بحث متقدم
الزيارة
22393
محدثة عن: 2011/12/31
خلاصة السؤال
ما هي مواصفات الطالب الجيد؟
السؤال
ما هي مواصفات الطالب الجامعي الجيد أو كل طالب علم؟
الجواب الإجمالي

بعض المواصفات و الآداب المهمة لأي طالب علم سواء أكان طالبا في المدرسة أو طالبا جامعيا أو طالبا حوزويا هي عبارة عن: تزكية النفس و بناء الذات، النشاط و الجهد العلميين، إكرام الأستاذ، الوعي السياسي الصحيح و… .

و أهم خصائص الطالب الجيد و كذلك أهم آداب طلب العلم هو أن يحظى الطالب في حركة طلبه للعلم و ارتقائه العلمي بالنية الطاهرة و أن يخطو باتجاه هدف إلهي و إنساني. كما لابد في طريق طلب العلم من السعي المستمر في المطالعة و الكتابة و المذاكرة و التفكر و حفظ المسائل و … و أن يستأنس بأشغاله العلمية و يعتبرها من رأس مال حياته.

الجواب التفصيلي

نذكر المواصفات و الآداب المهمة التي يجب أن يحظى بها طلاب الجامعة و جميع طلبة العلم بمختلف أنواعهم، من خلال الأقسام التالية بشكل موجز، و إذا أردت المزيد راجع المصادر المرتبطة:

أ. تزكية النفس و بناء الذات

يمكن بناء الذات و تزكية النفس أي التخلص من الرذائل و نيل الفضائل الأخلاقية، عن طريق بعض الأعمال الخاصة التي نشير إلى بعض نماذجها في هذا المقام:

1. الإخلاص و تطهير النية

من أولى صفات و آداب طلب العلم التي يجب أن يعير الطلاب بها اهتماما بالغا هي أن يحملوا نية طاهرة أثناء حركتهم العلمية و تطورهم العلمي و يخطوا خطواتهم في هذا الدرب باتجاه هدف إلهي و إنساني؛ فإن مدار الأعمال على النيات و بسببها يكون العمل تارة خزفة لا قيمة لها و تارة جوهرة لا يعلم قيمتها لعظم قدرها و تارة وبال على صاحبه مكتوب في ديوان السيئات و إن كان بصورة الواجبات.[1] كما ورد عن النبي الأعظم (ص) أنه قال: إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِم‏.[2]

"لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ و تُجَادِلُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ و لِتَصْرِفُوا و جُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ و ابْتَغُوا بِقَوْلِكُمْ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَدُومُ و يَبْقَى و يَنْفَدُ مَا سِوَاهُ…"[3]

إذن لابد لطلاب العلم أن يهدفوا في جهودهم العلمية و العملية إلى رضا الله و طاعته و تهذيب أنفسهم من الرذائل الأخلاقية و إرشاد عباد الله المتعال إلى حقائق الدين و خدمة الإسلام، و أن يتجنبوا عن الأهداف الدينية السقيمة التي لا قيمة لها. كما لا ينبغي أن يكون هدف طلب العلم الاستعلاء و التفاخر على الآخرين.

2ـ عدم الاختلاف بين القول و الفعل في العلوم المعنوية ‏

الميزة الأخرى التي يجب على طلبة العلوم المعنوية و المعارف الدينية أن يهتموا بها هي أن يطبقوا هذه المعارف شيئا فشيئا إلى جانب تعلمها و التعرف عليها. إن العلم و المعرفة بمثابة الشجرة و العمل به بمثابة ثمرة هذه الشجرة.

يقول الإمام الصادق (ع): َ إِنَّ الْعَالِمَ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ الْقُلُوبِ كَمَا يَزِلُّ الْمَطَرُ عَنِ الصَّفَا.[4]

3. تصفية القلب من الرذائل الأخلاقية

لابد للإنسان الذي يسلك طريق طلب العلم أن يطهر قلبه من الرذائل الأخلاقية التي تجرّ شخصية الإنسان الروحية و المعنوية إلى السقوط و الانحطاط، و يتحلّى بالفضائل الأخلاقية.[5]

4. الاهتمام بأداء الواجبات و ترك المحرمات

يجب على أهل العلم أن يهتموا كباقي الناس بأداء الواجبات من الصلاة و الصيام و … و أن يجتنبوا الذنوب؛ إذ أن لأعضاء الإنسان و جوارحه أحكاما خاصة ذكرت و درست في محلها من قبيل الكتب الفقهية و الرسائل العملية. و لابد لكل مسلم أن يتعلمها و يسلّم لهذه الضوابط.

ب. الجهد و الحركة و النشاط العلمية

1. لابد في طريق طلب العلم من السعي المستمر في المطالعة و الكتابة و المذاكرة و التفكر و حفظ المسائل و… و أن يستأنس الطالب بأشغاله العلمية و يعتبرها من رأس مال حياته.[6] قال الرسول الأعظم (ص): "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ و جَلَّ يَقُولُ تَذَاكُرُ الْعِلْمِ بَيْنَ عِبَادِي مِمَّا تَحْيَا عَلَيْهِ الْقُلُوبُ الْمَيْتَةُ إِذَا هُمُ انْتَهَوْا فِيهِ إِلَى أَمْرِ"[7]

2. الدخول في أجواء الدرس و المدرسة تحمّل الإنسان مسؤولية تعليم ما تعلمه للآخرين. إن تكويم المعلومات و البخل بها على الغير عمل غير مطلوب. إذن لا ينبغي لأهل العلم أن يبخلوا على من دونهم في العلم بنقل معلوماتهم إليهم، بل مكلفون بتعليم الآخرين بحسب استيعابهم و أن يزيدوا من علمهم. يقول الإمام الباقر (ع): "زَكَاةُ الْعِلْمِ أَنْ تُعَلِّمَهُ عِبَادَ اللَّهِ"[8]

3. أن يجتنب معاشرة الأشخاص الذين يحرفون و يلهون الطالب عن مسير الدراسة و أهدافه، خاصة أولئك الذين يقضون عمرهم بلا فائدة.[9]

4. أن يكون راضيا بالدراسة غير قانع بمقدار علمه. فإذا استطاع أن يستوعب مزيدا من العلم و المعلومات لا ينبغي أن يقنع بالقليل من العلم. و لا يكل العمل و النشاط العلمي إلى المستقبل و لا يؤخر ذلك؛ إذ خلال التأخير في أي عمل قد تحدث آفات و حوادث ضارة. كما قال أمير المؤمنين (ع): "إِضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ"[10] كما يستطيع أن يستغل باقي فرصه لتعلم المسائل المفيدة الأخرى.

ج. إكرام مقام الأستاذ و المعلم

كل من اشتغل بالدراسة و طلب العلم يجب عليه أن ينظر إلى الأستاذ بنظرة التبجيل و الاحترام؛ إذ إن نظر التلميذ إلى أستاذه بهذه النظرة يستطع أن يستفيد من الأستاذ و نفوذ شخصيته و ثبات بيانه و كلامه و يدخرها في ذهنه.[11] إذن لابد للطالب أن يعرف حق أستاذه و بعد ذلك يؤدّيها.[12]

لقد أوصى الأئمة الأطهار (ع) كثيرا في احترام التلميذ إلى الأستاذ و الحقوق التي يجب أن يراعيها تجاه معلمه، و ذكروا بعض المصاديق لتحقق هذا الاحترام و الأدب. فعلى سبيل المثال قد ذكر الإمام السجاد (ع) هذه الموارد بصفة حقوق الأستاذ على الطالب حيث قال:

"و أما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له و التوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و المعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم بأن تفرغ له عقلك و تحضره فهمك و تزكي له قلبك و تجلي له بصرك بترك اللذات و نقص الشهوات‏…"[13]

د. الوعي السياسي و الاجماعي الصحيحين

لابد لطلبة العلم و بصفتهم  الشريحة المثقة في المجتمع أن يكون لديهم وعي و رؤية تجاه المسائل السياسية و الاجتماعية بقدر أن لا يضرّ هذا الاهتمام بدراستهم و لا يبعد الطالب عن أهدافه العلمية.

يقول أمير المؤمنين (ع): "مَنْ عَرَفَ الْأَيَّامَ لَمْ يَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِعْدَاد"[14]

إن إحصاء مواصفات طالب العلم الجيد و آداب طلب العلم يقتضي مزيدا من الأبحاث و يمكن مراجعة المصادر الخاصة بآداب التعليم و التعلّم من قبيل كتاب "منية المريد في آداب المفيد و المستفيد"[15]

 


[1] الشهيد الثاني، منية المويد، ص 131،  نشر مكتب الإعلام الإسلامي،  قم، 1409ق.

[2]. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 67، ص 249، دار إحياء التراث العربی، بيروت، الطبعة الثانية، 1403ق؛ الشهيد الثاني، زين الدين بن على، منية المريد فی أدب المفید و المستفید، محقق و مصحح: مختارى، رضا، ص 133، مكتب الإعلام الإسلامی، قم، چاپ اول، 1409ق.

[3]. بحار الأنوار، ج 2، ص 38؛  منية المريد فی أدب المفید و المستفید، ص 135.

[4]. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، حققه و صححه: غفارى على اكبر و آخوندى، محمد، ج 1، ص 44، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطلعة الرابعة، 1407ق.

[5]. لقد ذكرت و درست الحقائق و المصاديق المرتبطة بالرذائل و الفضائل الأخلاقية في مختلف الكتب الأخلاقية فراجعها. كذلك راجع موضوع «الإرشاد لاستئصال الرذائل»، السؤال 4729 (الموقع: ar5011).

[6].  راجع: آداب التعليم و التعلم في الإسلام (آداب تعلیم و تعلّم در اسلام) ص 208 و 209، الكتاب باللغة الفارسية.

[7]. الکافي، ج 1، ص 41.

[8]. المصدر نفسه.

[9].  آداب التعليم و التعلم في الإسلام (آداب تعلیم و تعلّم در اسلام)، ص 342 و 343.

[10]. بحار الأنوار، ج 68، ص 217.

[11]. آداب تعلیم و تعلّم در اسلام، ص 369 و 370.

[12]. راجع موضوع «تعلم العلم و الحكمة»، السؤال 6797 (الموقع: 6986).

[13]. ابن شعبة الحراني، حسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول (ص)، حققه و صححه: الغفاري، على أكبر، ص 260، جماعة المدرسين، قم، الطبعة الثانية، 1404ق.

[14]. الكافي، ج 8، ص 23.

[15]. للشهید الثاني، زین الدین بن علی العاملي (استشهد في 966ق).

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257245 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128141 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56855 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49733 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...