لقد اوصی الاسلام بالنظافة و بارتداء الملابس الجمیلة کثیرا، حیث ان الرسول الاکرم(ص) قال فی هذا الصدد: النظافة من الایمان.[1] و قال(ص) حول تنظیف الاسنان و الاستیاک: اوصانی جبرئیل بالسواک حتی خفت علی اسنانی.[2] و قال الامام علي(ع) عن النظافة و الجمال: الله جمیل و یحب الجمال و یحب ان یری اثر نعمه علی عبده.[3]

من الأشياء الجديرة بامعان النظر في هذه المسألة، هی أن النظافة و التزین لا يقتصران على النساء فقط، بل يجب على الرجال أيضًا الاهتمام بمظهرهم و أن يكونوا نظيفين و أنيقين... .

انّ بعض الرجال - اساسا- لم یلتزمو بالنظافة و الجمال. لا یعتنون کثیرا بحلق راسهم و وجههم. یظهرون بملابس متسخة و شعر مشوّش في المنزل و امام الناس. بالطبع، قد يكون اکثر الرجال ملتزما بالتجمل و النظافة و التانق و لکنهم یفعلون ذلک لاجل خارج المنزل فقط. فاذا ارادو الذهاب الی الدائرة او السوق او الشارع او مجلس الضیافة فعند ذلک یقومون بتحسین  رؤسهم و وجوههم، یمشطون شعرهم، یلبسون احسن و اجمل ثیابهم، ثم یخرجون من المنزل. لکن عندما یرجعون الی البیت، یخلعون تلک الملابس الجمیله المکویة و یلبسون الملابس الوسخة المندرسة بدلا منها. قلیلاما یتفق انهم یمشطون شعرهم و یتقیدون بالتزین و التجمل فی المنزل. إنهم یترکون النظافة و التزین و ارتداء الملابس الانیقة من اجل خارج المنزل و  للناس الاجانب، و لكن لا يهتمون بأسرتهم.

من الضروری التوجه الی هذه النکته، بانه کما لایحب الرجل ان تکونه زوجته امراة شعثاء، بل یتقوقع منها ان تهتم بنفسها فی المنزل و تکون نظیفة جمیلة، لیکن مطمئنا ان زوجته ایضا هکذا تتوقع منه. هی ایضا تکره الزوج الاشعث و قبیح المنظر و تحب ان تری زوجها جمیلا و مرتبا دائما. قد نقل فی حدیث عن الامام الصادق(ع) بانه یجب علی الرجل ان یکون له منظر و مظهر حسن و جمیل مما یجعل زوجته تمیل الیه اکثر.[4]

ایضا یقول الراوی: رأیت ابا الحسن(ع) و قد اختضب. فقلت له جعلت فداک اختضبت؟ فقال نعم. ان التهیئة مما یزید فی عفة النساء. و لقد ترک النساء العفة بترک ازواجهن التهیئة.[5] ثم قال(ع) فی ادامة هذا الحدیث: ان من اخلاق الانبیاء التنظّف و التطیّب و حلق الشعر... .

نقل انه دخل قوم علی الامام الباقر(ع) عندما کان مختضبا فسألوه عن ذلک. فقال(ع): بما ان النساء یفرحن بجمال ازواجهن فانی اختضبت و تزینت لزوجاتی.

یقول الراوی: دخلت علی ابی جعفر(ع) انا و صاحب لی، فاذا هو فی بیت منجد و علیه ملحفة وردیة و قد حف لحیته و اکتحل. فسألنا عن مسائل. فلما قمنا قال لی...... اذا کان غدا فأتنی انت و صاحبک. فقلت نعم جعلت فداک. فلما کان من الغد دخلت علیه و اذا هو فی بیت لیس فیه الّا حصیر و اذا علیه قمیص غلیظ، ثم اقبل علی صاحبی فقال یا اخا البصرة انک دخلت علی أمس و انا في بیت المرأة و کان أمس یومها و البیت بیتها و المتاع متاعها فتزینت لي علی ان اتزین لها کما تزینت لي فلا یدخل قلبک شيء . فقال له صاحبی: جعلت فداک قد کان و الله دخل في قلبي فأما الآن فقد و الله أذهب الله ما کان و علمت ان الحق فی ما قلت.[6]

ما یستفاد من هذا الحدیث، هو ان الامام(ع) لم یتوقع من زوجته ان تجلس مثله علی حصیر، او ان تلبس لباسا خشنا. ایضا ما یستفاد من مجموع المطالب المعروضة، هو ان النظافة و التزین و جمال المظهر للرجال من الامور التی قد اوصی بها الاسلام و زعماء الدین بجدیة.

 

 


[1]. المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 59، ص 291، بیروت، مؤسسة الوفاء، 1404ق.

[2]. الکلینی، الکافی، ج 6، ص 496، باب السواک، دار الکتب الاسلامیة، تهران، 1365ش.

[3]. الحر عاملى، وسائل الشیعة، ج 5، ص 5، قم، مؤسسه آل البیت علیهم‏السلام، 1409 ق. "قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعَمِهِ عَلَى عَبْدِهِ".

[4]. ابن شعبه الحرانى، الحسن بن على، تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه و آله، المحقق و المصحح، الغفاری، علی اکبر، ص 323، قم، جامعة المدرسين، الطبعة الثانیة، 1404ق.

[5]. وسائل الشیعة، ج 20، ص 246. "قَالَ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ التَّنَظُّفُ وَ التَّطَيُّبُ وَ حَلْقُ الشَّعْرِ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ الْحَدِيثَ".

[6]. بحار الأنوار، ج ‏46، ص 293.