ج5، ص139، مصدر الکتاب: موقع الاسلام،.http://www.al-islam.com

[7]النسائی، السنن الکبری، ج5، ص126.

[8]الحلی، الحسن بن یوسف، نهج الحق وکشف الصدق، ص214، مؤسسة دار الهجرة، قم، 1407ه.ق. (نقلاً عن أحمد بن حنبل وابن المغازلی الشافعی).

[9]المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج38، ص346، مؤسسة الوفاء، بیروت، لبنان، 1404ه.ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279470 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257335 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113312 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89027 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59879 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59590 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56882 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47191 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...