بحث متقدم
الزيارة
9126
محدثة عن: 2008/12/07
خلاصة السؤال
هل صحیح ما یقال من أن ظهور الامام یکون بعد مقتل احد عشر مرجعا فی العراق؟
السؤال
هل صحیح انه یوجد قبل ظهور الامام اثنا عشر مرجعا من المراجع فی العراق یقطع راس احد عشر منهم و ینجو واحد فقط؟
الجواب الإجمالي

یوجد فی السؤال احتمالان:

الاول: ان الاحد عشر مرجعا یقتلون على ید خصوم الامام (عج).

الثانی: انهم یقتلون على ید الامام نفسه.

و نحن من خلال مراجعة الروایات التی وردت فی بیان علامات الظهور یظهر لنا بوضوح بطلان الاحتمالین معاً. و ان کان هناک روایات تؤید - الى حد ما- مضمون الفرض الاول حیث تشیر الى مقتل عدد من کبار الشیعة - لا مراجع التقلید- على ید خصوم الامام (عج).

اما الاحتمال الثانی فلایوجد من بین الروایات ما یؤیده بل الروایات الى خلافه أدل؛ لماذا؟ لان مراجع الدین قد نصبوا من قبل الائمة انفسهم بعنوان النواب عنهم، و لا یمکن للمعصوم ان ینصب اناسا نوابا عنه و یلزم الناس بطاعتهم و هم بهذه النسبة العالیة من الانحراف عن خطه بحیث یستحقوا ان یقتلوا على یده الشریفة. اضف الى ذلک ان فلسفة ظهور الامام لیست هی القتل و الدمار و اراقة الدماء، بل هو تجل للرحمة الالهیة المتعالیة و مصلح عالمی.

الجواب التفصيلي

اذا تاملنا فی السؤال المذکور نجده ینطوی على احتمالین:

الاول: ان الاحد عشر مرجعا یقتلون على ید خصوم الامام (عج).

الثانی: انهم یقتلون على ید الامام نفسه.

بالنسبة الى الاحتمال الاول نقول: انه لا طریق لاثبات ذلک الا من خلال الروایات، فهی التی یمکن ان تحدد ذلک لان ذلک من الغیبیات التی طریقها الاخبار فقط و لا مجال فیه للتحلیل العقلی.

و نحن بعد ان رجعنا الى المصادر الروائیة التی تطرقت للبحث عن روایات الامام (عج) و علامات الظهور لم نعثر الى مثل تلک الروایة؛ فالقضیة لا یدعهما ای دلیل نقلی ابداً. نعم توجد روایات مشابهة لها تشیر الى انه یقتل عدد من کبار الشیعة و اصحاب الامام (عج)، فقد روی عن رسول الله (ص) انه قال: "قَتْلُ نَفْسٍ زَکِیَّةٍ بِظَهْرِ الْکُوفَةِ فِی سَبْعِینَ مِنَ الصَّالِحِینَ وَ ذَبْحُ رَجُلٍ هَاشِمِیٍّ بَیْنَ الرُّکْنِ وَ الْمَقَام‏".[1]

و قد اشار الشیخ المفید طبقا لمفاد بعض الروایات: من علامات الظهر قتل النفس الزکیة فی ظهر الکوفة مع سبعین من الصالحین.[2] الا انه لم یرد فی ای من الروایات الى ان هؤلاء الصالحین هم من مراجع التقلید.

اما الاحتمال الثانی: ان افتراض قتل هؤلاء علی ید الامام (عج) کالاحتمال الاول لا دلیل علیه بین الروایات بل ان الدلیل النقلی على خلافه أدل، فکیف یمکن التوفیق بین تلک الروایات على فرض وجودها و بین الروایات التی حثت الناس على الرجوع الى المراجع؟ فقد ورد عن المعصومین (ع) الاوامر بالزام الناس بالرجوع الى الفقهاء فی زمن الغیبة او فی حالة عدم التمکن من الرجوع الى المعصوم مباشرة باعتبار ان الفقهاء هم الذین تتوفر فیهم شروط النیابة عنهم (ع)، فقد روی عن الامام الصادق (ع) انه قال: «من کان منکم قد روی حدیثنا و نظر فی حلالنا و حرامنا و عرف احکامنا فلیرضوا به حکما...».[3] و فی روایة اخرى «فانی قد جعلته علیکم حاکماً».[4] من البدیهی ان الامام لمن ینصب شخصا معینا بل نصب الفقهاء بالنصب العام فقد ورد فی نفس الروایة :«فاذا حکم بحکمنا فلم یقبل منه فانما استخف بحکم الله و علینا رد و الراد علینا کالراد علی الله و هو علی حد الشرک بالله».[5] فتجب اطاعة الحاکم المنصوب من قبل الامام و ان الراد علیه کالراد على المعصوم و العاصی لامره.[6]

و من الضروری ان نعلم بان مرجعیة التقلید تتطلب مجموعة من الشروط الخاصة التی مع توفرها یصبح على الامة لزاماً اطاعة المرجع، و من فقد تلک الشروط أو بعضها لا یمکن ان یتصدى لمنصب المرجعیة، و هذه الشروط عبارة عن:

1. العدالة، ینبغی ان یکون مرجع التقلید عادلا بمعنى عدم ارتکاب الکبیرة و لا یصر على الصغائر و یسارع الى التوبة منها "مخالفا لهواه".

2. التقوى، بمعنى انه یملک الطاقة المعنویة التی تحجزه عن ارتکاب المعاصی "صائنا لنفسه".

3. الاعلمیة، یعنی ان یکون اعلم الموجودین.

4. السیاسة، ان یکون عارفا بالامور السیاسیة و الامور الاجتماعیة و ما یحیط بالامة الاسلامیة.

5. زاهدا فی الدنیا و غیر خاضع لزخرفها.

6. حارسا و مدافعا عن حریم الدین الاسلامی " حافظا لدینه".

7. التسلیم امام الله و رسوله و الائمة المعصومین" مطیعا لامر مولاه".[7]

و هنا یطرح السؤال التالی نفسه: کیف یمکن أن نتصور ان الامام الحجة (عج) یقدم على قتل انسان یحمل کل هذه الخصال الحمیدة و الصفات السامیة؟ و خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الامام الحجة (عج) هو الذی نصب الفقهاء بالنصب العام لیکونوا نوابا عنه فی هدایة الناس و بیان ما تحتاجه الامة "و أَمَّا الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلى رواة حدیثِنا فإنهم حجتی علیکم و أَنَا حجَّة اللَّه".[8]

و فی الختام لابد من الاشارة الى بعض الامور الضروریة:

1. ان الامام الحجة هو من تجلیات الرحمة الالهیة و انه ابن رسول الله الذی وصفه القرآن الکریم بانه "رحمة للعالمین"،[9] فلابد ان یسیر على نهج جده رسول الله (ص)، و قد روی عن الامام الرضا (ع) انه قال فی وصف الامام المعصوم: " یکون أولى الناس منهم بأنفسهم و أشفق علیهم من آبائهم و أمهاتهم".[10]

ثم ان الروایات حددت من یکون موردا لغضب الامام (عج) و هم الذین اقیمت علیهم الحجة و لکنهم لجوا فی عتو و نفور و عناد و لم یخضعوا للحجة، و قد روی عن الامام الصادق (ع) انه قال فی هذا الخصوص بما مضومنه: "حینها یظهر قائمنا (عج) و یکون سببا لغضب الله و انتقامه من العباد لان الله لاینتقم من عباده الا بعد ان یقیم علیهم الحجة".[11]

2. مهما ارتقى المجتمع و انتشر الصالحون و الخیرون فیه لکن یبقى الظالمون و المعاندون و المتغطرسون موجودون فی المجتمع و لا شک ان هؤلاء سیحاولون المحافظة على منافعهم و مصالحهم الشخصیة و لذلک سیتصدون بکل ما یملکون من قدرات للامام (عج) لمنع حرکة العدل الالهی من التحقق فی الارض فلم یبق امام الامام بد الا ان یسل السیف و یقف امام هؤلاء المجرمین و الطواغیت.[12] و فی الواقع ان المخالفین للامام هم الذین یقومون بتوفیر مقدمات الحرب و یفرضون ذلک على الامام (عج).

3. صحیح ان بعض الروایات اشارت الى ان بعض المتظاهرین بالتشیع یتصدى للامام عنادا و اتباعا للهوى، او کما یقول الامام الصادق (ع): " لا یخرجُ القائم حتى یخرج اثنا عشر من بنی هاشم کلهمْ یدعو إِلى نفسه".[13]

لکن لابد من الالتفات الى ان هؤلاء الاثنی عشر لیسوا مراجع تقلید اولا، و ثانیا انه لم یرد فی الروایة ان الامام یقوم بقتلهم؛ بل الذی ورد ان الامام یقطع راسه هو ما روی عن الامام الصادق(ع): "دمان فی الإِسلام حلال من الّله عز و جلَّ لا یقضی فیهما أَحَدٌ بحکمِ اللَّهِ عَزَّ و جَلَّ حتى یبعث اللَّهُ القَائم من أَهل البیت فیحکمُ فیهما بحکم اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لا یریدُ فیه بیِّنَةً الزَّانی المحصنُ یرجمهُ و مانع الزَّکَاةِ یضربُ رقَبَتَهُ ".[14]

4. ان تاریخ المرجعیة على طول الاثنتی عشر قرنا الماضیة اثبت و بوضوح انه لم یحدث مثل هکذا انحراف بحیث یؤدی – نعوذ بالله- الى هتک حرمة المرجعیة و هذا یرجع الى سلامة الطریق الذی رسمه الائمة (ع) للامة فی عصر الغیبة و انه من افضل السبل و انه سبیل یحتوی على درجة عالیة من الاطمئنان و ان الخط المرجعی سیکون فی المستقبل على منوال الماضی من السلامة و الصیانة من الانحراف، خاصة فی المراجع الذین تتوفر فیهم الشروط التی حددها الائمة (ع).

اضف الى ذلک ان الامة رقیب على حرکة المراجع و انها ترصد بدقة لترى متى التزامهم بالقیم و الشروط التی حددها الائمة أم لا؟ و ذلک لان المراجع انما یعیشون فی وسط الامة و بین ظهرانیهم؛ نعم ان هذا لایعنی ان الناس یتدخلون فی عمل المراجع الذی یحتاج التخصص. کل ذلک یجعل المرجعیة بعیدة و مصونة عما ورد فی متن السؤال من انحراف یؤدی الى استحقاق القتل.

و مع الاخذ بنظر الاعتبار کل هذا الذی ذکرناه نحن نعتقد ان المراجع و ان لم یکونوا معصومین من الخطا و الزلل الا ان الذی یصدر منهم انما یصدر عنهم لا عن عمد و اصرار هذا اولا، و ثانیا انهم یبادرون الى تصحیح الخطا بمجرد الالتفات الیه.

5. ان هناک من یخالف منهج اهل البیت و یحاول ان یحقق اهدافه المشؤمة من خلال خلق حالة من العزلة و الفصل بین الامة و مرجعیتها و لذلک یحاول ان یثیر مثل تلک الشبهات، و ذلک لانهم یعرفون حق المعرفة مکانة المرجعیة و قیمتها فی المجتمعات الاسلامیة و منزلتها القیادیة، و قد اشارت الروایات الى هذا المعنى فقد روی عن الامام الصادق (ع) انه قال: "انَّ الْمُؤْمِنِینَ الْفُقَهَاءَ حُصُونُ الإِسلام کَحصنِ سُورِ المدینة لها".[15]



[1] بحارالانوار، ج 52، ص220.

[2] نقلا عن، رضوانی، علی اصغر، موعودشناسی، ص 513.

[3] اصول کافی، ج 1، ص 67.

[4] نفس المصدر.

[5] نفس المصدر.

[6] مصباح یزدی، محمد تقی، پرسشها و پاسخها، ج 4، ص 54.

[7] دشتی، محمد، فلسفه اجتهاد و تقلید، ص 20.

[8] وسائل الشیعة، ج 18، ص 101، ح 9.َ

[9] الانبیاء، 107.

[10] الخصال، ج 2 ، ص 528؛ یوم الخلاص، ص 82.

[11] رضوانی، علی اصغر، موعودشناسی، ص 576.

[12] امینی، ابرهیم، دادگستر جهان، ص 315.

[13] بحارالانوار، ج 52، ص 209.

[14] بحارالانوار، ج 52، ص 325.

[15] الکافی، ج 1، ص 38.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279436 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257257 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128145 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113250 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88998 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59840 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59552 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56858 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49746 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47166 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...