بحث متقدم
الزيارة
11462
محدثة عن: 2009/12/15
خلاصة السؤال
هل یوجد حدیث للنبی(ص) فی مورد صوم یوم عاشوراء؟ و هل أن الصوم مستحب فی هذا الیوم؟
السؤال
هل یوجد حدیث عن الرسول(ص) یؤکد استحباب الصیام فی یوم عاشوراء؟ و أساساً هل أن الصیام مستحب فی هذا الیوم؟
الجواب الإجمالي

لا یوجد حدیث معتبر فی مصادر الشیعة یقول فیه رسول الله(ص): إن الصیام مستحب یوم عاشوراء، و لکن توجد أحادیث فی شرح سیرة الرسول(ص) تشیر إلى أن النبی(ص) کان یصوم فی ذلک الیوم، کالحدیث المروی عن الإمام الرضا(ص): « صام رسول الله یوم عاشوراء» ـ و من البدیهی أنه لا یمکن إصدار حکم الاستحباب على صوم ذلک الیوم على أساس مثل هذه الأحادیث ـ و ذلک لضعف سندها، و إن هذه الأحادیث تدل على فعل النبی و لا تصرح بالاستحباب. نعم هناک أحادیث رواها السنة و الشیعة مؤداها أن یوم عاشوراء کان مورد تعظیم من زمن موسى(ع) و حتى بعثة رسول الله(ص) و من البعثة حتى وجوب صوم رمضان و إنه من أیام الله. و لکن بعد یوم عاشوراء و ما حدث فیها استغل الأمویون هذه الأحادیث التی تعظم یوم عاشوراء و صیامه، فأدخلت الکثیر من الروایات فی هذا الباب، فبعضها تؤکد الاستحباب و بعضها الکراهة، بل هناک ما یدل على الحرمة.

و لا یوجد طریق سوى طریق الجمع بین الروایات. و من خلال النظر فی الروایات نتحصل على أن الصیام یوم عاشوراء مردد بین الحرمة و الکراهة و لا یوجد فیه احتمال الاستحباب بوجه. فإذا کان الصیام فی هذا الیوم بعنوان الخصوصیة فهو بدعة و حرام، و إذا کان بعنوان التبرک فهو کفر و خروج من الدین. و إذا کان بعنوان الفضیلة المطلقة للصیام فهو مکروه و منقوص الثواب لما فیه من التشبه ببنی أمیة.

الجواب التفصيلي

لا یوجد حدیث معتبر فی مصادر الشیعة یقول فیه رسول الله(ص): إن الصیام مستحب یوم عاشوراء، و لکن توجد أحادیث فی شرح سیرة الرسول(ص) تشیر إلى أن النبی(ص) کان یصوم فی ذلک الیوم، کالحدیث المروی عن الإمام الرضا(ص): « صام رسول الله یوم عاشوراء» ـ و من البدیهی أنه لا یمکن إصدار حکم الاستحباب على صوم ذلک الیوم على أساس مثل هذه الأحادیث ـ و ذلک لضعف سندها، و إن هذه الأحادیث تدل على فعل النبی و لا تصرح بالاستحباب. نعم هناک أحادیث رواها السنة و الشیعة مؤداها أن یوم عاشوراء کان مورد تعظیم من زمن موسى(ع) و حتى بعثة رسول الله(ص) و من البعثة حتى وجوب صوم رمضان و إنه من أیام الله. و لکن بعد یوم عاشوراء و ما حدث فیها استغل الأمویون هذه الأحادیث التی تعظم یوم عاشوراء و صیامه، فأدخلت الکثیر من الروایات فی هذا الباب، فبعضها تؤکد الاستحباب و بعضها الکراهة، بل هناک ما یدل على الحرمة.

و لا یوجد طریق سوى طریق الجمع بین الروایات. و من خلال النظر فی الروایات نتحصل على أن الصیام یوم عاشوراء مردد بین الحرمة و الکراهة و لا یوجد فیه احتمال الاستحباب بوجه. فإذا کان الصیام فی هذا الیوم بعنوان الخصوصیة فهو بدعة و حرام، و إذا کان بعنوان التبرک فهو کفر و خروج من الدین. و إذا کان بعنوان الفضیلة المطلقة للصیام فهو مکروه و منقوص الثواب لما فیه من التشبه ببنی أمیة.

 

الجواب التفصیلی:

یتألف السؤال من قسمین یجب أن یبحث کل قسم على حدة.

1ـ وجود حدیث عن النبی الأکرم(ص) فی مورد صیام یوم عاشوراء: لا یوجد حدیث بهذا المضمون فی مصادر الشیعة الحدیثیة یشیر إلى أن النبی محمد(ص) قال أن الصوم مستحب فی یوم عاشوراء، و لکن توجد أحادیث تشیر إلى النبی(ص) کان یصوم فی هذا الیوم، کالحدیث المروی عن الإمام الرضا (ع): «صام رسول الله(ص) یوم عاشوراء»[1]. نعم جاء فی بعض الأحادیث أن الإمام علیا(ع) قال: «صوموا العاشوراء التاسع و العاشر فإنه یکفر ذنوب السنة»[2].

و مع ذلک لا یمکن القول بوجود روایة فی مصادر الشیعة تؤکد أن النبی(ص) کان یرى الصوم فی یوم عاشوراء مستحباً. و ذلک لأن بعض هذه الروایات ضعیفة من جهة السند. إضافة إلى أنها تدل على فعل النبی(ص). و نحن نفتش فی هذه المورد عن کلام للنبی(ص) فلم نعثر علیه حتى یمکننا القول بوجود کلام صریح عن النبی(ص) یؤکد الاستحباب. فی حین نجد الروایات الکثیرة فی کتب أهل السنة تسند أحادیث الاستحباب إلى النبی(ص)[3].

 

2ـ حکم الصوم فی یوم عاشوراء:

المستفاد من الروایات الموجودة فی کتب السنة و الشیعة[4] هو أن یوم عاشوراء یوم مبارک و من أیام الله و ذلک منذ زمن موسى (علیه السلام) و حتى بعثة النبی(ص) و من البعثة و حتى تشریع صوم شهر رمضان و ما بعد ذلک.

و لکن بعد أن وقعت حادثة عاشوراء و ما جرى فیها على الحسین و أهل بیته (ع) استغل بنو أمیة الروایات المتعلقة بصیام یوم عاشوراء و تعظیمه للترویج لأفکار تنافی الدین و تعالیمه. و فحوى قولهم بما أن الحسین و أهل بیته و أنصاره قتلوا فی مثل هذا الیوم فهو مبارک و معظم، و علیه فلا بد من صیام هذا الیوم، و قد وضعوا الروایات العدیدة فی هذا الاتجاه[5]. و من أجل تشویه أهداف نهضة الحسین و التعتیم علیها اتخذ هذا الیوم عیداً من قبلهم و قالوا إن صومه صوم شکر لله[6].

یقول المرحوم الکراجکی و هو من علماء الشیعة فی القرن الخامس فی رسالة التعجب: أن البعض یدعی محبة أهل البیت و یفرح فی هذا الیوم بحجة توبة آدم فیه. و لکنه لا یشارک رسول الله فی أحزانه فی مثل هذا الیوم[7].

و هذا الأمر یمثل انحرافاً مائة بالمائة[8] تفشى بین جماعة تتظاهر بالإسلام، و هذا ما أشیر له فی زیارة الإمام الحسین یوم عاشوراء: «و هذا یوم تبرکت فیه بنو أمیة».

و منذ ذلک التاریخ فإن صیام یوم عاشوراء یأتی بعنوانین:

1ـ بعنوان کونه یوماً من أیام الله، أو بعنوان الواجب أو المستحب.

2ـ بعنوان أن یزید قضى على الحسین و ثورته، و منذ ذلک التاریخ فإن الأئمة المعصومین(ع) نبّهوا على خطر هذه الممارسة و نهوا عن الصوم فی یوم عاشوراء بهذا القصد حیث وقفوا بوجه هذا الفکر المنحرف، فمثلاً یروی زرارة عن الإمام الصادق و الإمام الباقر(ع): «لا تصم یوم عاشوراء»[9]. و على أی حال فظاهر الروایات مختلف فی هذه المسألة.

فبعض الروایات یدل على الاستحباب و لسانها أن صوم یوم تاسوعاء و عاشوراء کفارة لذنوب سنة کاملة، و أن الرسول(ص) صام هذا الیوم.

و البعض الآخر من الروایات یدل على الکراهة، بل الحرمة، کالروایة التی تقول أن صوم هذا الیوم سنة آل زیاد و صیام ابن مرجانة[10]. و حیث إن الروایات مختلفة فی هذا المیدان، لا یوجد أمامنا طریق إلا الجمع بینها، فیقال:

1ـ إن الصیام على قسمین: الصیام للتبرک و الفرح، و العنوان الآخر بنیة التقرب إلى الله. فالروایات الناهیة ناظرة إلى القسم الأول و أما روایات الاستحباب فناظرة إلى القسم الثانی و دالة علیه.

2ـ احتمال نسخ الروایات الدالة على جواز الصوم، و ما یؤید ذلک بعض الروایات التی تقول أن صوم یوم عاشوراء کان واجباً ثم ترک کالقول أن صوم عاشوراء أُوجب فی السنة الأولى للهجرة، و فی السنة الثانیة نسخ بتشریع صوم رمضان[11].

3ـ حمل الروایات الدالة على الجواز على التقیة من قبل الإمام.

4ـ احتمل المرحوم أبو الفضل الطهرانی فی شفاء الصدور أن الروایات الدالة على الجواز ناظرة إلى الإمساک التام أی صوم تمام الیوم. و المحصلة هی أن الحکم فی المسألة کالآتی: إن صوم یوم عاشوراء مردد بین الحرمة و الکراهة، و لا یوجد وجه للاستحباب فی مذهب أهل البیت و فقه آل محمد(ع)[12] .

و قیل فی توضیح هذه العبارة: إذا کان الصوم فی هذا الیوم لخصوصیة فهو بدعة و حرام، و إذا کان بعنوان التبرک فهو کفر و خروج من الدین، و اذا کان من جهة الفضیلة المطلقة فهو تشبه ببنی أمیة، و علیه یکون مکروهاً و منقوص الثواب[13].

و على هذا الأساس أفتى الفقهاء المعاصرون بکراهة صیام یوم عاشوراء و قال بعضهم یستحب فی یوم عاشوراء للإنسان أن یمسک عن الأکل و الشرب لا بنیة الصوم[14].



[1]الاستبصار، ج2، ص 134؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص 300. برنامج جامع الأحادیث.

[2]علی بن الحسن بن فضّال عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبی عبد الله (ع) عن أبیه أن علیاً (ع) قال: «صوموا العاشوراء التاسع و العاشر فإنه یکفر ذنوب السنة»، الاستبصار، ج2، ص 134.

[3]المصباح المنیر، ص 104؛ سنن الدارمی، ج2، ص 22؛ سنن ابن ماجه، ج1، ص 552؛ صحیح البخاری، ج3، ص 57؛ نیل الأوطار، ج 4، ص 326؛ صحیح مسلم، ج3، ص 150.

 [4]فمثلاً ورد فی صحیح البخاری ما یقارب الـ 10 روایات و فی صحیح مسلم ما یقارب الـ 30 روایة.

[5]بحار الأنوار، ج61، ص 291.

[6] انظر. شفاء الصدور، الطهرانی، الطبعة الحجریة، ص 259؛ الوافی، الجزء 7، ص 14 نقلاً عن أمالی الصدوق و علل الشرائع للصدوق.

[7]کراجکی، التعجب، ص 45، الطبعة الحجریة، ملحق کنز الفوائد.

[8]استحباب صیام یوم عاشوراء.

[9]التهذیب، ج 4، ص 300؛ الاستبصار، ج2، ص 134؛ الکافی، ج4، ص 145؛ جامع أحادیث لشیعة، ج 9، ص 477.

[10] طوسی، تهذیب‏الأحکام، ج 4، ص 301.

[11]الکافی، ج4، ص 146.

[12]انظر. شفاء الصدور، ص 383 - 392.

[13]انظر. ثقفی تهرانی، حسن، شرح زیارة عاشوراء، ص 420. منشورات هاد، الطبعة  الأولی ربیع 1385 هجری.

[14]توضیح المسائل (المحشى للإمام الخمینی)، ج1، ص 968.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257228 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128137 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113237 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88993 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59834 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59548 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49726 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47163 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...