بحث متقدم
الزيارة
6442
محدثة عن: 2012/06/19
خلاصة السؤال
مع الاخذ بنظر الاعتبار كون برهاني الامكان و الوجوب قائمين على الاستدلال على اساس الوجود و العدم، فكيف نثبت علم الله تعالى بالممكنات؟
السؤال
سؤالي هو: بعد ان اثبتنا وجود الله تعالى عن طريق برهاني الامكان و الوجوب، تصل النتيجة الى وجود موجود واجب الوجود بذاته مجرد قادر و... و هذا مما لا شك فيه؛ و ذلك لان الممكنات وجدت بعد العدم، و هنا اريد أن اعرف هل الله تعالى قام بذلك عن علم و دراية او لا؟ و كيف نثبت علمه تعالى؟ و قد طالعت الاجوبة التي عرضت في موقعكم، و لكن بقيت شبهة في ذهني؛ و ذلك لانكم تقولون أوجد الاشياء من العدم! فلابد من ان تكون جميع الابعاد الوجودية لها موجودة عنده و حاضرة لديه و هذا معنى علمه بها، و لكن لما كان برهانا الامكان و الوجوب يقومان على اساس الوجود و العدم، فهل عندما نقول الجوانب الوجودية للموجود الممكن حاضرة لديه سبحانه، يعني ذلك انا خرجنا عن البحث و ارتكزنا على الجوانب الوجودية فقط؟ فلعل قائل يقول ان الموجود الكذائي له تلك الجوانب الوجودية و تلك الخصوصيات في الخارج من اساسيات برهان الامكان و الوجود، و ان تلك الخصوصيات للممكنات من تصورات الذهن البشري. كذلك اطلب منكم ارشادي الى الكتب التي تعرضت لصفات الله تعالى و التي بحثت القضية من الزاوية الفلسفية و العقلية.
الجواب الإجمالي

صحيح ان معرفة الذات الالهي و كنهها من الامور المستحيلة على الذهن البشري، و ان الانسان مهما أوتي من قوة ادراكية لا يمكنه معرفة كنه تلك الحقيقة المقدسة؛ الا ان هناك مجموعة من الطرق يمكن اعتمادها في الوصول الى اصل وجود الباري تعالى و التقين بوجوده المقدس، و يمكن تصنيف تلك البراهين و الطرق بالنحو التالي:

1. الطريق العقلي، كبرهان الامكان و الوجوب و غيرهما من البراهين العقلية.

2. الطريق التجريبي المتمثل ببرهان النظم.

3. طريق القلب المتمثل ببرهان الفطرة.

و من اسهل الطرق و افضلها برهان الفطرة (معرفة الله تعالى من طريق القلب)، و ذلك عندما يرجع الانسان الى نفسه يرى نفسه في غنى عن سائر البراهين و الادلة العقلية منها و التجريبية، و ان طريق القلب كاف للاذعان بتلك الحقيقة المقدسة و الوصول الى ديار المحبوب.[1]

الامر الآخر أن تقرير برهان الامكان – مختصراً- يتمثل بالخطوات التالية: لا شك بوجود اشاء في الخارج. و تلك الموجودات إن كانت واجبة الوجود ثبت المطلوب و أنه توجد اشياء واجبة بذاتها، و إن كانت ممكنة الوجود، فلما كانت الممكنات محتاجة الى علة، و مع الاخذ بنظر الاعتبار استحالة التسلسل و الدور، فلابد من توقف السلسلة عند موجود غير محتاج في وجوده الى علة تخرجه من العدم الى الوجود، و هذا ما يعبّر عنه بواجب الوجود (و هو الله تعالى).[2] إذن مستند هذا البرهان يقوم على الاستقلالية وعدم الاستقلالية او الاستقلال الوجودي و التبعية. و بعبارة أخرى: الوجود من وجهة نظر الحكمة المتعالية ذو نوع خاص من المراتب التشكيكية؛ و أن حقيقة الوجود أمر واحد بسيط لكنه مشكك بالأشدية و الأضعفية و التقدم و التأخر، و الوجود المحض منحصر بالباري تعالى، و لا نعني بالوجود المحض مفهوم الوجود في مقابل العدم، بل الجوهرة و سر الاسرار لوجود جميع الموجودات متعلق بالوجود المحض الذي هو اشد درجات الوجود و ان جميع الكمالات متمركزة فيه.

و بهذا نعرف ان الوجود في الحكمة المتعالية ليس مجرد مفهوم، بل الحقيقة المشككة الجامعة لكل الكمالات فيها و من تلك الكمالات العلم و النظم و الحكمة و...

أضف الى ذلك ان الحكماء الاسلاميين قالوا في اثبات علم الباري تعالى: " أن ذاته المتعالية حقيقة الوجود الصرف البسيط الواحد بالوحدة الحقة الذي لا يداخله نقص و لا عدم فلا كمال وجوديا في تفاصيل الخلقة بنظامها الوجودي إلا و هي واجدة له بنحو أعلى و أشرف غير متميز بعضها من بعض لمكان الصرافة و البساطة فما سواه من شي‏ء فهو معلوم له تعالى في مرتبة ذاته المتعالية علما تفصيليا في عين الإجمال و إجماليا في عين التفصيل".[3]

اما السؤال عن اثبات علم الله تعالى فيما اذا اعتمدنا في اثبات وجوده البراهين الوجودية كبرهان الامكان و الوجوب؟[4]، و ما هي العلاقة بين الوجود و العلم؟ فهذا ياتي من باب الخلط بين منهج المتكلمين و منهج الحكمة المتعالية في اثبات وجود الله و علمه تعالى. فلابد في الاجابة عن السؤال المطروح من الانطلاق من فهم الحكمة المتعالية و تلقيها لكل من مفهومي الوجود و العلم الالهي معاً.

 


[1] مقتبس من السؤال رقم 479.

[2] مقتبس من السؤال رقم 479.

[3] العلامة الطباطبائي، السيد محمد حسين، نهايةالحكمة، ص 289، مؤسسة النشر الاسلامي، قم.

[4] من البراهين المعتمدة في اثبات علم الله برهان النظم المنطلق من النظم الحاكم على عالم الوجود و الكاشف عن علم منظمه سبحانه. الا ان الامر يختلف في برهاني الامكان و الوجوب فلابد من تقرير وجود علمه تعالى بصورة أخرى.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257234 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113240 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59549 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49727 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...