الزيارة
6127
محدثة عن: 2008/06/18
کد سایت fa492 کد بایگانی 1579
خلاصة السؤال
لماذا لا یمکن أن تکون المرأة مرجعاً للتقلید؟
السؤال
ما هی العلة فی عدم إمکانیة کون المرأة مرجعاً للتقلید؟
الجواب الإجمالي

هناک اختلاف بین العلماء و المتخصصین فی علوم الدین فی عدة موضوعات، منها قبول المرأة لمرجعیة التقلید أو القضاء لحل النزاعات بین الناس. و مثل هذه الأمور لا تعتبر من الضروریات أو المسلمات الدینیة، فالذین یقولون ان المرأة لا تکون مرجعاً و لا قاضیاً یتمسکون ببعض الأدلة کالروایات و الإجماع، و التفصیل فی ذلک یتطلب مجالاً آخر. و قد طرحوا عدة نقاط فی فلسفة هذا الحکم کمؤیدات لما ذهبوا إلیه، فیما یلی نشیر إلى بعضٍ منها:

1. وجود الاختلافات بین الرجل و المرأة بلحاظ القدرات الجسمیة و الروحیة، و من أجل هذا الاختلاف و أفضلیة الرجل على المرأة فی هذا المجال زویت بعض المسؤولیات عن المرأة و لم تکلف بها. لأن إیکال المسؤولیات لابد و أن یتناسب مع القدرات.

2. من خصوصیات المرأة الروحیة التی لا یمکن أن تنفک عنها سرعة التأثر و الانفعال و رقة المشاعر و الأحاسیس، و حیث إن الزعامة الدینیة التی تمثل هدایة الأمة و قیادتها، و القضاء الذی کثیراً ما یصاحبه إقامة الحدود و الدیات و القصاص تتخللها بعض الصعوبات و العقبات و تحتاج إلى الحزم و اتخاذ القرار بعیداً عن رقة المشاعر، لذلک أوکلت هذه المهمة إلى الرجال دون النساء.

و لکن لابد من الالتفات إلى أن البعض لم یقبل مثل هذه الأدلة و البراهین، و علیه لم یرَ بأساً فی إسناد المرجعیة الدینیة و القضاء إلى المرأة.

الجواب التفصيلي

توجد بعض الاختلافات بین العلماء و المتخصصین فی علوم الدین فی کثیر من المسائل منها إسناد المرجعیة الدینیة أو مهمة القضاء إلى المرأة و کذلک بعض العناوین الأخرى، و لکن هذه الأمور لیست من ضروریات الدین و لا هی من المسلمات لدى المسلمین.

إن عمدة الأدلة بالنسبة إلى الرافضین إیکال المرجعیة و القضاء إلى المرأة، الروایات الواردة فی هذا الباب.

قال الإمام الصادق (ع): "ینظران إلى من کان منکم ممن قد روى حدیثنا، و نظر فی حلالنا و حرامنا، و عرف أحکامنا، فلیرضوا به حکماً، فإنی قد جعلته علیکم حاکماً".[1]

و قد جاء التعبیر فی الروایة ابی خدیجة لفظ (رجل منکم) و طبقاً للقواعد الأولیة فإن هذا القید ظاهر فی الاحتراز و له دخل فی موضوع الحکم.[2]

و حیث إن القضاء شأنٌ من شؤون المجتهد و مرجع التقلید، لذلک لا یمکن للمرأة أن تکون مرجع تقلید.

إضافة إلى ذلک، الإجماع[3] الذی یعتبر المستند الأساسی بالنسبة إلى الذین ینکرون تسلّم المرأة لمهمة المرجعیة و القضاء، و ذلک یعنی أنهم یدعون الإجماع على أن (الرجولة) شرط من شرائط المرجعیة و القضاء.[4]

و کذلک یلاحظ المنکرون بعض الأمور تلک التی جعلوا منها أدلة و مؤیدات لما ذهبوا إلیه، نشیر إلى بعضها کما یلی:

1. إسناد المسؤولیات على قدر القابلیات:

یرى الإسلام أن الرجل و المرأة متساویان بلحاظ الماهیة، قال تعالى: «یَا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهَا زَوْجَها».[5] و لذلک فکل تشریع یلحظ فیه الجانب الإنسانی فقط، یکون ثابتاً للجنسین الرجال و النساء. و مع أن الرجل و المرأة لا یختلفان بلحاظ الإنسانیة إلاّ أن ذلک لا یعنی عدم وجود الفروق و الاختلافات و التفاصیل فی بعض الجهات، قال تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ».[6] فإن القدرات الفکریة و الجسمیة[7] و النفسیة أکثر عند الرجال نسبة إلى النساء، و هذا التفاوت یشکل أساساً و علة لتسلم الرجال زمام الأمور فی بعض حقول الحیاة کإدارة الأسرة و قیادة الأمة و تولی مسؤولیة القضاء.[8]

و خلاصة القول أن وجود الاختلاف الجسمی الفسیولوجی بین الرجل و المرأة یرجع إلى أن کل واحد منهما خلق لیؤدی مهمة غیر التی یؤدیها الآخر، و هذا الاختلاف لا یعد تفرقة و عدم مساواة، و إنما هو عین الحکمة، و لإدامة التناسل البشری، و لا یعنی ذلک أن طریق الکمال قد أوصد بوجه النساء أو أنه مضیق علیهن، و لکن بعض المسؤولیات لم تسند إلى النساء بسبب هذا الاختلاف کالمرجعیة الدینیة و القضاء.

و بعبارة أخرى، إن قدرة الرجل على ذلک أمر تکوینی فطری، و أنه لا یعود على الرجال إلاّ بالمسؤولیات الثقیلة و المتاعب الکثیرة، و بسبب تلک القدرة فان هذا التکلیف لیس له أی اعتبار عند الله بلحاظ الأجر أو الکمال.

2. حاجة المرجعیة الدینیة و القضاء إلى الحسم و القطع:

من الخصائص التی تلازم المرأة و لا تنفک عنها بأی حال، روحیة التأثر و الانفعال بالمؤثرات العاطفیة و التقلبات النفسیة، و لذلک فهی أسرع من الرجل انفعالا المؤثرات، فهی أسرع إلى الضحک و الفرح و القلق و الخوف و البکاء، و من الطبیعی أن واقع القضاء و فض النزاعات یحتاج إلى قوة و شدة فی ضبط النفس و مقاومة الانفعالات و العواطف.

و کذلک فإن طریق القیادة و إجراء الأحکام خصوصاً إقامة الحدود و الدیات و القصاص فإنها تنطوی على صعوبات و عقبات و کذلک مواجهة أصحاب التطرف الدینی، کل ذلک یتطلب تسلطاً و سیطرة على المشاعر و ضبط الأحاسیس و مقاومة العواطف فضلاً عن المواقف الحاسمة و القاطعة، و لذلک أعفیت المرأة من تحمل هذه المسؤولیات الثقیلة. و أوکلت هذه الأعباء الخطیرة إلى الرجال، و هذا بحد ذاته نظر إیجابی و تقییم بالنسبة إلى المرأة و مکانتها.

و فی نفس الوقت توجد فئة أخرى رفضت هذه الأدلة و البراهین و لم تجد حرجاً فی تسلم المرأة لمنصب المرجعیة و الارتقاء إلى کرسی الحکم.[9] حیث قالوا: إن المرجعیة الدینیة و القضاء لیست من تکالیف النساء، و أن الشارع أعفى النساء من هذا التکلیف الشاق، و لم یطلبه منهن على وجه التکلیف. و إذا ما ورد فی الحدیث: «لیس على النساء جمعة و لا جماعة... و لا تولی القضاء...»[10] فذلک یعنی أن صلاة الجمعة و الجماعة و القضاء لیست بواجبة على النساء، و لا توجد دلالة فی الحدیث على سلب هذه الحقوق من المرأة.[11] و کذلک فإن الجوانب العاطفیة فی المرأة لا تمنعها من الاعتدال و الاتزان بلحاظ قواها العقلیة و الفکریة، و أن الجوانب العقلیة و اللیاقات المعتبرة فی القضاء و المرجعیة لا تخضع للعواطف و المشاعر لدى المرأة و إن کان من الطبیعی أن تکون حاجة المرأة إلى تمرین عواطفها و مشاعرها أکثر من الرجل، و لکن إذا کان المران یرتقی بالمرأة إلى مصاف الرجل فی هذا المیدان فلا یوجد دلیل على حرمان المرأة من ممارسة هذا الحق.[12]

إضافة إلى ذلک فإن المرجعیة الدینیة لها شؤون متعددة، فلو فرضنا أن المرأة لا تتمکن من تحمل مسؤولیة القضاء و القیادة العامة، و لکن ما هو الدلیل على عدم قدرتها على تولی الإفتاء، و أی تلازم بین الأمرین؟!

و أما بالنسبة للإجماع فعلى فرض تمامیة اتفاق جمیع الفقهاء، فإن احتمال استنادهم إلى واحد أو عدة من الأدلة السابقة وارد، و مثل هذا الإجماع لا قیمة له.



[1] الکافی، ج1، ص67.

[2] للاطلاع الأکثر، انظر: هادوی الطهرانی، مهدی، القضاء و القاضی، ص 91-92.

[3] الإجماع، أحد البراهین التی یقبل بها جمیع الفقهاء.

[4] جواهر الکلام، ج40، ص14؛ مفتاح الکرامة، ج10، ص9؛ جامع الشتات، ج2، ص680.

[5] النساء، 1.

[6] النساء، 34.

[7] عادة ما یکون جسم المرأة ألطف و أظرف من جسم الرجل، و غالباً ما یکون جسم الرجل أخشن و أصلب من جسم المرأة، .................

[8] المیزان، ج14، ص343.

[9] للاطلاع أکثر، انظر: جوادی الآملی، المرأة فی مرآة الجلال و الجمال، ص 348- 354.

[10] من لا یحضره الفقیه، ج 4، ص362.

[11] جوادی الآملی، المراة فی فی مرآة الجلال و الجمال، ص350.

[12] المصدر نفسه، ص353.

س ترجمات بلغات أخرى