بحث متقدم

ان مراعاة النظافة فی کل مکان و لجمیع الافراد من الرجال و النساء  امر واجب و ضروري. یجب علی الانسان ان یحافظ علی نظافة ملابسه و جسده دائما. علیه ان یذهب الی الحمام مرة واحدة علی الاقل فی کل اسبوع. یغسل و ینظف یدیه و وجهه فی کل صباح. یستاک و ینظف اسنانه. یمشط شعره. یحسن شعر رأسه و وجهه. یغسل رجلیه کل یوم حتی لاتکون رائحتها کریهة. ان تکون جواربه نظیفة دائما. ان تکون ملابسه مغسولة و نظیفة. یلبس و یرتدی ملابسا جیدة و جمیلة علی قدر استطاعته المالیة.

لقد اوصی الاسلام بالنظافة و بارتداء الملابس الجمیلة کثیرا، حیث ان الرسول الاکرم(ص) قال فی هذا الصدد: النظافة من الایمان.[1] و قال(ص) حول تنظیف الاسنان و الاستیاک: اوصانی جبرئیل بالسواک حتی خفت علی اسنانی.[2] و قال الامام علي(ع) عن النظافة و الجمال: الله جمیل و یحب الجمال و یحب ان یری اثر نعمه علی عبده.[3]

من الأشياء الجديرة بامعان النظر في هذه المسألة، هی أن النظافة و التزین لا يقتصران على النساء فقط، بل يجب على الرجال أيضًا الاهتمام بمظهرهم و أن يكونوا نظيفين و أنيقين... .

انّ بعض الرجال - اساسا- لم یلتزمو بالنظافة و الجمال. لا یعتنون کثیرا بحلق راسهم و وجههم. یظهرون بملابس متسخة و شعر مشوّش في المنزل و امام الناس. بالطبع، قد يكون اکثر الرجال ملتزما بالتجمل و النظافة و التانق و لکنهم یفعلون ذلک لاجل خارج المنزل فقط. فاذا ارادو الذهاب الی الدائرة او السوق او الشارع او مجلس الضیافة فعند ذلک یقومون بتحسین  رؤسهم و وجوههم، یمشطون شعرهم، یلبسون احسن و اجمل ثیابهم، ثم یخرجون من المنزل. لکن عندما یرجعون الی البیت، یخلعون تلک الملابس الجمیله المکویة و یلبسون الملابس الوسخة المندرسة بدلا منها. قلیلاما یتفق انهم یمشطون شعرهم و یتقیدون بالتزین و التجمل فی المنزل. إنهم یترکون النظافة و التزین و ارتداء الملابس الانیقة من اجل خارج المنزل و  للناس الاجانب، و لكن لا يهتمون بأسرتهم.

من الضروری التوجه الی هذه النکته، بانه کما لایحب الرجل ان تکونه زوجته امراة شعثاء، بل یتقوقع منها ان تهتم بنفسها فی المنزل و تکون نظیفة جمیلة، لیکن مطمئنا ان زوجته ایضا هکذا تتوقع منه. هی ایضا تکره الزوج الاشعث و قبیح المنظر و تحب ان تری زوجها جمیلا و مرتبا دائما. قد نقل فی حدیث عن الامام الصادق(ع) بانه یجب علی الرجل ان یکون له منظر و مظهر حسن و جمیل مما یجعل زوجته تمیل الیه اکثر.[4]

ایضا یقول الراوی: رأیت ابا الحسن(ع) و قد اختضب. فقلت له جعلت فداک اختضبت؟ فقال نعم. ان التهیئة مما یزید فی عفة النساء. و لقد ترک النساء العفة بترک ازواجهن التهیئة.[5] ثم قال(ع) فی ادامة هذا الحدیث: ان من اخلاق الانبیاء التنظّف و التطیّب و حلق الشعر... .

نقل انه دخل قوم علی الامام الباقر(ع) عندما کان مختضبا فسألوه عن ذلک. فقال(ع): بما ان النساء یفرحن بجمال ازواجهن فانی اختضبت و تزینت لزوجاتی.

یقول الراوی: دخلت علی ابی جعفر(ع) انا و صاحب لی، فاذا هو فی بیت منجد و علیه ملحفة وردیة و قد حف لحیته و اکتحل. فسألنا عن مسائل. فلما قمنا قال لی...... اذا کان غدا فأتنی انت و صاحبک. فقلت نعم جعلت فداک. فلما کان من الغد دخلت علیه و اذا هو فی بیت لیس فیه الّا حصیر و اذا علیه قمیص غلیظ، ثم اقبل علی صاحبی فقال یا اخا البصرة انک دخلت علی أمس و انا في بیت المرأة و کان أمس یومها و البیت بیتها و المتاع متاعها فتزینت لي علی ان اتزین لها کما تزینت لي فلا یدخل قلبک شيء . فقال له صاحبی: جعلت فداک قد کان و الله دخل في قلبي فأما الآن فقد و الله أذهب الله ما کان و علمت ان الحق فی ما قلت.[6]

ما یستفاد من هذا الحدیث، هو ان الامام(ع) لم یتوقع من زوجته ان تجلس مثله علی حصیر، او ان تلبس لباسا خشنا. ایضا ما یستفاد من مجموع المطالب المعروضة، هو ان النظافة و التزین و جمال المظهر للرجال من الامور التی قد اوصی بها الاسلام و زعماء الدین بجدیة.

 

 


[1]. المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 59، ص 291، بیروت، مؤسسة الوفاء، 1404ق.

[2]. الکلینی، الکافی، ج 6، ص 496، باب السواک، دار الکتب الاسلامیة، تهران، 1365ش.

[3]. الحر عاملى، وسائل الشیعة، ج 5، ص 5، قم، مؤسسه آل البیت علیهم‏السلام، 1409 ق. "قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعَمِهِ عَلَى عَبْدِهِ".

[4]. ابن شعبه الحرانى، الحسن بن على، تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه و آله، المحقق و المصحح، الغفاری، علی اکبر، ص 323، قم، جامعة المدرسين، الطبعة الثانیة، 1404ق.

[5]. وسائل الشیعة، ج 20، ص 246. "قَالَ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ التَّنَظُّفُ وَ التَّطَيُّبُ وَ حَلْقُ الشَّعْرِ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ الْحَدِيثَ".

[6]. بحار الأنوار، ج ‏46، ص 293.

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279359 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256920 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112883 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88920 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59630 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59356 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56813 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49392 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47111 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...