بحث متقدم
الزيارة
8080
محدثة عن: 2008/10/21
خلاصة السؤال
هل العبارة «کل یومٍ عاشوراء و کل أرضٍ کربلاء» حدیثٌ أو روایة، و هل أن لها سنداً معتبراً، و ما حدود اعتباره؟
السؤال
إننی سمعت من عدة أشخاص أن سند هذا الحدیث ضعیف أو أنه لیس بحدیثٍ أصلاً، و قد تابعت الأمر فی شبکة الإنترنت فوجدت أن الحدیث یسند إلى الإمام الصادق (ع)، نرجو تزویدنا بمعلوماتٍ أکثر، و إذا کان هذا القول حدیثاً فما هی قیمته السندیة؟
الجواب الإجمالي

لم نعثر على دلیلٍ روائی یدل على أن عبارة: "کل یوم عاشوراء و کل أرضٍ کربلاء" صادرة عن المعصومین. و لکن هذه العبارة نتیجة صحیحة لمجموع النهضة الحسینیة و خط سیر الإمامة و تحمل أکثر من رسالة و خطاب ملیءٍ بالمعانی و المفاهیم المعبرة. مع أنه لا یوجد یوم کیوم عاشوراء و لم یأتِ یومٌ مثله، إلا أن ظلم الظالمین و ما یقع على المظلومین من ظلم و حیف لا یزال قائماً إلى قیام القائم (عج) لیجتث جذور الظلم و الظالمین، و لکن ثقافة عاشوراء تجری مع الزمان و تبقى کربلاء مظهراً للاستقامة فی السعی نحو الهدف و الصراع ضد الظلم و الاستبداد، فإن أئمتنا علمونا کیفیة مناجزة الظلم و قد ساروا فی مقدمة الرکب فی هذا الطریق، و لهذا فعاشوراء لیست حادثة محدودة بزمن و مکان معین.

الجواب التفصيلي

لم نعثر على دلیلٍ روائی یدل على أن عبارة:[1] "کل یوم عاشوراء و کل أرضٍ کربلاء" صادرة عن المعصومین.[2] و لکن هذه العبارة نتیجة صحیحة لمجموع النهضة الحسینیة و خط سیر الإمامة و تحمل أکثر من رسالة و خطاب ملیءٍ بالمعانی و المفاهیم المعبرة. مع أنه لا یوجد یوم کیوم عاشوراء و لم یأتِ یومٌ مثله، إلا أن ظلم الظالمین و ما یقع على المظلومین من ظلم و حیف لا یزال قائماً إلى قیام القائم (عج) لیجتث جذور الظلم و الظالمین، و لکن ثقافة عاشوراء تجری مع الزمان و تبقى کربلاء مظهراً للاستقامة فی السعی نحو الهدف و الصراع ضد الظلم و الاستبداد، فإن أئمتنا علمونا کیفیة مناجزة الظلم و قد ساروا فی مقدمة الرکب فی هذا الطریق، و لهذا فعاشوراء لیست حادثة محدودة بزمن و مکان معین.

إن عبارة "کل یوم عاشوراء و کل أرض کربلاء" تدل على استمرار الصراع بین الحق و الباطل فی کل زمان و مکان، و إن عاشوراء تمثل الحلقة الأبرز فی سلسلة الصراع الطویلة، لأن الحق و الباطل فی مواجهة مستمرة، و إن واجب الإنسان الحر الوقوف إلى جانب الحق و إبداء النصرة له و مقارعة الباطل و إبطاله، و إن الحیادیة فی میدان الصراع بین الحق و الباطل تدل على التجرد من الدین.

و إن الإمام الخمینی (ره) یمثل السائر الحقیقی على خطوات الحسین (ع) و هو مؤسس الجمهوریة الإسلامیة و المجاهد الأکبر فی مقابل الظالمین فی عصره، و قد کان یطلق على العبارة صفة "الکلمة الکبرى" و کان یؤکد الحفاظ على معانی عاشوراء و الدور الریادی لکربلاء و یقول: إن عبارة "کل یوم عاشوراء و کل أرضٍ کربلاء کلمة" کبیرة و لابد أن تحفظ أمتنا هذا المعنى فی کل یوم، فالیوم یوم عاشوراء، و لابد لنا من الوقوف بوجه الظلم و کل أرض کربلاء و لابد أن نؤدی دور کربلاء، و لا ینحصر ذلک بأرضٍ معینة، و أفراد معینین، فقضیة کربلاء لا تقتصر على 72 شخصاً و بقعة من الأرض تسمى کربلاء، فکل أرضٍ لابد و أن تؤدی هذا الدور.[3]

إن الإمام الخمینی (ره) اتخذ من أهداف کربلاء منطلقاً لثورته لأنه یعتقد بأن تکون ثورة الحسین و نهضته ملاکاً لکل عمل اجتماعی للمسلمین: "إن ما قام به سید الشهداء و الفکرة التی حملها و الطریق التی سلکها و ما حققه من نصر بعد شهادته للإسلام تعتبر تکلیفاً و نصراً، تکلیفٌ من جهة وجوب وقوف ثلة قلیلة من المستضعفین بوجه الظالمین المجهزین بالعدة و العدد. و نصراً لأن شهداءنا فی عداد شهداء کربلاء".

و قد قال هذا القائد العظیم فی أیام الحرب المفروضة: مع أن المعرکة فی عاشوراء من أقصر المعارک بلحاظ الزمن، و لکنها تمثل طول صراعٍ و مواجهة بین الحق و الباطل، وإن کل زمان یوجد فیه من یتمنى لو أنه کان فی یوم عاشوراء و أن ینال الشهادة على طریق نصرة الإمام الشهید لینال الفوز العظیم «یا لیتنا کنا معکم فنفوز فوزاً عظیما»[4]. إن جبهة کربلاء ساخنة و مواجهة عاشوراء ما زالت قائمة".[5]

و بعبارة أفضل کما أن الإمام الحسین (ع) وارث آدم و إبراهیم و نوح و موسى و عیسى (ع) و محمد (ص) فإن السائرین فی خط عاشوراء یرثون خط الشهادة و الجهاد الدامی، و لا یترکون لواء کربلاء یهوی إلى الأرض، و هذا یمثل جوهر التشیع فی بعده السیاسی، کما یقول الإمام الحسین (ع): "فلکم فی أسوة"[6] و هذا الکلام ردٌ على من یرون أن کربلاء و الثورة تکلیفٌ خاص بالإمام الحسین (ع) و لا یمکن لأحدٍ أن یسیر على هذا الطریق.

یقول أحد الکتاب: إنی على یقین لو أن الإمام الحسین (ع) حاضر فی زماننا لجعل القدس و جنوب لبنان و غیرها من المناطق الإسلامیة کربلاء أخرى، و لوقف نفس موقفه بوجه الأمویین و یزید بن معاویة.[7]



[1] من الطبیعی أن بعض الکلام المتقدم نقل عن الإمام الصادق (ع) من دون مصدر أو مرجع، انظر: رسالة عاشوراء، عباس عزیزی، ص 28؛ ثقافة عاشوراء، جواد محدثی، ص371.

[2] و قد ذکر عدد بعض القرائن على أن هذه الجملة لیست من کلام المعصومین، انظر: مجلة علوم الحدیث، العدد 26.

[3] صحیفة النور، ج 9، ص 202.

[4] زیارة عاشوراء.

[5] صحیفة النور، ج 20، ص 195.

[6] تاریخ الطبری، ج 4، ص 304.

[7] الانتفاضات الشیعیة، هاشم معروف الحسنی، ص387.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279423 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257183 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128121 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113197 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88980 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59799 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59523 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56845 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49699 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47149 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...