الموسيقى مفردة يونانية تعادل في المعجم اللغوية الغناء، فيما يختلف المفهوم اللغوي عن مفهوم الغناء في الاصطلاح الفقهي و الديني. فالغناء شرعاً عبارة عن: مدّ الصوت و ترجيعه بكيفية خاصة مطربة تناسب مجالس اللهو و محافل الطرب و آلات اللهو و الملاهي؛ و أما الصوت الموسيقي فيراد منه الصوت الذي يخرج من الآلات الموسيقية. و عليه تكون النسبة بين الموسيقى العلمية و الموسيقى الفقهية نسبة العموم و الخصوص المطلق.
[1]
و قد صنف علماء الشيعة و فقهاؤهم من القرن القرن الحادي عشر و حتى الوقت الراهن رسائل مستقلة في الغناء و الموسيقى، حيث وقعت القضية منذ ذلك العصر و حتى اليوم معركة للآراء، و كان الفقهاء قبل ذلك يتعرضون للموضوع استطراداً و ضمن أبحاث كتاب التجارة من الفقه أو كتاب الشهادات؛ و لعلّ السبب في ذلك يعود إلى كون المسألة لم تكن من القضايا عامّة البلوى من جهة و عدم الإبهام فيها من جهة ثانية.
[2]
و قد اشار الشيخ الأنصاري في مقدمة مبحث الغناء إلى حقيقة مفادها عدم حرمة كافة أنواع الغناء، قائلاً: لا خلاف في حرمته – يعني حرمة بعض مصاديقه- في الجملة.
[3]
ثم أشار رحمه الله في ختام البحث الى ما استثناه المشهور من الغناء المحرّم لديل خاص دلّ على ذلك.
[4]
و قد استند الفقهاء في بيان حكم الموسيقى و المصاديق المحرّمة منها إلى بعض الآيات و الروايات المنقولة عن المعصومين عليهم السلام، من قبيل:
ما روي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "الْمَعَازِفَ وَ الْمَلَاهِيَ – من عمل إبليس- فَكُلُّ مَا كَانَ فِي الْأَرْضِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الَّذِي يَتَلَذَّذُ بِهِ النَّاسُ فَإِنَّمَا هُوَ من ذلك".
[5]
و ما روي عن النبي الأكرم (ص) أنّه قال: "أَنْهَاكُمْ عَنِ الزَّفْنِ وَ الْمِزْمَارِ وَ عَنِ الْكُوبَاتِ وَ الْكَبَرَات".
[6]
و روي عن الإمام الباقر (ع) قوله: "الْغِنَاءُ مِمَّا وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّار".
[7]
و ما جاء عن الإمام الصادق (ع) من الأمر بالابتعاد عن الغناء.
[8]
فالمتحصّل أنّه يمكن القول بأنّ الموسيقى لم تحرّم بجميع مصاديقها.
[9]
أمّا بالنسبة إلى موضوع الغناء فقد تعرّض له الفقهاء جميعا و بالتفصيل لا يمكن ايجاز ما ذكروه في هذه الاجابة المختصرة، فمن الضروري الرجوع ألى الكتب المصنفة في هذا المجال.
[10]
[1]
. الحسيني، السيد مجتبی، پرسش ها و پاسخ های دانشجویی = اسئلة جامعية، ص 169؛ الإمام الخميني، المکاسب المحرمة، ج 1، ص 198ـ 224؛ الحسيني، علي، الموسیقی، ص 16 و 17؛ التبریزي، الإستفتاءات، س10، 46 ، 47 و 1048؛ الفاضل، جامع المسائل، ج 1، س 974، 978و 979. اقتباس من ال
سؤال 388 (الموقع: 401).
[2]
. مختاري رضا، و محسن صادقي،غناء موسیقی = الغناء و الموسيقى،ج1، ص 66، مكتب الاعلام الاسلامي في قم، قم، 1419ق.
[3]
. الأنصاري، الشيخ مرتضی، المکاسب المحرّمة، ج 1، ص 285،مجمع الفکر الاسلامي، قم، 1422ق.
.[4] نفس المصدر، ص 313.
[5]
. وسائل الشيعة، ج17، ص: 313، الباب 100 من ابواب ما يكتسب به، الحديث 5 و 6.
.[6] نفس المصدر.
[7]
. نفس المصدر، الباب 99، الحديث 6.
[8]
. نفس المصدر، الحديث 23و 24.
[9]
. لمزيد الاطلاع على انواع الموسيقى المحللة و المحرمة انظر السؤال رقم 499 (الموقع: 540)
[10]
. کتاب الغناء و الموسيقی لرضا مختاري و محسن صادقي، طبع مكتب الاعلام الاسلامي في الحوزة العلمية في قم، استعرضا في المجلد الثالث منه آراء الفقهاء حول الغناء بصورة مفصلة.