بحث متقدم
الزيارة
5044
محدثة عن: 2010/01/20
خلاصة السؤال
هل یجوز لمسلم من أهل السنة أن یقرأ أدعیة الشیعة؟
السؤال
هل یجوز لمسلم من أهل السنة أن یقرأ أدعیة الشیعة؟
الجواب الإجمالي

حیث إن الأدعیة الموجودة عند الشیعة هی أدعیة وصلتنا من أئمة الشیعة الذین هم أهل بیت النبی(ص)، و کما أوصی النبی(ص) فإن التمسک بهم و اتباعهم یؤدی الی النجاة، بالاضافة الی أن فی الدعاء صلاح الإنسان و نجاحه باتفاق الشیعة و أهل السنة. فمن البدیهی أن تکون الأدعیة الواردة عن طریق هؤلاء أقرب الی الواقع و الی الاجابة، فهذه فرصة مناسبة ینبغی استغلالها.

الجواب التفصيلي

(ادعونی استجب لکم)[1]؛ اذکرونی (بالدعاء) اذکرکم (بالاجابة).

1- الدعاء هو نوع من اکتساب القابلیة للحصول علی سهم أوفر من الفیض الإلهی اللامتناهی. و بعبارة اخری؛ إن الإنسان یحصل بواسطة الدعاء علی استعداد و قابلیة أکبر لنیل الفیض الإلهی. و بدیهی أن یکون السعی نحو التکامل و اکتساب المزید من الاستعداد هو عین التسلیم فی مقابل قوانین الخلقة و لیس شیئاً علی خلافها.

و یضاف الی کل هذا إن الدعاء هو نوع من العبادة و الخضوع و العبودیة، و بواسطة الدعاء ینال الإنسان نصیبه من التوجه الی ذات الله سبحنه، و کما أن لجمیع العبادات آثارها التربویة فإن للدعاء مثل هذا الأثر أیضاً.

و المواهب الإلهیة تقسم علی حسب الاستعدادات و القابلیات فکلما ازداد الاستعداد و اللیاقة یکون للإنسان نصیبه الأوفر من تلک المواهب.

و من هنا نری الإمام الصادق(ع) و هو السادس من ائمة الشیعة یقول: "یا میسر ادع و لا تقل إن الأمر قد فزع منه إن عند الله عزوجل منزلة لا تنال الا بمسألة"[2].

و یقول أحد العلماء: "إننا حینما ندعو فإننا نربط أنفسنا و نوصلها بالقوة اللامتناهیة التی تربط بین جمیع الکائنات" و یقول أیضاً "أن أحدث العلوم فی عصرنا الحاضر و هو علم النفس یدرس نفس الأمور التی کان الأنبیاء یعلمونها الناس، لماذا؟ لأن علماء النفس اکتشفوا أن الدعاء و الصلاة و الاعتقاد القوی بالدین یزیل القلق و الاضطراب و الخوف الذی یشکّل النصف الأکبر من مشاکلنا". [3]

2. المفهوم الواقعی للدعاء:

بعد أن عرفنا أن الدعاء یکون عند عجز قدرتنا و لیس فی مورد القوة و القدرة و بعبارة اخری: إن الدعاء المستجاب هو الدعاء الذی یکون بمضمون "أمّن یجیب المضطر إذا دعاه و یکشف السوء"[4] و ذلک حین الإضطرار و فشل جمیع الجهود و المساعی، یتضح أن معنی الدعاء هو طلب توفّر الأسباب و العوامل الخارجة عن دائرة قدرة الإنسان و ذلک من قبل من له قدرة غیر متناهیة و کل أمر عنده سهل یسیر و لکن لا ینبغی أن یصدر هذا الطلب من اللسان فقط بل ینبغی ان ینطلق من اعماق الانسان و یکون اللسان حینئذٍ ممثّلاً و ترجماناً لجمیع ذرات وجود الإنسان و أعضائه و جوارحه.

و یتّصل القلب و الروح بالله اتصالاً قریباً عن طریق الدعاء. و کما تتّصل القطرة بالمحیط اللامتناهی فإنه یتصل معنویاً بمبدأ القدرة اللامتناهیة.

و ینبغی الالتفات الی أن هناک نوعاً آخر من الدعاء یکون حتی فی موارد القدرة و الاستطاعة و هو الدعاء الذی یکشف عن عدم استقلال قدراتنا فی مقابل القدرة الإلهیة، و بعبارة اخری أن معناه هو الالتفات الی حقیقة أن الأسباب و العوامل الطبیعیة بکل ما لها من الآثار إنما تکون من قبله و بأمره، فإذا لجأنا الی الدواء و طلبنا فیه الشفاء فلأنه هو الذی قد جعل ذلک الأثر للدواء.

و الخلاصة هی أن الدعاء نوع من التنبیة و الیقظة للقلب و الفکر و ارتباط باطنی بمبدأ الخیر و الجمال و لذا نقرأ فی کلام أمیر المؤمنین علی(ع) :"إن الله لا یقبل دعاء قلب لاه"[5].

و بالالتفات الی ما قدّمنا من التوضیح، فإن الدعاء ارتباط قلبی و روحی من قبل المحتاج بکل وجوده مع الغنیّ المطلق و کل أمر یؤدی الی زیادة هذا الارتباط فهو مطلوب (بشرط أن لا یخرج عن دائرة الشرع).

و حیث إن الأدعیة الموجودة عند الشیعة هی أدعیة وصلتنا عن ائمة الشیعة الذین هم أهل بیت النبی(ص) و کما أوصی النبی(ص) فإن التمسّک بهم و اتباعهم یؤدی الی النجاة[6] بالاضافة الی أن فی الدعاء صلاح الإنسان و نجاحه باتفاق الشیعة و أهل السنة، فمن البدیهی أن تکون الأدعیة الواردة عن طریق هؤلاء أقرب الی الواقع و الی الاجابة، فهذه فرصة مناسبة ینبغی استغلالها.[7]

و للإطلاع أکثر حول شروط الدعاء یمکنکم مراجعه الجواب 2145 (الموقع: ).



[1] المؤمن، 60.

[2] الکلینی، اصول الکافی، ج 2، ص 338، باب فضل الدعاء و الحث علیه، ح 3، الطبعة الرابعة، دار الکتب الإسلامیة، تهران، ‏1365 هـ ش.

[3] دستور الحیاة، ص 156، نقلاً عن المکارم الشیرازی، تفسیر الأمثل، ناشر: دار الکتب الإسلامیة، چاپ تهران، چاپ اول، 1374 ش‏.

[4] النمل، 62.

[5] الکلینی، اصول الکافی، ج 2، ص 342، باب الاقبال علی الدعاء، ح 1.

[6] المکارم الشیرازى، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 1، ص531 و 532.

[7] فی حدیث "الثقلین" المشهور و المنقول بشکل متواتر فی المصادر الروائیة للشیعة و أهل السنة یقول رسول الله(ص): "إنّی تارک فیکم الثقلین کتاب الله و عترتی أهل بیتی ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا بعدی أبداً فإنهما لن یفترقا حتی یردا علی الحوض"؛ الترمذی، الصحیح، ج 2، ص 380؛ أحمد بن حنبل، المسند، ج 3، ص 17.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279469 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257334 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128197 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113312 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89026 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59879 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59590 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56882 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47191 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...