بحث متقدم
الزيارة
4943
محدثة عن: 2011/06/20
خلاصة السؤال
أشیر فی تفسیر تسنیم الى مقامی الاثبات و الثبوت فی القرآن الکریم ما المراد منهما؟
السؤال
جاء فی تفسیر تسنیم الجزء الاول، صفحة 137 العبارة التالیة: لزوم عرض السنة على القرآن فی مقام الاثبات یعنی حجیة السنة. من هنا کل الاوصاف المذکورة للقرآن من قبیل الصیانة من التحریف وحجیة الظواهر القرآنیة و....، ناظرة الى مقام الاثبات للقرآن الکریم و لا تختص بمقام الثبوت". ما الفرق بین مقام الثبوت و الاثبات هنا؟ و هل نحن قادرون على الوصول الى مقام الثبوت؟ أو أن کل ما لدینا من کلام و نظریات یقع تحت مقام الاثبات للقرآن الکریم؟
الجواب الإجمالي

مقام الثبوت یعنی کون القرآن حجة فی نفسه أی أن هذا الکتاب المقدس حجة بما هو هو، و أما مقام الإثبات فیعنی أن القرآن الکریم بالاضافة الى حجیته النفسیه یتملک القابلیة على إثبات حجیة المتون الأخرى و العقائد المختلفة و أنه المعیار الذی توزن به الاحادیث و الروایات الأخرى.

و من الواضح أن جمیع الاوصاف المذکورة للقرآن من قبیل الصیانة من التحریف و حجیة الظواهر القرآنیة و....، ناظرة الى مقام الاثبات و لا تختص بمقام الثبوت؛ من هنا یمکن أن ندعی أنه اذا لم یکن القرآن حجة فی مقام الاثبات و لا یمکن الاستناد الیه فی تقییم سائر المتون الدینیة، فحینئذ لا معنى للبحث عن مصونیته عن التحریف أو القول بحجیة ظواهره.
الجواب التفصيلي

فی البدء نستعرض خلاصة لنظریات المؤلف التی طرحها فی تفسیر تسنیم، و من خلالها تظهر الاجابة عن السؤال المطروح.

هناک بعض النکات الموجودة فی هذا القسم من التفسیر، هی:

1. تعد سنّة المعصومین أحدى مصادر التفسیر والاصول فی دراسة المعارف و المفاهیم القرآنیة.

2.الحجیة أولا و بالذات لکلام الله تعالى (القرآن الکریم) و لما یمنحه القرآن الحجیة ثانیاً، یعنی أن کلام المعصومین (ع) مدین فی حجیته الى حجیة القرآن.

3. لا یمکن تفضیل القرآن الذی هو کلام الله تعالى على خلیفته الحقیقی (النبی مثلا) الذی یمثل کلمته العلیا.

4. لا تعارض ولا تباین بین سنّة کل نبی و بین کتابه السماوی الذی یأتی به.

5. الاعتقاد بصیان القرآن من التحریف مطلقاً؛ لانه مع سقوط الکتاب المحرف عن الحجیة کیف یمنح الحجیة لغیره!!.

6. السنّة قابلة للتحریف سنداً و متناً؛ اذ مع امتناع التحریف فی السنّة لا معنى لروایات العرض على الکتاب حینئذ.

7. حجیة ظواهر القرآن الکریم؛ و ذلک لانه اذا استحال فهم القرآن السالم من التحریف، فهماً عاماً و لم یکن قابلاً لتطبیق السنّة علیه وعرضها علیه، لا یمکن حینئذ أن یکون المدار لحجیة السنة و اعتبارها.

8. بما أن لزوم عرض السنة على القرآن فی مقام اثبات، حجیة السنة. من هنا کل الاوصاف المذکورة للقرآن من قبیل الصیانة من التحریف و حجیة الظواهر القرآنیة و....، ناظرة الى مقام الاثبات للقرآن الکریم و لا تختص بمقام الثبوت.

9. و على هذا الاساس، لابد أن تتضح میزانیة القرآن الکریم و معیاریته، بصورة مستقلة و من دون حاجة الى مراجعة الى السنة لیصدق معروضیة السنة علیه عند الارتیاب فیها.

یستفاد من العبارة المذکورة أن القرآن و السنّة و إن کانا هما المصادر الاساسیة للتعالیم الاسلامیة من دون ترجیح لافضلیة القرآن على سنة المعصومین (ع)، لکن السنة تکون -على کل حال- مدینة لحجیة القرآن الکریم هذا من جهة، و من جهة أخرى لما کان احتمال التحریف فی السنّة ممکنا، فلابد أن تعرض على القرآن الکریم لتقییمها. فلابد من الاعتقاد بمصونیة القرآن عن التحریف لیکون میزانا و معیاراً مناسبا للتقییم، و کذلک لابد من القول بحجیة ظواهر القرآن لتتم عملیة العرض و الموازنة.

نعم، هناک بعض الباحثین یرون أن القرآن الکریم و إن کان مقدسا بذاته وانه حجة فی (مقام الثبوت) و یمکن الاستناد الیه فی هذا المقام، الا أن احتمال الفهم الخاطئ و الاستنتاج غیر الصحیح منه یصدان عن الاستناد الیه و اتخاذ القرار النهائی فی مقام الاثبات، فلا یصح على سبیل المثال عرض الروایات و السنة على ما تم استنباطة من القرآن الکریم لاثبات صحتها او سقمها لاحتمال الخطأ فی الاستنباط المذکور.

و قد رد هذا المفسر الکبیر هذه النظریة بأن الادلة التی اشارت الى عرض الروایات على الکتاب، تکشف بالاضافة الى حجیة القرآن الثبوتیة أنه قابل لاثبات سائر المتون الاخرى و یمکن اثبات سائر النظریات المختلفة حتى من خلال الاعتماد على المعنى الظاهری للقرآن الکریم.

وهنا لابد من الالتفات الى أن عبارة "مقام الثبوت" استعملت فی معان مختلفة، و المعنى المراد هنا (هذا القسم من تفسیر تسنیم) هو: اننا اذا عجزنا عن الوصول الى فهم القرآن فی "مقام الثبوت" أی "ادراک نفس القرآن"، فحینئذ لا یمکننا الاستناد الیه لاثبات شیء فی "مقام الاثبات".

والجدیر هنا الالتفات الى نکتتین مهمتین:

1. حجیة ظاهر القرآن لا تعنی الوصول الى المعانی الاولیة للآیات و العمل وفقا لها من دون حاجة الى الاستناد الى الاصول الکلیة، بل قد یتوصل الى المعنى الظاهر تارة من خلال القرائن و الشواهد المحیطة، فعلى سبیل المثال لا یمکن اثبات الید المادیة لله تعالى من خلال الاستناد الى ظاهر قوله تعالى "ید الله....".

2. مع أن ظاهر القرآن حجّة علینا، لکن هذا الکتاب المقدس مملوء بالرموز و الاسرار التی کلما طهرت النفس الانسانیة و زکت، تمکنت من التوصل الى المعارف القرآنیة والغور فی اعماقه و الاستنتاج منه باتقان و دقة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279470 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257335 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113312 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89027 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59879 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59590 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56882 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47191 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...