بحث متقدم
الزيارة
5816
محدثة عن: 2012/04/17
خلاصة السؤال
ما هي قضية قطع أيدي الشياطين و الأجنّة عن معرفة الأخبار الغيبية بعد بعثة رسول الله (ص)؟
السؤال
هل يمكن للشياطين أن تخبر عن المستقبل؟ ما هي قضية قطع أيدي الشياطين و الأجنّة عن الأخبار الغيبية بعد بعثة رسول الله (ص)؟
الجواب الإجمالي

إن التكهن و النبوة يسيران طبقاً للروايات الدينية في مسيرين متعاكسين على طول التأريخ، و الشياطين الذين يلهمون عبادهم أمور التنبؤ و الأخبار الغيبية في حدود خاصة قد طُردوا تدريجياً من السماوات حتى تمّ طردهم منها نهائياً في زمن خاتم الرسل النبي محمد (ص)، المتزامن لنزول القرآن الكريم فقد رأوا بأن السماوات قد ملئت بالملائكة الذين كانوا يحرسونها من نفوذ الأجنة و الشياطين. و هذا المطلب قد ذكر في سورة "الجن".

الجواب التفصيلي

إن التكهن و النبوة يسيران في مسيرين متعاكسين على طول التأريخ -طبقاً للروايات الدينية- و الشياطين قد طردوا تدريجياً من السماوات حتى تمّ طردهم منها و من فضاء الوحي نهائياً في زمن خاتم الرسل النبي محمد (ص) المتزامن مع ظهور جمال الحق و نزول الحقيقة القرآنية، و قد طردوا و حرموا حتى من السماء الأولى التي إتخذوا فيها مقعداً أعدّوه لإستراق السمع للوحي.[1]

لقد كان للتكهّن و التنجيم في العصور السابقة حضور واسع في أوساط البشر كما نشاهد هذه في التأريخ و كما تنصّ عليه بعض الروايات، لأن الشياطين و الأجنّة كان لها طريق إلى السماء و يوصلون إلى عبادهم بعض الأمور الغيبية عن هذا الطريق.

لكن مع ظهور النبي عيسى (ع) منعوا من الصعود إلى أكثر من السماء الرابعة ثم منعوا في زمان الرسول الأعظم (ص) من النفوذ إلى السموات نهائياً أو و قوبلوا بحراسة شديدة،[2] و هذا الأمر لم يكن ليحصل لولا الحادثة العظيمة التي كانت على شرف الوقوع، فلو إستطاعت هذه الموجودات الشيطانية أن تصل إلى السماوات لحصلت بلا شك على معلومات تؤدي إلى ضلال الناس و ابتعادهم عن هذه الحادثة المهمة فلا تتم الحجة الكاملة على الناس لهذا السبب.[3]

أما الآن ففي مقابل نفوذ الشياطين و الكهنة و الأجنّة و... إلى السماوات بأطماعهم الشيطانية و بعد منعهم من إستراق السمع، فتحت أبواب السماوات بشكل واسع أمام كل مؤمن عارف و صارت مجالاً لمعراج النبي محمد (ص) و لأهالي السلوك و الصلاة العرفانية و رفعت الحجب أمامهم.

إذن بلحاظ هاتين الواقعتين نرى في آخر الزمان و في عصر النبي محمد (ص) قد وجّهت الدعوة إلى كل عارف مؤمن ليعرج إلى السماء و ليشاهد هذا الأمر المعنوي الكبير بمقدار منع الشياطين من إستراق السمع. فظهور أمر الإمامة في أمة النبي محمد (ص) و ظهور عدد كبير من العرفاء الذين لا نظير لهم في ذلك العصر و ما بعده شاهد على هذه الحقيقة.

 


[1] فقد حجبوا من سماء بعد سماء إلى أن ولد خاتم المرسلين النبي محمد (ص) محجبوا عن كل السماوات و طردوا منها يروى عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال في حديث طويل: "... و لقد هم إبليس بالضعن في السماء لما رأى الأعاجيب في تلك الليلة ـ ليلة ولادة الرسول (ص) ـ و كان له مقعد في السماء الثالثة و الشياطين يسترقون السمع، فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هم قد حجبوا عن السماوات كلها ..." تفسير الهداية، ج 16، ص 468، مؤسسة التحقيق الإسلامي للعتبة الرضوية، و كذلك راجعوا: بحار الأنوار للعلامة المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404 ه ق.

[2] "عندنا في الروايات أن الشياطين من زمن آدم و حتى ولادة المسيح (ع) كانوا يصعدون إلى السماء و يحصلون على أمور و أخبار من الملائكة و يخبرون بها الكهنة، فعندما ولد المسيح (ع) منعوا من الصعود إلى أكثر من السماء الرابعة ثم و بعد ولادة النبي الأكرم (ص) منعوا من جميع السماوات فكانوا عندما يتقربون من السماء يرسل الله عليهم شهباً لتحرقهم حتى لا يقربونها مرة أخرى: إذن آية "و إنا ..." كانت بعد ولادة المسيح (ع) فكانوا يتقرّبون من السماء و يسمعون صوت الملائكة، و مفاد الآية "و إنا كنّا ..." متعلق بهذه الفترة. لكن بعد ولادة الرسول (ص) و هومفاد الآية: "فمن ..." منعوا من هذا الأمر أيضاً". الطيب، السيد عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، ج 13، ص 229، إنتشارات الإسلام.

[3] و عن أبي عبد الله الصادق (ع): "و أما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد إستراق السمع إذ ذاك و هي لا تحجب و لا ترجم بالنجوم، و إنما مُنعت من إستراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء، و يبلس على أهل الأرض ما جاءهم من الله في خلقه ..." الإحتجاج للطبرسي، ج 2، ص 339، نشر المرتضى.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257247 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128143 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59837 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56856 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49737 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...