بحث متقدم
الزيارة
6458
محدثة عن: 2012/01/18
خلاصة السؤال
ما هی الأعمال التی تمحو الذنوب الکبیرة؟
السؤال
ما هی الأعمال التی تمحو الذنوب الکبیرة؟
الجواب الإجمالي

لا تقع الذنوب التی یرتکبها العباد فی رتبة واحدة، و علی هذا فغفرانها أیضاً متعلّق بنوع الذنب المرتکَب. فقد یغفر الذنب باستغفار لسانی واحد، و قد تحتاج إلی مشقة و جبران أکثر لرفع ذنب آخر. من الطبیعی، ان طریق الرجوع إلی الله (التوبة) مفتوح فی الإسلام أمام الإنسان المذنب مادام علی قید الحیاة، و یجب علیه للوصول إلی هذا المطلوب أن یبذل کل ما فی وسعه لجبران حقوق الله سبحانه و حقوق الناس المضیعة، هذا بعد التوسّل بالله سبحانه و بأهل البیت (ع) و طلب المعونة منهم.

الجواب التفصيلي

فی بدایة الجواب نذکر آراء العلماء المسلمین فی تقسیم الذنوب إلی صغیرة و کبیرة بشکل مختصر، ثم ندخل فی بیان الطرق التی تساعدنا فی إزالة آثار الذنوب من حیاتنا.

توجد فی النصوص الإسلامیة ثلاث وجهات نظر عن الذنوب الکبیرة، تفیدنا الإشارة إلیها فی الوصول للجواب الصحیح.

الأول: ان المراد من الذنوب الکبیرة هی التی أوعد الله علیها بالنار.

الثانی: ان المراد من الذنوب الکبیرة هی التی هناک أدلة قطعیة روائیة کانت أم قرآنیة علی حرمتها.

الثالث: کل الذنوب –بناء علی عدة من الروایات- فی مقابل عظمة الله، کبیرة. أما التعبیر بالصغائر عن بعض الذنوب فهو عند قیاسها بذنوب أخری. لمزید من الاطلاع فی هذا المجال راجعوا موضوع "غفران الذنوب" رقم 843 (الموقع: 914).

نقول بعد أخذ هذه المقدمة بنظر الاعتبار، ان من المسائل التی اهتمّت بها التعالیم الإسلامیة کثیراً، هی أن الذی یبعث علی ضیاع الإنسان و هلاکه هو الإبتعاد عن الأوامر الإلهیة و الاقبال علی الذنب حیث اوعدنا الله علیها عن طریق الآیات القرآنیة و روایات أهل البیت (ع) عقوبات شدیدة، لکن النکتة التی یجب أن لا نغفل عنها هی أن الذنوب لها قابلیة تغییر مسیر الإنسان نحو السعادة بما لها من آثار سیئة فی الجوانب الفردیة و الاجتماعیة المختلفة، لکن بما أن الإسلام لا توجد فیه طرق مسدودة، یمکن لکل شخص و تحت أیّ من الشروط أن یغیّر مسیره إلی ما یؤدّی إلی حُسن عاقبته.

طرق زوال آثار الذنوب و محوها:

یعبّر عن محو آثار الذنوب بواسطة بعض الأعمال بـ "التکفیر"، و بما ان الأعمال التی یمکن أن تکون مکفّرة کثیرة لا یمکن استقصاؤها نکتفی هنا بالإشارة إلی بعضها:

1- أداء الصلوات الواجبة و المستحبة: حیث یقول الله عنها فی القرآن: "وَ أَقِمِ الصَّلَوةَ طَرَفىَ‏ِ النهَّارِ وَ زُلَفًا مِّنَ الَّیْلِ إِنَّ الحْسَنَاتِ یُذْهِبنْ‏َ السَّیِّاتِ ذَالِکَ ذِکْرَى‏ لِلذَّاکِرِین". [1]

2- الاستغفار: فهو من الموارد التی تکون سبباً لمحو الذنوب و قد اُشیر إلی هذه المسألة فی الروایات بصور متعددة فعن الإمام الصادق (ع): "إن العبد إذا أذنب أجلّ من غدوةٍ إلی اللیل فإن استغفر الله لم یکتب علیه". [2]

و یقول (ع) فی روایة أخری "ما من مؤمن یذنب ذنباً إلا أجله الله عزّ و جلّ سبع ساعات من النهار، فإن هو تاب لم یکتب علیه شیء و إن هو لم یفعل کتب الله علیه سیئة". [3]

و فی روایة أخری عن النبی محمد (ص): "لکل داءٍ دواء، و دواء الذنوب الإستغفار". [4]

و النکتة التی تستحق الذکر فیما یتعلّق بالاستغفار الذی یزیل آثار الأعمال القبیحة هی، لیس المراد من الاستغفار هو الذکر اللسانی فحسب، أی قول أستغفر الله فلیس معناه أن کل شخص مهما ضیّع من حقوق الله و عبیده فی حیاته بمجرد أن یجری هذا الذکر علی لسانه تغفر ذنوبه، فهذا الذکر لوحده لا فائدة فیه بل قد یجر إلی آثار عکسیة.

فعن الإمام الرضا (ع): "سبعة أشیاء بغیر سبعة أشیاء من الاستهزاء، من استغفر بلسانه و لم یندم فقد استهزأ بنفسه ...". [5]

3- الصلاة و السلام علی النبی (ص) و أهل بیته (ع): من الأمور التی توجب زوال الذنوب هو کثرة الصلواة علی محمد و آل محمد (ص). فعن الإمام الرضا (ع): "من لم یقدر علی ما یکفِّر به ذنوبه، فلیکثر من الصلاة علی محمدٍ و آله فإنها تهدم الذنوب هدماً". [6]

نکتفی الآن بذکر بعض العناوین المساعدة فی محو الذنوب مع ذکر المصدر:

صوم شهر رمضان، [7] اغاثة المظلوم و القاء السرور علی قلوب المؤمنین، [8] الحزن علی المیت، [9] الذهاب إلی المسجد للصلاة بعد اذان المؤذّن، [10] تلاوة القرآن، [11] البکاء علی مصائب الإمام الحسین (ع)، [12] زیارة قبر النبی (ص) و الأئمة المعصومین (ع)، [13] النظر إلی بیت الله الحرام (الکعبة)، [14] عدم النظر فی الخلوة حیاء من الله تعالی، [15] السعی فی قضاء حوائج المؤمن المریض، [16] صوم شهر رمضان و حفظ البطن و الفرج و اللسان فیه. [17]



[1]  هود، 114.

[2]  الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج2، ص437، ح1، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ.ش.

[3]  نفس المصدر، ح3.

[4]  نفس المصدر، ص439، ح8.

[5]  المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج75، ص356، ح11، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ.ق.

[6]  نفس المصدر، ج91، ص48، ح2.

[7]  نفس المصدر، ج94، ص91، ح5.

[8]  نفس المصدر، ج75، ص68، ح5.

[9]  نفس المصدر، ج73، ص16.

[10]  نفس المصدر، ج81، ص154.

[11]  نفس المصدر، ج89، ص17، ح18.

[12]  نفس المصدر، ج44، ص283، ح17.

[13]  الصدوق، محمد بن علی، من لا یحضره الفقیه، ج2، ص 577، باب زیارة النبی (ص) و

الأئمة (ع)، إنتشارات جامعة المدرسین، قم، 1413 هـ.ق.

[14]  نفس المصدر، ج2، ص204، ح2142.

[15]  نفس المصدر، ج4، ص412، ح5895.

[16]  نفس المصدر، ج4، ص15.

[17]  بحار الأنوار، ج93، ص371، ح55.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

  • إذا اعطینا بعض الذهب لشخص واقترضنا منه، فهل یکون هذا مثالاً على الربا؟
    1718 قرض الحسنه و ربا 2021/08/10
    إذا تمّ إعطاء هذا المبلغ من الذهب للطرف الآخر فقط کرهن وضمانة، فلا اشکال فی ذلک، وفی هذه الحالة، یجب علیه إعادة نفس الذهب بعد سداد القرض.أما إذا کان من المفترض أن یتاجر الطرف الآخر بهذا المقدار من الذهب ویستفید منه، وبعد سداد القرض یرد ما ...
  • لماذا جاء فی سورة هود جملة { ألا إن عادا کفروا ربهم} و لم یقل کفروا بربهم؟
    4752 التفسیر 2013/11/23
    قال تعالى فی معرض حدیثه عن مصیر عاد: «وَ أُتْبِعُوا فی‏ هذِهِ الدُّنْیا لَعْنَةً وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ أَلا إِنَّ عاداً کَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ»؛[1] واعرب بعض المفسرین کلمة "رب" فی قوله " ربهم" مفعولا به للفعل کفروا.[2]
  • إذا کان الامام الحجة (عج) هو الذی یختار مراجع التقلید إذن ما هو دور الآخرین فی اختیار المجتهد و الولی الفقیه؟
    5034 الحقوق والاحکام 2008/12/14
    نشکرکم على حسن انتباهکم. و کما أشرنا فی الجواب التفصیلی عن السؤال 3668(الموقع: 3985)فالامام لم ینصب شخصاً معیناً للولایة، لکنه نصب الفقهاء بصورة عامة.و علیه، فلیس المراد من اختیار و تأیید الامام الحجة (عج) المراجع هو اختیار ...
  • ما حکم تناول لبن الکفیر؟
    5693 الحقوق والاحکام 2011/11/06
    مکتب آیة الله العظمى السید الخامنئی (مد ظله العالی):طاهر و حلال الا اذا استیقن المکلف شخصیا بکونه مخلوطا بالکحول المسکر المائع بالاصالة.مکتب آیة الله العظمى السید السیستانی (مد ظله العالی):لا اشکال فیهمکتب آیة الله العظمى الشیخ مکارم الشیرازی (مد ظله العالی):لا اشکال فیه اذا لم ...
  • ما هی الفترة المناسبة لتعلیم الأطفال الثقافة الجنسیة؟
    5750 العملیة 2010/12/21
    التربیة لغة بمعنى الرشد و النمو، و فی الاصطلاح هی: تنمیة الاستعدادات الباطنیة. و قد اهتم الاسلام بالتربیة على المستویین البدنی و الروحی (المعنوی) معاً؛ لکنه أولى الامور التی تتعلق بروح الانسان و هویته الحقیقیة اهتماماً خاصاً و من هنا رکز الاهتمام على التربیة الروحیة کثیراً.
  • لماذا أطلق النبي (ص) وصف خاصف النعل على أمير المؤمنين (ع)؟
    7340 خصوصیات و مناقب 2012/06/14
    مع ان المتكلم العربي و غير العربي حرّ في اختيار الاسلوب و الطريقة التي يعبّر بها عن مراده و بأساليب مختلفة، و لكن مع ذلك يمكن تبرير وصف أمير المؤمنين (ع) بخاصف النعل، بوجوه متعددة، منها: 1. التوصيف يحكي عن شدة تواضعه (ع) أمام الرسول ...
  • ما الفرق بين كلمة نزّلنا و أنزلنا؟
    7870 التفسیر 2012/07/12
    الكلمتان نزلنا و انزلنا كلاهما من الجذر"نزل" و نزل فلان عن الدابة، أو من علو إلى سفل.[1]‏ و لما كانت كملة "نزلنا" من باب تفعيل (تنزيل) و أنزلنا من باب إفعال (انزال) - و مع كون كلا البابين من الابواب التي تجعل الفعل ...
  • هل إن إزالة المراهم الصحیة و العطور واجبة قبل غسل الجنابة؟
    5130 الحقوق والاحکام 2008/10/22
    الواجب فی الغسل إزالة الموانع التی تحول دون وصول الماء إلى البشرة، و یقول المراجع العظام فی هذه المسألة:"تجب إزالة الشیء الذی یشکل مانعاً بین الماء و الجسم، و إذا اغتسل قبل أن یتیقن بزوال المانع فإن غسله باطل".[1]و فی المحصلة: إذا ...
  • لماذا دفن نبي الاسلام في بیته؟
    5166 تاريخ بزرگان 2012/05/05
    بعد ارتحال نبي الاسلام الاکرم (ص)، اختلف المسلمون في تعیین محل دفن جسده المقدس، فقال فریق: یدفن في مسجده، و قال آخرون: یدفن مع أصحابه، فقال أمیر المؤمنین علي (ع): إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّهُ إِلَّا فِي أَطْهَرِ الْبِقَاعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُدْفَنَ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا
  • هل يوجد أذان في عالم البرزخ و القيامة أم لا؟
    5593 درایة الحدیث 2012/04/22
    . لم نعثر في مصادرنا الحديثية على ما يدل على وجود الأذان في عالم البرزخ. 2. روي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: كان منَ الآيات التي أَرَاهَا اللَّهُ محمَّداً (ص) حينَ أَسرَى به إِلَى بيت المقدس أَن حشر اللَّهُ الْأَوَّلِينَ و الآخرينَ من النَّبِيِّينَ ...