الزيارة
8013
محدثة عن: 2012/06/06
کد سایت fa21990 کد بایگانی 25051
خلاصة السؤال
لماذا تتعارض الاحاديث في بيان مصاديق شر الناس و خيرهم؟ أ لا ينحصر ذلك بفريق خاص عند الله تعالى؟
السؤال
لماذا تتعارض الاحاديث في بيان مصاديق شر الناس و خيرهم؟ أ لا ينحصر ذلك بفريق خاص عند الله تعالى؟
الجواب الإجمالي

المتأمل في تلك الروايات بطوائفها المختلفة التي تذهب كل واحدة منها الى اعتبار صنف من الناس هو شر الناس، يجد انها لا تروم تحديد مصداق شر الناس و حصره بصاحب الصفة المذكورة في الرواية فقط، بل غاية ما تروم بيانه هو أن تلك الصفات الاخلاقية الذميمة تجعل صاحبها يقف في مصاف شر الناس، أضف الى ذلك ان عنوان "شر الناس" هو الآخر له مراتب كثيرة، فاذا توفر الانسان على عدة خصال ذميمة فلاريب سيكون مصداقا بارزاً لعنوان شر الناس، خلافا لمن يتصف بواحدة منها فقط، فصفة شر الناس صفة نسبية تختلف من شخص الى آخر.

و يمكن الاشارة الى مؤيد لهذه المعالجة، و هو الحديث المروي عن النبي الاكرم (ص) الذي جاء فيه: " خير الناس من انتفع به الناس و شر الناس من تأذى به الناس و شر من ذلك من أكرمه الناس اتقاء شره و شر من ذلك من باع دينه بدنيا غيره".حيث اشار الحديث الى شر الناس ثم أردفه بالقول " و شر من ذلك" الذي يكشف لنا بان عبارة شر الناس لا تعني الدرجة النهائية للشريّة و الا انحصارها بصفة خاصة فقط.

الجواب التفصيلي

المطالع للحديث المروي في مصادر المسلمين يجد التعبير "بشر الناس" فيها كثيرا، إلا ان كل حديث يطبق العنوان على صنف خاص من الناس، من تلك الاحاديث:

1. روي عن رسول الله (ص) أنه قال: " شر الناس من يقرأ القرآن و لا يرعوي عن شي‏ء به".[1]

2. و عنه (ص) أيضا: " إِنَّ شرَّ النَّاس الذي يُكرمُ اتِّقَاءً لشرِّهِ".[2]

3. و عنه (ص): " إن شرار الناس يوم القيامة المثلث قيل و ما المثلث يا رسول الله قال الرجل يسعى بأخيه إلى إمامه فيقتله فيهلك نفسه و أخاه و إمامه".[3]

4. و عن الامام الرضا (ع) مخاطبا علي بن شعيب: " يا علي إن شر الناس من منع رفده و أكل وحده و جلد عبده" .[4]

5. وعن النبي الاكرم (ص): " َ شَرُّ النَّاسِ مَنْ بَاعَ النَّاسَ".[5]

6. و عنه (ص): " يا أبا ذر، إن شر الناس عند الله (تعالى) يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه‏".[6]

7. و عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: " شر الناس من لا يعفو عن الزلة و لا يستر العورة".[7]

8. و عنه (ع): " شر الناس من لا يثق بأحد لسوء ظنه و لا يثق به أحد لسوء فعله".[8]

و هناك طائفة أخرى ورد فيها التعبير بـ " من شر الناس" او ما شابه ذلك:

1. عن النبي الاكرم (ص): " من قال إني خير الناس فهو من شر الناس‏".[9]

2. و عنه (ص): " إن من شر الناس عند الله عز و جل يوم القيامة ذا الوجهين".[10]

و هنا يطرح السؤال التالي: أي رذيلة هي التي تودي بصاحبها بأن يكون مصداقا لشر الناس؟

و للاجابة عن السؤال لابد من التركيز أولا على أن فهم المتون الدينية لا يمكن الاعتماد فيه على الترجمة الحرفية لها، بل لابد من المقارنة بينها و بين العبارات المماثلة لها في الآيات و الروايات الاخرى، فعلى سبيل المثال نقرأ في الكتاب الكريم في وصف الهدهد لعظيم سلطان بلقيس ملكة سبأ «وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ء»؛[11]  فهل يصح الاعتراض على التعبير المذكور مع اننا نعتقد جازمين انها ما كانت تملك الكثير من الامور، بل لم يصل سلطانها الى ما وصل اليه سلطان النبي سليمان (ع) نفسه  الذي سخرت له الرياح و علّم منطق الطير و...؛ و ذلك لانه يقال حينئذ بان لا يراد "من كل شيء" في اللغة العربية كل شيء حصرا و استقراء بل المراد منه " من كل شيء".

بعد هذه المقدمة نعود للاجابة عن السؤال المطروح:

المتأمل في تلك الروايات بطوائفها المختلفة التي تذهب كل واحدة منها الى اعتبار صنف من الناس هو شر الناس، يجد انها لا تروم تحديد مصداق شر الناس و حصره بصاحب الصفة المذكورة في الرواية فقط، بل غاية ما تروم بيانه هو أن تلك الصفات الاخلاقية الذميمة تجعل صاحبها يقف في مصاف شر الناس، أضف الى ذلك ان عنوان "شر الناس" هو الآخر له مراتب كثيرة، فاذا توفر الانسان على عدة خصال ذميمة فلاريب سيكون مصداقا بارزاً لعنوان شر الناس، خلافا لمن يتصف بواحدة منها فقط، فصفة شر الناس صفة نسبية تختلف من شخص الى آخر.

انطلاقا من هذه الرؤيا يمكن حل التعارض الذي يبدو لأول وهلة، و لا يبقى تعارض في البين قطعاً، و يمكن الاشارة الى مؤيد لهذه المعالجة، و هو الحديث المروي عن النبي الاكرم (ص) الذي جاء فيه: " خير الناس من انتفع به الناس و شر الناس من تأذى به الناس و شر من ذلك من أكرمه الناس اتقاء شره و شر من ذلك من باع دينه بدنيا غيره".[12]حيث اشارت الرواية الى شر الناس ثم أردفته بالقول " و شر من ذلك" الذي يكشف لنا بان عبارة شر الناس لا تعني الدرجة النهائية للشريّة و الا انحصارها بصفة خاصة فقط.

 


[1] الدیلمي، حسن بن أبي الحسن، أرشاد القلوب، ج 1، ص 79، منشورات الشریف الرضی، قم، 1412 ق.

[2] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 72، ص 206، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 ق.

[3] الشیخ المفید، الإختصاص، ص 228، مؤتمر الشیخ المفید، قم، 1413 ق.

[4] الحراني، حسن بن شعبة، تحف العقول، ص 448، منشورات جماعة المدرسین، قم، 1404 ق.

[5] الکلیني، محمد بن یعقوب، الکافي، ج 5، ص 114، ح 4، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ش.

[6] الشیخ الطوسي، الأمالي، ص 527، منشورات دار الثقافة، قم، 1414 ق.

[7] الآمدي التمیمي، عبد الواحد، غرر الحکم و درر الکلم، ص 245، ح 5016، منشورات مکتب الاعلام الاسلامي، قم، 1366 ش.

[8] المصدر، ص 263، ح 5675.

[9] الراوندي، سید فضل الله، النوادر، ص 11، مؤسسة دار الکتاب، قم.

[10] الشیخ الصدوق، الخصال، ج 1، ص 38، ح 17، منشورات جماعة المدرسین، قم، 1403 ق.

[11] النمل، 23.

[12] الشیخ المفید، الإختصاص، ص 243.

 

س ترجمات بلغات أخرى