بحث متقدم
الزيارة
7300
محدثة عن: 2009/04/05
خلاصة السؤال
هل یمکن ترک الزواج فی حالة الأمن من الانحراف الجنسی؟
السؤال
لو فرضنا عدم الانحراف فهل یمکن عدم الزواج لانه عند ما نسأل یقال لنا ان الزواج مسؤلیة خطیرة وقد اصبحت اعتقد أن الإنفاق علی الفقیر و الأب و الأم أفضل منه علی الزوجة و الأطفال.
الجواب الإجمالي

و ان کان الزواج هو أمر متعارف و طبیعی عند کل الامم و الشعوب لکن الاسلام أعطی للزواج و تکوین الاسرة أهمیة عظیمة.

یتبین أهمیة الزواج من خلال الآیات و الروایات حیث یأمر الباری تعالی فی القرآن الکریم بالزواج و نجاة الانسان الأعزب مما هو فیه[i].

و تصرح الروایات بان الزواج یساوی احراز نصف الدین و صلاة الانسان المتزوج أفضل من سبعین صلاة للفرد الاعزب.

نعم فالزواج کغیره من الاعمال الاخری فهو مسؤلیة جدیدة یحمل بعض المشاکل معه. و لکن به تتکامل شخصیة الانسان بحیث لا یحصل هذا الکمال الا به. فللزواج فوائد جمة ذکرت التعالیم الاسلامیة العظیمة ذلک و التی منها:

1. بقاء النسل و استمراریته.

2. الراحة النفسیة.

3. ازدیاد الرزق.

4. تأمین الحاجات الغریزیة و الطبیعیة للانسان.



[i] النور، 33.

الجواب التفصيلي

یعتبر الزواج من الامور الجمیلة فی الخلقة و من السنن و التقالید المتفق علیها عند جمیع عند الامم و الشعوب، و قد اهتم الاسلام بالزواج اهتماماً کبیراً و عالج کل زوایاه المختلفه بحیث لا یمکن لای شیء آخر ان یحل محله و هذا الکلام قد یفهم من سلوک الائمة و اولیاء الدین العارفین بامور الاسلام. حیث نطالع هنا محورین و جانبین یبینان رأی الاسلام بالزواج:

1- اهمیة الزواج فی الاسلام:

صحیح ان الزواج لیس واجباً فی الاسلام لکنه قد اکّد علیه بشکل کبیر و جلی و واضح فهناک روایات عدیدة وصلت الینا عن الرسول الاعظم(ص) و الائمة المعصومین(ع) تؤکد علی اهمیه الزواج.

روی الامام الباقر(ع) عن النبی(ص): ما بنی بناء فی الاسلام احبّ الی الله عز و جل من التزویج.[1]

و فی روایة اخری عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (ع): تَزَوَّجُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَتَّبِعَ سُنَّتِی فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِیَ التَّزْوِیجَ.[2]

فان مسألة الزواج فی الاسلام عظیمة جداً و لها اهمیة کبیرة بحیث تعادل نصف الدین فبالزواج یحرز الانسان نصف دینه[3]. و هذا یعنی انه تصل شخصیة الانسان المؤمن بواسطته الی مرحلة یحفظ معها نصف الدین. فقد جاء فی الروایات رکعتان یصلیها المتزوج افضل من سبعین رکعة یصلیها الاعزب.[4]

ان هذه التأکیدات الکثیرة توضّح و تبیّن الأهمیة العالیة للاسلام فی امر الزواج و تکوین الاسرة فهو یشکل البناء الاساسی للنواة الاولیة فی خلق مجتمع سالم و بعید عن الانحراف. و الاسلام کما یصرُّ علی اصل الزواج کذلک یؤکّد علی تکوینه و استمراره فهناک جمله من التعالیم المهمه یجب ملاحظتها بدقه و مطالعتها بامعان، فهو من ناحیة یذم حالة العزوبة و ترک الزواج فلما ترک جماعة من الاصحاب فی صدر الاسلام النساء و حرموها علی انفسهم و راحوا یتعبدون لیلاً و نهاراً بحیث علمت ام سلمة عن طریق النساء ذلک الموضوع فلما نقلته الی الرسول(ص) جاء مسرعاً الی اصحابه و قال: أ ترغبون عن النساء؟ إنّی آتی النساء و....[5]

یتضح من خلال کل هذا الإصرار ان الاسلام أولی اهمیة و عنایة فائقة لهذا البناء المقدس بحیث عدّهُ الفقهاء من الامور المستحبة.

2- فوائد الزواج فی الاسلام:

للزواج فوائد عدیدة ذکرت فی المصادر الاسلامیة المقدسة نشیر الی بعض منها:

الف: بقاء النسل و استمراریته:

أن عدم الزواج یؤدی الی انقراض المجتمع تدریجیاً و الی اضمحلال الحضارة الانسانیة العظیمة و بالتالی سیذهب و ینتهی جیل المؤمنین الصالحین ایضاً.

یقول الرسول الاکرم(ص): ما یمنع المؤمن ان یتخذ اهلاً؟ لعل الله تعالی یرزقه نسمة تثقل الارض بلا اله الا الله[6].

ب:السکون و الراحة النفسیة:

ان احدی المسائل المسلّمة و البدیهیة فی علم النفس و التی اهتم بها الاسلام هو اثر الزواج فی تکوین و ایجاد حالة من السکون و الراحة النفسیة للانسان.

یصرح القرآن الکریم بذک حیث جاء فیه: "و من آیاته ان خلق لکم من انفسکم ازواجاً لتسکنوا الیها و جعل بینکم مودّة و رحمة".[7]

و یقول الامام الصادق(ع): "ما افاد عبد فائدة خیراً من زوجة صالحة اذا رآها سرته و اذا غاب عنها حفظته فی نفسها و ماله".[8]

ج: ازدیاد الرزق:

خلافاً لاکثر التصورات الساذجة عن الزواج هو ان کثرة الاولاد سیؤدی الی تقسیم الثروة و بالتالی ضیاعها و فقدانها، لکن الدین الاسلامی اعتبر الزواج حالة ایجابیة لحصول البرکة و زیادة فی الرزق یقول الله تعالی:

"وَ أَنْکِحُوا الْأَیامى‏ مِنْکُمْ وَ الصَّالِحینَ مِنْ عِبادِکُمْ وَ إِمائِکُمْ إِنْ یَکُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلیم‏".[9]

و هناک روایات کثیرة تعد الزواج موجباً لحصول الرزق.

یقول الرسول(ص): "اتخذوا الأهل فانه ارزق لکم"[10].

وهذه حقیقة ادرکها اغلب الذین تزوجوا حیث شعروا بتحسن حالتهم المادیة و الاقتصادیة بعد الزواج بالرغم من اذعان و اعتراف بعضهم ان هناک مشاکل اخری واجهتهم، و ان کان هناک استثناءات فی مثل هذه القضایا الاجتماعیة.

د: تامین الحاجات الطبیعیة و الغریزیة للانسان:

ان المیل للجنس المخالف هو من الامور الغریزیة للانسان فاذا حصل الافراط او التفریط فی هذا الامر سیؤدی الی اضرار بدنیة و روحیة کبیرة حیث شجع الاسلام علی الزواج المبکر لاجل التخلص من هذه الامور و الحالات السلبیة حتی ینعم المجتمع بالسلامة و العفة بتأمین الحاجة الغریزیة للانسان فی جو مملؤ بالحشمة و الحیاء.

اذن کما تری ان احدی فوائد الزواج هو الوقوف أمام الانحراف الاخلاقی. و الجنسی فی الوقت الذی یحمل الزواج معه البرکة العظیمة و الاثر الایجابی الکبیر.

فعلی الانسان الا یحرم نفسه من هذه النعمة التی تؤدی الی تکامل شخصیته و هذا الکمال لا یحصل الا به و علی هذا یجب ان یقال أن الانفاق علی الفقراء و الأب و الأم و ان کان عملاً عظیماً لکنه لا یصح ان یکون بدیلاً لآثار و فوائد و نتائج الزواج.



[1] العاملی، الشیخ حر، وسائل الشیعة، ج 2 ، ص13، نشر آل البیت (ع).

[2] نفس المصدر، ص 15.

[3]نفس المصدر، ص 17. یقول الرسول(ص): من تزوج احرز نصف دینه.

[4] وسائل الشیعة، ج 20، ص20، و فی الخصال قال(ع) رکعتان یصلیها المتزوج أفضل من سبعین رکعة یصلیها غیر متزوج.

[5] نفس المصدر ،ص 21.

[6] نفس المصدر، ص 14.

[7] الروم، 21.

[8] وسائل الشیعة، ج20، ص 20.

[9] النور، 32.

[10] وسائل الشیعة، ج 20، ص 19.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279422 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257176 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128119 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113187 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88978 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59799 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59519 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56845 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49698 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47148 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...