الزيارة
6506
محدثة عن: 2012/01/21
کد سایت fa14350 کد بایگانی 21000
گروه العملیة
خلاصة السؤال
ما هی السبل المساعدة فی علاج الهذر و کثرة الکلام؟
السؤال
ما هی السبل المساعدة فی علاج الهذر و کثرة الکلام کی استفید منها وانفع بها الآخرین؟
الجواب الإجمالي

اللسان فی الوقت الذی یعد من النعم الالهیة الکبرى التی انعم بها على البشر و الآلة التی تساعد الانسان فی التواصل الاجتماعی و الفردی، لکنه فی الوقت نفسه یعد من الاعضاء التی یکثر عثارها و آفاتها مما یجر الانسان الى اقتراف الکثیر من المعاصی و الذنوب و یکون منشأ للتجاوز على حریم الناس و هتک حرماتهم؛ من هنا یتضح لنا ذلک الاهتمام الکبیر الذی أبدته الشریعة فی السیطرة على اللسان و محاولة توجیهه بالاتجاه الصحیح. و قد حذر الائمة المعصومون من هذه الظاهرة الخطیرة فی مواطن کثیرة منها ما روی عن أمیر المؤمنین (ع) أنه قال: الْکَلَامُ فِی وَثَاقِکَ مَا لَمْ تَتَکَلَّمْ بِهِ فَإِذَا تَکَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِی وَثَاقِهِ. فَاخْزُنْ لِسَانَکَ کَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَکَ وَ وَرِقَکَ، فَرُبَّ کَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً. وَ لا تَقُلْ ما لا تعلمُ فَإِنَّ اللَّهَ سبحانهُ قد فرض على جوارِحک کلِّها فرائض یَحْتَجُّ بِهَا عَلَیْکَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. هَانَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَیْهَا لِسَانَهُ، وَ مَنْ کَثُرَ کَلَامُهُ کَثُرَ خَطَاؤُهُ وَ مَنْ کَثُرَ خَطَاؤُهُ قَلَّ حَیَاؤُهُ، و منْ قَلَّ حَیَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّار.

فعلى الانسان ان یعرف آفات تلک الظاهرة و یحاول التخلص منها من خلال اعتماد بعض السبل التی اشرنا الیها فی الجواب التفصیلی.

الجواب التفصيلي

اللسان هو المرآة التی تعکس ما ینطوی علیه القلب و مفتاح الشخصیة و الکاشف عن مدى الکمال العقلی و الروحی لصاحبه کما أنه یمثل النافذة على روح الانسان. فما یظهر على فلتات اللسان یعکس ما یجول فی خواطر الانسان و ما تنطوی علیه صفحة قلب الانسان و روحه.

و اللسان فی الوقت الذی یعد من النعم الالهیة الکبرى التی انعم بها على البشر و الآلة التی تساعد الانسان فی التواصل الاجتماعی و الفردی، لکنه فی الوقت نفسه یعد من الاعضاء التی یکثر عثارها و آفاتها مما یجر الانسان الى اقتراف الکثیر من المعاصی و الذنوب و یکون منشأ للتجاوز على حریم الناس و هتک حرماتهم؛ من هنا یتضح لنا ذلک الاهتمام الکبیر الذی أبدته الشریعة فی السیطرة على اللسان و محاولة توجیهه بالاتجاه الصحیح، و سنحاول هنا الاشارة الى مقترحین لمعالجة الهذر و کثرة الکلام:

الف: المعالجة العملیة

من الامور العملیة و ذات الجدوى الکبیر فی معالجة هذه الظاهرة المرضیة هی أن یتذکر الانسان خطورة و عواقب الهذر و اطلاق العنان للسان لیتکلم بما یحلو له، و من هنا لابد من المراقبة الشدیدة و الحذر الکبیر منه، فعندما یستیقظ الانسان صباحا علیه ان یوصی نفسه بعدة وصایا منها ما یتعلق باللسان و آفاته؛ و ذلک لان هذا العضو قد یأخذ بید صاحبة الى أسمى درجات الرفعة و التکامل و السعادة تارة، و قد یهبط به الى اسفل السافلین و الى أدنى مراتب السقوط و الشقاء، و من هنا جاء فی الروایة عن الامام السجاد (ع): "   إِنَّ لِسَانَ ابْنِ آدَمَ یُشْرِفُ عَلَى جَمِیعِ جَوَارِحِهِ کُلَّ صَبَاحٍ فَیَقُولُ: کَیْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ فَیَقُولُونَ: بِخَیْرٍ إِنْ تَرَکْتَنَا! وَ یَقُولُونَ: اللَّهَ اللَّهَ فِینَا وَ یُنَاشِدُونَهُ، وَ یَقُولُونَ: إِنَّمَا نُثَابُ‏ وَ نُعَاقَبُ بِک‏". [1]

فعلى الانسان الحذر الشدید و الحیطة من هفوات اللسان و آفاته و مراقبه ما یصدر منه؛ و ذلک لان ما یصدر منه یسجل فی صحیفة اعمال صاحبه، و قد اشار القرآن الکریم الى هذه الحقیقیة فی قوله تعالى: " ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَیْهِ رَقیبٌ عَتیدٌ ". [2]

و کذلک ورد فی الاحادیث الصادرة عن أمیر المؤمنین (ع) فی هذا المجال:

1." مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (ع) بِرَجُلٍ یَتَکَلَّمُ بِفُضُولِ الْکَلَامِ، فَوَقَفَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ: یَا هَذَا إِنَّکَ تُمْلِی عَلَى حَافِظَیْکَ کِتَاباً إِلَى رَبِّکَ فَتَکَلَّمْ بِمَا یَعْنِیکَ و دَعْ ما لا یَعْنِیکَ". [3]

2. قال أَمیرُ المؤمنین (ع): الْکَلَامُ فِی وَثَاقِکَ مَا لَمْ تَتَکَلَّمْ بِهِ فَإِذَا تَکَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِی وَثَاقِهِ. فَاخْزُنْ لِسَانَکَ کَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَکَ وَ وَرِقَکَ، فَرُبَّ کَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً. وَ لا تَقُلْ ما لا تعلمُ فَإِنَّ اللَّهَ سبحانهُ قد فرض على جوارِحک کلِّها فرائض یَحْتَجُّ بِهَا عَلَیْکَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. هَانَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَیْهَا لِسَانَهُ، وَ مَنْ کَثُرَ کَلَامُهُ کَثُرَ خَطَاؤُهُ وَ مَنْ کَثُرَ خَطَاؤُهُ قَلَّ حَیَاؤُهُ، و منْ قَلَّ حَیَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّار. [4]

 3. و قال (ع): "إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْکَلَامُ". [5]

اتضح من خلال الآیات و الروایات أن أفضل سبیل للتخلص من آفات اللسان یکمن فی السیطرة على اللسان و قلة الحدیث و ترک الفضول من الکلام؛ لان الانسان عندما یعرف أن من ضمن الامور التی تسجل علیه هی کلامه و ما یصدر عنه و أنه سیحاسب علیها یوم القیامة فحینئذ یتجنب تلک الموبقات اللسانیة من قبیل الغیبة و الکذب و ضیاع الوقت و إیذاء الآخرین و قساوت القلب و...

و من الممکن رصد جذور هذه الظاهرة فی حب الانسان للظهور و الفات نظر الآخرین الیه لیحظى بحبهم و ینال مودتهم، من هنا یحاول سلوک الطرق التی یعتقد بانها تؤمن له ذلک الحب و الاحترام، و لکن على الانسان الا ینسى أنه اذا اصلح ما بینه و بین الله تعالى و کانت تحرکاته و سلوکیاته منطلقة من نیّة کسب رضاه سبحانه، فحینئذ یصلح الله تعالى ما بینه و بین الناس کما وعد سبحانه بذلک، من دون حاجة الى تملق الناس و التظاهر أمامهم بمظهر یخالف الواقع، و عندئذ تنعدم الحاجة الى الهذر و کثرة الکلام. [6]

ب: المعالجة العملیة

یستطیع الانسان معالجة مرض کثرة الکلام من خلال التمارین و الامساک عن الکلام و تلقین النفس احیانا اخرى، و قد یستعمل اسلوب النذر و تجریم نفسه عند المخالفة بان ینذر کلما کثر کلامه او صدر منه کلام لا یرضی الله یتصدق على الفقراء او یصوم یوما او ما شابه ذلک، و حینئذ سوف یتخلص من هذه الظاهرة المرضیة بصورة تدریجیة.

و الجدیر بالذکر ان کثرة الکلام لم تولد مع الانسان بل تحصل له بالتدریج و مرور الزمن، و من هنا لا یمکن لمن ترسخت عنده هذه الظاهرة بحیث اصبحت ملکة متجذرة، ان یتخلص منها بین لیلة و ضحاها، بل العادات الراسخة تحتاج الى زمن مناسب لیتمکن صاحبها من التخلص منها. و من هنا لابد ان یعتمد اسلوب التدرج فی التخلص منها و التمکن من السیطرة على اللسان و جعله یتحرک فی الموارد الضرورة و ینطق بالکلام الجمیل و المرضی لله تعالى.

لمزید الاطلاع انظر:

« سبل التخلص من الرذائل النفسیة»، سؤال 4729 (الموقع: 5011).

«المقارنة بین الصمت و الکلام »، سؤال 14489 (الموقع: 14299).

«سبل التخلص من آفات اللسان»، سؤال 13868 (الموقع: 13582).



[1] المجلسی، محمد باقر، بحارالانوار، ج 68، ص 302، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404ق.

[2] ق، 18.

[3] الشیخ الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 4، ص 396، نشر جماعة المدرسین، قم، الطبعة الثانیة، 1404ق.

[4] بحارالانوار، ج 68، ص 286.

[5] بحارالانوار، ج 1، ص 159.

س ترجمات بلغات أخرى