بحث متقدم
الزيارة
6685
محدثة عن: 2008/07/29
خلاصة السؤال
هل أن الناس الذین کانوا یسکنون الکهوف هم من نسل آدم (ع)؟
السؤال
هل أن الناس الذین کانوا یعیشون فی الکهوف ینتسبون لآدم (ع)؟
الجواب الإجمالي

إن اختیار الکهوف و الجبال للسکنى من قبل نسل آدم (ع)، أمر یؤیده القرآن الکریم، و أما فیما یخص الإنسان السابق لآدم (ع) فهناک الکثیر من الشواهد التی تدل على سکنى الإنسان للکهوف و الغیران، و هذا أمرٌ غیر قابل للإنکار، و یجب النظر فی الآثار و الکتابات الموجودة فی جدران الکهوف للتعرف من خلالها على العصر الذی ترجع إلیه هذه الآثار.

و على أی حال فالمشخص أن تاریخ خلق آدم لم یکن لیرجع إلى حقب تاریخیة بعیدة جداً.

الجواب التفصيلي

من أجل الحصول على الجواب التفصیلی لابد من التوجه إلى النقاط التالیة:

1. هناک شواهد کثیرة تشیر إلى وجود إنسان ینتمی إلى عصور سابقة لعصر آدم أبی البشر (ع).

یقول المرحوم العلامة الطباطبائی: یمکن أن یشم من الآیة 3 فی سورة البقرة أنه یوجد إنسان قبل خلق آدم (ع) و على هذا الأساس یوجه سؤال الملائکة فی قولهم: «قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیهَا مَنْ یُفْسِدُ فِیهَا وَ یَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَ نُقَدِّسُ لَکَ» لما کان یرتکز فی أذهانهم من تاریخ الإنسان قبل آدم (ع).[1] و قد نقل الصدوق فی کتاب التوحید قول الإمام الصادق (ع) حیث قال: «لعلک ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، و ترى أن الله لم یخلق بشراً غیرکم، بلى و الله لقد خلق الله ألف ألف عالم، و ألف ألف آدم، أنت فی آخر تلک العوالم و أولئک الآدمیین».[2]

2. یمکن إثبات وجود أجیال من جنس الإنسان الحالی کانوا یسکنون الکهوف، و ذلک من خلال النقوش و الکتابة التی عُثِر علیها فی جدران الکهوف و الغیران.[3] و لکن هل أن هذه القرائن تدل على أن إنسان الکهوف ینتمی إلى هذا الجنس الحاضر من البشر، أم أنه ینتمی إلى أجیال سابقة، هذا ما یحتاج إلى إثبات.[4]

و لکن ظاهر بعض الآیات یدل على أن الإنسان الحاضر ینتهی نسبة إلى آدم (ع) و زوجته حواء.[5] یقول الله تعالى مثلاً: «یَا بَنِی آَدَمَ لا یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطَانُ کَمَا أَخْرَجَ أَبَوَیْکُمْ مِنَ الْجَنَّةِ».[6]

و نحن نعلم أن القرآن کتاب لجمیع البشر و أن خطابه موجه إلى جمیع الناس و یقول فی آیة أخرى: «یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً کَثیراً وَ نِساءً».[7]

و على هذا الأساس إذا وجدت بعض الآثار التی تدل على وجود الإنسان قبل ملایین السنین فلابد من القول أن هذه الآثار لا تتعلق بالأجیال التی تحدّر منها الإنسان الحالی، لأن الظاهر أن قصة خلق آدم (ع) لا تصل إلى 7000 سنة ماضیة.[8]

و أما إذا کانت الآثار تدل على أنها تتعلق بما بعد هذا التاریخ فلا یبعد القول أنها ذات صلة بالأجیال المتقدمة للإنسان الحاضر و أن أبناء آدم الأوائل کانوا یسکنون الکهوف أیضاً.

و من الطبیعی أنه لا یمکن أن یقاس وضع المساکن فی قدیم الزمان بما هو علیه فی عصرنا الحاضر، و هذا الأمر یقودنا إلى القول أن المساکن فی العهد القدیم کانت بسیطة و ذات إمکانات متواضعة، حتى أن الأجیال الأولى للإنسان کانت تأوی إلى الشقوق و الکهوف الموجودة فی الجبال لحمایة أنفسها من قسوة الطبیعة و بطش الحیوانات المفترسة، و هذا أمر طبیعی فی عدم توفر الإمکانات اللازمة لبناء المساکن المتطورة، و قد أشار القرآن الکریم إلى ذلک بالقول: «وَ جَعَلَ لَکُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَکْنَاناً».[9]

و الأکنان جمع کن: و یعنی ما یحفظ و یغطی و یستر، و لذلک أطلق على الشقوق و الکهوف و الغیران اسم الأکنان، و نلاحظ هنا أن السکنى فی الکهوف و تشققات الجبال ذکرت باعتبارها نعمة لا ینبغی إغفالها.[10] کما أن السکنى فی مثل هذه الکهوف امتدت إلى زمن طویل حتى فی العهد الصناعی، و أنها تعد من علامات التطور و التقدم، کما ورد فی القرآن الکریم فی معرض الحدیث عن أقوام کانوا ینحتون الجبال منازل و کانوا یعیشون فی نعمة فارهین.[11] و علیه فوجود الإنسان المتحدر من نسل آدم فی الکهوف لیس أمراً مستبعداً و لا یوجد أی أشکال فی ذلک.



[1] ترجمة المیزان، ج 4، ص 223.

[2] المصدر نفسه، ص 231.

[3] البعض یعتقد أن: من الامور المسلمة ان سکنة الغیران هم من نسل آدم (ع)، دائرة المعارفة الجدیدة، ج 4، ص 331.

[4] ترجمة المیزان، ج 4، ص 223.

[5] ترجمة المیزان، طبعة جماعة المدرسین، ج 4، ص 223.

[6] الأعراف، 27.

[7] النساء،1.

[8] للاطلاع الأکثر، انظر: موضوع: عمر النوع البشری فی منظور القرآن الکریم، سؤال 701 (الموقع: ).

[9] النحل، 81.

[10] انظر: تفسیر الأمثل، ج 11، ص 346.

[11] انظر: الشعراء، 149.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما معنی المحکم و المتشابه؟ و ما سبب الاختلاف فی عدد الآیات المتشابهة؟
    6254 علوم القرآن 2014/02/19
    "المتشابة" هو ما تشابه أجزاؤه المختلفة، و لذلک فالمجمل و الکلمات التی تکون معانیها معقّدة و تنطوی علی احتمالات مختلفة متساویة ولم یترجح بعضها على البعض الآخر، توصف بأنها متشابهة. و فی مقابل "المتشابة" "المحکم" و هو من "الإحکام" و هو المنع، و لهذا یُقال للمواضیع الثابتة و ...
  • أین ذوالفقار، سیف الإمام علی (ع) الآن؟
    8656 تاريخ بزرگان 2010/08/05
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • هل التوسل یؤدّی الی الضلال و هل یوجد عندنا دلیل علی التوسل؟
    6341 الکلام القدیم 2011/09/13
    التوسل لیس فقط غیر مؤدٍ للضلالة فحسب، بل هو طریق و وسیلة للقرب الإلهی. و إن شفاء الإمام الرضا (ع) للمریض لیس هو الدلیل الأصلی علی صحة التوسل بل هو من المؤیدات الجیدة علی ذلک. طبعاً غیر ما سنبینه من الأدلة العقلیة و النقلیة. فنظام العالم قائمٌ علی أساس العلة ...
  • هل صحیح ان بعض جثامین الشهداء فی الحرب العراقیة الایرانیة لم تتفسخ و بقیت على وضعها الطبعیی؟
    5692 الکلام القدیم 2012/02/19
    لما کان بدن الحیوانات قد رکب بطریقة یتفسخ مع انفصال الروح عنه، حیث یتعفن البدن و تتفکک اعضاؤه و خلایاها، و هذا هو القانون الطبیعی على الاجسام الحیوانیة، و من هنا یکون من المستبعد – و لیس من المستحیل- بقاء الاجسام فترة طویلة فی منأى و مأمن من التفسخ و ...
  • ما المراد بأسطورة الغرانیق؟
    6207 التفسیر 2008/11/04
    أسطورة الغرانیق من صنع أعداء الإسلام و القرآن، و هدفهم فی وضعها إضعاف منزلة القرآن و الانتقاص من قدر النبی الأکرم (ص). و قد قالوا فی الأسطورة: کان النبی (ص) منشغلاً بقراءة سورة النجم فی مکة، و عندما وصل إلى الآیة التی تذکر أسماء أصنام المشرکین فی ...
  • مَن هم أولاد و ذرّیة جعفر الکذّاب الذی تاب فیما بعد؟
    6400 التاریخ 2013/12/03
    من المحتمل أن یکون هذا السؤال مرتبطا بالتوقیع الشریف للإمام الحجة (عج) ففی غیبته الصغرى (ع) و فی فترة نیابة النائب الثانی، "محمد بن عثمان العمری" وجهت له (ع) عدة أسئلة مکتوبة أحدها عن إبن جعفر بن الإمام الهادی (ع) عم الإمام الحجة (عج) و أولاده. و قد ...
  • هل تتنافى الرؤیة الاسلامیة التی تؤکد على التوکل مع الرؤیة التربویة التی تحث على الاعتماد على النفس؟
    5826 العملیة 2008/05/10
    معرفة وجود التنافی بین الرؤیتین و عدمه متوقف على تحدید المراد من المصطلحین.ان مفهوم الاعتماد على النفس فسر بنحوین:1. معرفة القدرات و الاستعدادات التی تتوفر لدى الفرد و الاستناد على الامکانیات المتاحة لدى الشخص للوصل الى الاهداف و نیل الهویة الواقعیة.هذا المعنى لایتنافى بای حال من الاحوال ...
  • هل تنتقض التوبة بالوسوسة و التفکیر فی الامور الشهویة؟
    4844 العملیة 2010/11/21
    إذا کنت تقصد بالوسوسة و التفکیر فی الامور الشهویة، هو ان تعرض لک مثل هذه الأفکار و تأتی الی ذهنک من دون اختیار منک، فمثل هذه الوساوس حیث أنها غیر اختیاریة فهی لیست حراماً و معصیة، و علی الانسان أن یسعی لإزالة مقدمات مثل هذه الافکار لکی ...
  • هل يوجد دعاء لرفع الكسل و الخمول؟
    9436 العملیة 2012/03/03
    من الامور التي ذمتها التعاليم الدينية الكسل و الخمول، و قد نظر الائمة (ع) الى هذه الصفة بنظرة ذامة و كانوا يسعيذون بالله منها. وقد وردت مجموعة من الادعية في هذا المجال، منها: 1. عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (ع) أن يعلمني ...
  • کیف تکونت العلمانیة‌ أو فکرة الفصل بین الدین و السیاسة؟
    7093 الکلام الجدید 2007/07/21
    أدرک المؤمنون النصاری فی عصر النهضة، انه لیس فی وسع هذه الشریعة ان تتولی تلبیة الحاجات الاجتماعیة والسیاسیة الجدیدة، و هکذا ولدت فکرة الفصل بین الدین و السیاسة.ان العلمانیة هی ابن شرعی للثقافة الغربیة، لأن شریعة تنحرف عن مسارها الإلهی النقی و تختلط بالأهواء و الآراء الأرضیة، لم تکن ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    277726 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    252089 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    125723 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    110751 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    87591 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    58170 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    56738 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56103 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    46686 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    46124 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...