بحث متقدم
الزيارة
5589
محدثة عن: 2012/05/31
خلاصة السؤال
لماذا يمنع الاسلام من الانصات للالحان و الغناء المثير للشهورة خلافا للمسيحية حيث تبيح ذلك؟
السؤال
لماذا يمنع الاسلام من الانصات للالحان و الغناء المثير للشهورة خلافا للمسيحية حيث تبيح ذلك؟
الجواب الإجمالي

للاجابة عن السؤال المطروح لابد من الاشارة الى بعض النكات المهمة:

1. القوانين و التشريعات الحقيقة للاديان السماوية شيء و الاصول العقائدية شيء آخر، من هنا يطلق على الاولى التشريعات و على الاخرى العقائديات او الاصول فمن هنا نرى الاصول ثابتة غير متغير خلافا للتشريعات فانها تابعة للمصالح و المفاسد و متغيرة حسب ما يراه الباري تعالى. كذلك لا يعكس بالضرورة سلوك اتباع الديانات رؤية الدين و المذهب الذي ينتسبون اليه؛ فعلى سبيل المثال نجد بعض سلوكيات المسلمين لا تنسجم مع الشريعة الاسلامية. فاذا ما وجدنا دينا او مذهبا يبيح اتباعه التعري و الانحلال و التحرر من القيم و يبيح الغناء و سماع صوت المرأة المثير للغريزة و لم يضعوا أي قيد او شرط للحركة و السلوكيات مهما كانت، فلا يمكن بحال من الاحوال عد ذلك من التشريعات السماوية بالضرورة و انها من قيم الاديان الالهية. بل لابد من البحث عن الجذور التحريفية التي استطاعت من خلالها التوغل الى المجتمع الديني و المعارف الدينية؛ و ذلك لاننا شاهدنا الكثير من التحريفات و دخول التعاليم الخرافية و الاسطورية غير الالهية الى تلك المجتمعات و المصادر التي يفترض كونها دينية. فالمجتمعات المتحللة عن القيم الدينية و الاخلاق و العفة الاجتماعية و التي  لا يهمها سلامة المجتمع الروحية و النفسية، ترى في الاحكام الالهية التي تحد من دائرة التعامل مع المرأة مخالفة للعقل المحاسب عندهم، من دون أن يأخذوا بعين الاعتبار كلمة الوحي و مدى مخالفة موقفهم هذا لمقررات الشريعية الصحيحة؛ و في المقابل تقف طائفة و اتجاه كبير آخر موقفا معاكسة للتحلل و التميع و الانحراف حيث يوجه بوصلة حركتها بالا تجاه الذي رسمته الشريعة و تتقيد بتلك القيم و المعارف السامية التي نزل بها الوحي و تجعل الفهم الديني الوحياني هو العماد الاساسي للانطلاق منها في ثقافتها و حركتها الاجتماعية و الفردية و سواء تلك الخاصة بالمرأة او الرجل او المشتركة بينهما.

2. للمقارنة بين الديانتين الاسلامية و المسيحية و معرفة نقاط الاشتراك الحقيقية و نقاط الافتراق بينهما لابد من وجود نص سالم عن التحريف كالقرآن الكريم و السنة الصحيحة و الانجيل غير المحرف لنرى هل يوجد نص في الانجيل يبيح الغناء و السماع اللهوي و الالحان المثيرة للشهوة أو لا؟

3. نحن معاشر المسلمين نعتقد جازمين بوجود العلاقة و الآصرة القوية بين الاسلام و سائر الديانات الالهية، و ان الدين و الشريعة اللاحقة مكملة و مؤيدة للديانة التي سبقتها، و لما كان الدين الاسلام خاتم الديانات و أكملها من هنا ختمت به الاديان و اعتبر شريعة عامة و شاملة لجميع المعمورة، كما في قوله تعالى " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ"[1] و قوله تعالى: " أَ فَغَيْرَ دينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُون‏".[2] و لا ريب ان النظرة المنصفة تعطي للاسلام من جميع الجهات ميزة خاصة فيما اذا قورن بسائر الاديان سماوية و غير سماوية، و لا يعد ذلك مجرد ادعاء لا يقوم على دليل بل قد اثبت ذلك بالادلة و البراهين الرصينة[3]، من هنا لابد أن يكون التقدم للشريعة الاسلامية بعد نسخ سائر التشريعات السابقة.

4. بنحو موقف الشريعة الاسلامية من الغناء و الحان النساء و سماعها يتمثل في:

الف.  يحرم سماع صوت المرأة اذا كان مقترنا بالالحان و الغناء أو كانت الكلمات مثيرة للشهوة.

ب. يحرم استماع الرجال لصوت و الحان النساء غير المحارم اذا كان مع الغناء او كان بقصد الشهوة و مثيراً لتحريك الغريزة.[4]

5. الانسان مركب من روح و بدن ففي الوقت الذي يجب عليه الاهتمام بالجانب البدني منه و تطهيره مما يلوثه من الاوساخ و حفظه من المكروبات و الامراض المسرية، كذلك يجب عليه الاهتمام بالبعد الروحي و النفسي و تطهيرهما من لوث الرذائل و الانحرافات، و لا ريب ان القاعدة العامة تقول ان كل لذة و شهوة تجر روح الانسان و عقله نحو التحلل و اللعب و اللهو و الغفلة و اللامبالاة، فانها تخرج الانسان من دائرة الانسانية بغض النظر عن الدين و الشريعة التي يؤمن بها، و انها تحرمه من الوصول الى السعادة الحقيقية المنشودة. و من غير المتصور قطعا وجود دين سماوي يسعى للآخذ بيد الانسان نحو الكمال الحقيقي و السعادة الواقعية و في الوقت نفسه يبيح له ما يخرجه عن الطريق القويم و يسوقه بالاتجاه المعاكس الذي تروم تلك الشريعة ايصالهم اليه. اضف الى ذلك ان شخصية حكيمة كالسيد المسيح عليه السلام لا يمكن ان يغفل عن هذه القضية المحورية.

و في الختام نقول: إن تاريخ الاناجيل الموجودة يكشف – و هذا ما تعترف به المسيحية نفسها- عن حقيقة اساسية و هي ان تلك الاناجيل كلها دونت بعد رحيل السيد المسيح (ع)، من هنا تكون المقارنة بين الدين الاسلامية الذي يكون النص الديني عنده و حياني مع نص قد تعرض لا نقطع بصدوره من السيد المسيح (ع).

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279356 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256902 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128056 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112873 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88917 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59624 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56810 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49382 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47110 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...