بحث متقدم
الزيارة
4633
محدثة عن: 2011/06/14
خلاصة السؤال
هل امتلاک الصوت الرخیم یوجب على صاحبه التصدی لمدح أهل البیت (ع) و رثائهم؟
السؤال
أتصدى فی شهری محرم وصفر و....لالقاء بعض قصائد المدیح و الثناء على أهل البیت و تلاوة القرآن، و بما أن أصدقائی و المقربین یثنون على أدائی و یقولون أنه فاعل و مؤثر فی نفوس المستمعین، و هنا تثار الاسئلة التالیة:
1. هل یجب علیّ هذا الفعل أم یستحب؟ و هل لو رفضت دعوة من طلب منی ذلک أکون من العاصین و المذنبین الذین یستحقون العقاب الأخروی؟
2. ما الحکم مع حضور شخص غیری یتکفل بالمهمة؟ و ما الحکم مع عدم وجود من یتصدى لذلک؟
3. ما الموقف عندما أشعر بالانتفاع المعنوی اکثر عندما تصدی غیری لذلک العمل حیث اشعر فی حضوری تلک المجالس بکبیر فائدة تعود علیّ أکثر مما لو تصدیت للأداء بنفسی، بل قد أصاب بالعجب و الریاء و... و هل یرجح انتفاع الجمهور على المنفعة الفردیة التی تعود علیّ عندما أحضر مجالس شخص آخر؟
الجواب الإجمالي

صحیح أنه لا یمکن الحکم فی الحالات الطبیعیة بوجوب بعض الاعمال من قبیل تلاوة القرآن، المدح و الرثاء، الدعاء و الأذان، لکن لا شک فی استحبابها.

و بما أن الرؤیة الاسلامیة تربط بین العمل و الثواب و العقاب و بین النیّة ارتباطاً وثیقاً فکلما خلصت النوایا و تطهرت القلوب من الریاء و السمعة و العجب و... ترتب الثواب الالهی. فلو کان الأمر کما وصفت و کنت تمتلک الصوت الرخیم المؤثر فی رفع معنویات الناس و طلب منک الناس أن تعرج بقلوبهم نحو المعنویات و الفیض الالهی، فلا ینبغی لک التملص عن تلک المسؤولیة المهمة، و لیس من المستحیل تطهیر النوایا و اخلاص العمل لله تعالى من خلال تهذیب النفس و ترویضها، ثم ان الشیطان قد یتربص للانسان من هذه الطریق لیصرفه عن إعمال الخیر و یصده عن الصلاح من خلال تخویفه من الوقوع فی العجب و الغرور!! فاذا التفت الانسان الى هذه المکر الشیطانی استطاع ان یجمع بین عمل الخیرات و بین النوایا الخالصة.

الجواب التفصيلي

صحیح أنه لا یمکن الحکم فی الحالات الطبیعیة بوجوب بعض الاعمال من قبیل تلاوة القرآن، المدح و الرثاء، الدعاء و الأذان، لکن لا شک فی استحبابها. و ذلک لأن من الابعاد المهمة فی الشخصیة الانسانیة البعد العاطفی و الشعوری، من هنا قد تؤدی التلاوة الجمیلة بصوت رخیم أو الدعاء أو المراثی الشعریة الى اقتراب القلوب من الله تعالى و یؤدی فی نهایة المطاف الى حث الانسان على الخیرات و الابتعاد عن الموبقات و الخطایا. و تتجلى أهمیة هذا العمل بصورة أکبر عندما تتوفر شروط موضوعیة خاصة، و لاریب ان عدم الالتفات الى تلک الظروف الموضوعیة و الشروط الخاصة یؤدی الى إعراض الناس عن الشعائر الدینیة، فاذا وصل الأمر الى هذه الحالة فحینئذ قد یجب شرعا بعض تلک الشعائر لأجل الحفاظ على الدین و تعزیز المعتقدات.

هذا، ثم إن قضیة الثواب و الأجر الذی یتلقاه المؤذن أو الراثی و... تتوقف على الاهداف و الغایات و النوایا التی یحملها ذلک الشخص نفسه.

و بما أن الرؤیة الاسلامیة تربط بین العمل و الثواب و العقاب و بین النیة ارتباطا وثیقاً فکلما خلصت النوایا و تطهرت القلوب من الریاء و السمعة و العجب و... و کان العمل خالصا لله تعالى، ترتب علیه الاجر و الثواب، و کلما ساءت النوایا انعکس الامر سلبا على الثواب و العقاب، من هنا نجد الروایات الواردة عن المعصومین (ع) تؤکد على هذا المعنى، منها ما روی عن النبی الأکرم (ص) أنه قال: "رُبَّ تَالِ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنُ یَلْعَنُهُ".[1]

فلو کان الأمر کما وصفت و کنت تمتلک الصوت الرخیم المؤثر فی رفع معنویات الناس –و هذا من النعم الالهیة- و طلب منک الناس أن تعرج بقلوبهم نحو المعنویات و الفیض الالهی، فحنئذ من اللائق بک الاستجابة لهم و عدم التذرع بذراع مختلفة للتملص عن المسؤولیة؛ و أما قضیة النیّة و إخلاص العمل فیمکنک ذلک من خلال تهذیب النفس و الالتزام بالموازین الشرعیة من قبیل الصدق فی القول و الفعل و عدم استغلال نعمة الصوت فی مزاحمة الناس و...

و اما بالنسبة الى وظیفتک مع وجود مداح آخر فهذه قضایا تدرس کل واحدة منها فی ظروفها الخاصة و لا یمکن اعطاء معالجة عامة و تحدید موقف واحد لجمیع الحالات، بل علیک ان تضع الله نصب عینک و تحاول ان تدرس القضیة من جمیع أبعادها و هل أن المنفعة الشخصیة هنا أولى أم إسداء النفع الى الآخرین؟ علماً أنه لا تنافی بین الاثنین فمن الممکن الجمع بین المنفعتین فی آن واحد، و هذه قضیة تتبع باطن الانسان و نوایاه فهو العارف بحقیقة الأمر حتى لو تذرع بشتّى الذرائع و لذلک نرى القرآن الکریم یشیر الى هذه الحقیقة بقوله: "بل الانسان على نفسه بصیرة".[2]

و من الجدیر بالذکر هنا أن الشیطان قد یتربص للانسان من هذه الطریق فیصرفه عن إعمال الخیر و یصده عن الصلاح من خلال تخویفه من الوقوع فی العجب و الغرور!! فاذا التفت الانسان الى هذه المکر الشیطانی استطاع ان یجمع بین عمل الخیرات و بین النوایا الخالصة.

من هنا لابد من تهذیب النفس و التمسک بالعبادات و الطاعات و الولوج فی میادین الخیر و الصلاح بلا عجب و لا ریاء و لا غرور.



[1] انظر: المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 89، ص 184، ح 19، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ ق.

[2]القیامة،14.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279461 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257324 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128190 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113303 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89021 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59875 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59586 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56879 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49813 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47188 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...