بحث متقدم
الزيارة
6448
محدثة عن: 2010/07/15
خلاصة السؤال
هل یوجد مبرر معقول للاختلاط فی الجامعات؟
السؤال
هل یوجد دلیل مقنع و معقول لظاهرة الاختلاط فی الجامعات؟ لماذا ندفع شبابنا بأیدینا و نعرضهم لاقتراف الذنوب؟
الجواب الإجمالي

إن الدراسة الشاملة للجوانب السلبیة و الإیجابیة لمسألة الاختلاط تحتاج إلى تحقیقات اجتماعیة موسعة یقوم بها خبراء و مختصون یقوّمون الحالة و نتائجها. و هذا خارج عن دائرة هذا البحث الضیقة، و لذلک نشیر إلى بعض النقاط بشکل مختصر. إن العمل فی مواجهة هذا الأمر المحفوف بالخطر یمکن تقسیمه إلى نوعین:

1- المهام والوظائف على الصعید الفردی: على الطالب الجامعی أن یدأب فی معرفة التعالیم و القیم الإسلامیة و أن یجعلها جزءاً من سلوکه بعد أن تنغرس فی روحه و نفسه.

2- المهام والوظائف على الصعید الاجتماعی: إذا کان الطالب حریصاً على فی نفسه وقلقاً على نفسه من ناحیة حفظها وصیانتها، فلا یمکنه أن یکون لا أبالیا بالنسبة الى محیطه الاجتماعی ومجتمعه؛ لأن أثر المحیط و دوره لا یمکن إنکاره، و لذلک على الطالب الجامعی أن یولی اهتماماً خاصاً فی مسألة تهذیب المحیط و تنقیته و بث التعالیم الإلهیة و الدینیة فی مجتمع عامة والمحیط الجامعی خاصة، و ذلک بأداء فریضة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر بشکل متوازن و معقول وعلى اکمل وجه.

الجواب التفصيلي

لا بد لنا أن نشکر لکم ـ أیها الجامعیون الأعزاء ـ اهتمامکم بهذا الموضوع الهام و طرح مثل هذه الأسئلة التی تتیح لنا الفرصة للتحدث فی مثل هذا الموضوع الحیوی، کما نأمل أن تکون الإجابة التی نطرحها مثمرة و مؤثرة و مقنعة.

إن الوضع الحالی فی نظرنا و من خلال الاطلاع على واقع بعض الجامعات لا ینسجم مع الأهداف المقدسة للجامعة، و لا یتلائم مع تطلعاتها فی بناء جیل یتمتع بالعلم و الأخلاق على حد سواء؛ لأن اختلاط الأولاد و البنات فی الجامعات له انعکاسات و آثار سلبیة کبیرة، و أما صرف وجود الطلاب و الطالبات فی صف دراسی واحد فلیس بأمر محرم أو محضور شریطة أن تراعى التعالیم و القیم الإسلامیة.

و أما دراسة هذه الآثار و الانعکاسات فإنها تحتاج إلى تحقیقات موسعة من قبل المختصین فی العلوم الاجتماعیة من خلال البحث و أخذ العینات و المراقبة الطویلة، لیتسنى بعد ذلک تقویم الحالة و الإشارة إلى جوانبها السلبیة و الإیجابیة على أساس علمی متین و هذا الأمر خارج عن دائرة هذا البحث المختصر و لذلک نکتفی بالإشارة إلى بعض المسائل ذات الأثر فی هذا المجال و أهمها:

الف) دراسة الافات والعیوب : قبل الدخول فی صلب الموضوع نرى من الضروری الاشارة الى هذه الملاحظة: ما سوف نشیر إلیه من السلبیات و الآفات یعتمد على فرضیات مسبقة من قبیل عدم رسوخ القیم و التعالیم الإسلامیة، و عدم الاهتمام و الرعایة و المراقبة من قبل المسؤولین و ذوی الشأن فی الجامعة.

و أهم آثار الاختلاط هی:

1- التسبب بوجود بعض الانحرافات الجنسیة نتیجة عدم مراعاة القیم الإسلامیة و الضوابط الشرعیة کارتداء الحجاب و ...

2- انشغال الطالب و انصرافه عن دروسه مما یتسبب بانخفاض مستواه العلمی أو رسوبه فی دروسه لعدم التوجه الکامل لما یطرح الأستاذ أو ما هو مسطور فی الکتب عند المطالعة.

3- إیجاد الاضطراب و القلق و التردد الناشئ من الضغط الغریزی و عدم وجود الإشباع الصحیح والمشروع.

ب – دراسة الجوانب الإیجابیة:

و هذا القسم مبنی على الأخذ بنظر الاعتبار بعض الافتراضات المسبقة، و هو أن السلبیات المتقدمة غیر موجودة فی حیاة الطالب الجامعیة من الذکور و الإناث أو کونها بمقدار قابل للتبریر والتوجیه الصحیح، و إلا فلا قیمة لهذه الفوائد مقابل الآثار السلبیة المتقدمة. فیکون الأهم إهمال هذه الفوائد و التوجه لحل المشکلات التی أشرنا إلیها فی الفقرة (أ). و على أی حال فمن أهم الفوائد بالنسبة للاختلاط، کما یقول البعض أو کما یمکن تصورها:

1- الفوائد الاقتصادیة: التخفیف على الخزینة و توفیر وقت الأساتذة، و الابنیة والمجمعات الدراسیة والامکانات الجامعیة و ...

2- اختبار النفوس و تمرینها، على العفة و الطهارة من خلال السیطرة على النفس الامارة و جهادها و کبح جماحها.

3- التعرف على نفسیة الجنس المخالف و طباعه وکسب التجارب العلمیة والعملیة.

4- العثور على الشریک الکفء و الملائم.

و من المسلّم إذا کانت السلبیات المتقدمة موجودة (و هو کذلک) فلا قیمة لهذه الفوائد التی أشرنا إلیها. إلا فیما یخص شریحة قلیلة من الطلاب و هم المتزوجون فمن المحتمل أن یستفیدوا من هذه الإیجابیات.

ج) دراسة ما یجب علینا فعله و إیجاد الحلول المناسبة للمشکلات التی تنشأ من هذه الظاهرة. و بشکل مختصر یمکن تقسیم الواجابات و الأعمال التی نواجه بها الاختلاط إلى قسمین:

1- الأعمال الفردیة:

على الطالب الجامعی فی بدایة الأمر أن یتحلّى بالقیم و المعاییر الإسلامیة و أن یزرع فی نفسه و روحه أخلاق الإسلام و تعالیمه و معرفة أحکامه بشکل دقیق. یقول قائد الثورة فی هذه المسألة: «إن المهم بالنسبة لطالب الجامعة هو تکامل إیمانه و فکره الإسلامی و رسوخ الإیمان فی قلبه و الفکر فی عقله، إضافة إلى روحیة التعبد، التعبد الواعی المنسجم مع معطیات العقل و الاستدلال المنطقی الذی لا یتنافى مع التقدم العلمی و التطور الحاصل فی جمیع میادین الحیاة. و إنه من مفاخر الجمهوریة الإسلامیة أن یؤدی مجموعة من الطلبة فی جامعة طهران فریضة الاعتکاف فی الأیام البیض من شهر رجب فی مسجد الجامعة، و هذا أمر فی غایة الأهمیة».[1] إن رسالة الطالب الجامعی المسلم هی العمل بإرشادات قائد الثورة و الثبات على العمل بالأحکام و التعالیم الإلهیة المقدسة.

و من الأمور المؤثرة فی هذا المجال، العلاقة الدائمة مع المراکز الدینیة کالحوزات العلمیة و علماء الدین و المرشدین.

2- العمل الاجتماعی:

إذا کان الطالب حریصاً على فی نفسه وقلقاً على نفسه من ناحیة حفظها وصیانتها، فلا یمکنه أن یکون لا أبالیا بالنسبة الى محیطه الاجتماعی ومجتمعه؛ لأن تأثیر المحیط الاجتماعی أمر لا یمکن إنکاره، و لذلک على الطلبة أن یجدوا فی مسألة تهذیب المحیط و تنقیته من کل الشوائب و بث التعالیم الإلهیة و الأخلاقیة فیه. إضافة إلى الاهتمام بفریضة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و أدائها بشکل معقول و متوازن و بطرق هادئة و حضاریة بعیداً عن الانفعالات و التوترات.

و کذلک الاهتمام بالبرامج الثقافیة و الترفیهیة المنظمة المفیدة بالتعاون مع المراکز الموجودة فی الجامعة من أجل خلق محیط سالم و نظیف یتحلى برعایة الموازین الشرعیة و القیم الدینیة الإلهیة فی حالة الاختلاط بالجنس الآخر، و الترکیز على الأضرار و المشکلات المترتبة على عدم رعایة هذه الموازین مع بیان فلسفة الأحکام الإسلامیة و انعکاساتها الإیجابیة فی حالة مراعاتها، وما یترتب من أضرار فادحة فی حالة الإعراض عنها و عدم رعایتها، و إذا ما وجدت بعض الحالات غیر المناسبة فاللجوء فی حلها إلى الطرق القانونیة و الضوابط المقررة بالتعاون مع إدارة الجامعة، و تقدیم الطلب الجماعی لاصلاحها والسعی فی تحقیق ذلک الاصلاح.

أما فیما یخص فتاوى المراجع فی الإجابة عن هذا السؤال:[2]

هل یوجد إشکال فی اختلاط الطلاب و الطالبات فی المحیط الجامعی؟

جواب جمیع المراجع (باستثناء آیة الله بهجت و آیة الله الصافی):

لا اشکال فی ذلک إذا کان الأمر یخلو من النظر المحرم و ارتکاب الذنوب المحرمة و الخوف من الوقوع فی الحرام، و إلا ینبغی على المسؤولین فی الجمهوریة الإسلامیة السعی لإیجاد خطة لفصل المراکز التعلیمیة و إقامة مراکز خاصة للطلاب و الطالبات کل على حدة.[3]

آیة الله بهجت و آیة الله الصافی: لایجوز لان الاختلاط یؤدی الى جعل الطلاب والطالبات فی معرض الوقوع فی الفساد.[4]



[1] بالاستفادة من برنامج پرسمان، بتصرف.

[2] برنامج پرسمان.

[3] آیة الله خامنئی، استفتاء، س646 و 638 آیة الله تبریزی، استفتاءات، س1592 و 1623 آیة الله مکارم، استفتاءات، ج1، س813 الإمام الخمینی، استفتاءات، ج3)، وظائف المرأة الاجتماعیة ( س19) مکاتب آیات الله العظام النوری، وحید، فاضل و السیستانی.

[4] آیة الله الصافی، جامع الأحکام، ج2، س1656 و 1657 و 1658 و مکتب آیة الله بهجت.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279432 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257221 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128133 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113231 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88987 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59830 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59544 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56851 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49721 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47160 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...