بحث متقدم
الزيارة
5764
محدثة عن: 2011/09/20
خلاصة السؤال
توجد روایة مبنیة علی أن الله حرّم علی أولاد فاطمة (س) جهنم لعفتها ارجوا تحلیل هذه الروایة.
السؤال
أرجوا أن تُبیّنوا لی وضع هذا الحدیث من جهة السند، عن رسول الله (ص): "أن فاطمة احصنت فرجها فحرّم الله ذریّتها علی النار" بحار الأنوار، ج43، ص20، 231، 232.
الجواب الإجمالي

هذه الروایة مرویة فی کتب الشیعة و السنة، و تعتبر من الروایات المعتمدة لکثرة رواتها و المصادر التی ترویها. لکن الغموض و الإبهام الذی یکتنفها من البدایة هو نُطاق شمولها و وسعتها. یمکن أن نفهم من روایات اخری أن أولاد فاطمة المباشرین هم المصونون من الذنب بسبب عفة و طهارة إمهم لذلک فهم فی أمانٍ من جهنم، أما باقی الذریة فلیس لهم حمایة و مصونیة کاملة من العذاب و إن کانوا یتمتعون بمیزة خاصة.

الجواب التفصيلي

توجد روایة فی بحار الأنوار بهذا المضمون و هی: "بإسناد التمیمی عن الرّضا (ع) عن آبائه قال قال النبی (ص): "إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذرّیتها علی النّار".[1]

و هذه الروایة موجودة أیضاً فی عیون أخبار الرضا (ع) الذی هو مصدر بحار الأنوار فی هذا المورد.[2] و کذلک ذُکرت هذه الروایة فی مصادر کثیرة و عن رواة کثیرین من الشیعة و أهل السنة و قد طرحت علی أثرها نظریات و أسئلة کثیرة.[3] و هذا لحد ذاته نوع إشارة لصحتها و کونها مسلم بصدورها.

وقد ذهب أحد مؤلفی أهل السنة فی القرن العاشر بعد دراسته للروایة المذکورة الی کون النتیجة الصحیحة التی یُمکن أخذها من هذه الروایة هی أن سندها جید، و انها لیست من النظریات المجعولة کما بیّنت ذلک بشکل مفصل فی کتاب آخر. [4] أما ما یستحق البحث و المناقشة فی هذه الروایة هو مدی سعة نطاق و مجال شمولها. و هل تحد بأفراد معیّنین من الذریة أم تشملهم کلهم؟

أما ما یُمکن استنباطه من روایات الشیعة، فکأنما نجد بعض السادة یعتبرون هذا الحدیث بمنزلة ضوء أخضر من جانب الله سبحانه و تعالی و یتصوّرون علی أساس هذا الحدیث ان کل ذنوبهم مغفورة و لا یترتّب أثر ذلک أی عقوبة اخرویة!!.

أما الأئمة المعصومون (ع) فقد وقفوا أمام هذا الاستنباط بشدة و اعلنوا أن مثل هذه الروایات یجب أن لا یساء الاستفادة منها من قبل المنتسبین لأهل البیت (ع) و نُشیر الی بعض هذه الروایات:

1- عن حسن بن موسی قال کنت بخراسان مع علی بن موسی الرضا (ع) فی مجلس و زید بن موسی (اخ الامام الرضا المعروف بزید النار) حاضر قد أقبل علی جماعة فی المجلس یفتخر علیهم و یقول نحن و نحن و ابو الحسن (ع) مقبل علی قوم یحدّثهم فسمع مقالة زید فالتفت إلیه، فقال: یا زید اغرک قول ناقلی الکوفة ان فاطمة (س) احصنت فرجها فحرّم الله ذریتها علی النار! فوالله ما ذلک إلا للحسن و الحسین و ولد بطنها خاصة فإما أن یکون موسی بن جعفر (ع) یُطیع الله و یصوم نهاره و یقوم لیله و تعصیه أنت ثم تجیئان یوم القیامة سواء لأنت أعز علی الله عزّ و جلّ منه ان علی بن الحسین (ع) کان یقول لمحسننا کفلان من الأجر و لمسیئنا ضعفان من العذاب.[5] و یوجد فی سائر المصادر الروائیة ما یشابه تعابیر هذه الروایة.[6]

2- عن حماد بن عثمان قال قلت لأبی عبد الله (ع): جُعلت فداک ما معنی قول رسول الله (ص) ان فاطمة (س) احصنت فرجها فحرّم الله ذریتها علی النار؟ فقال: المعتقون من النار هم ولد بطنها الحسن و الحسین (ع) و زینب و ام کلثوم (س).[7]

3- و قال رجل لجعفر بن محمد (ع): أرایت قوله (ص) ان فاطمة (س) احصنت فرجها فحرّم الله ذریتها علی النار ألیس هذا أمان لکل فاطمی فی الدنیا؟ فقال: انک لأحمق إنما أراد حسناً و حسسیناً لأنهما من لحمة أهل البیت (ع)، فأما من عداهما فمن قعد به عمله لم ینهض به نَسبه.[8]

نعم هناک روایات اخری یُمکن أن نفهم منها ما هو مخالف لما ذکر. [9] لکن قبولها غیر ممکن لأنها مخالفة للأصول و الموازین الإسلامیة و القرآنیة، لأن معناها الحریة المطلقة فی الاتیان بکل قبیح و المصونیة الکاملة من کل عقوبة – و إن کنا نعتقد بأن بعضهم یتمتع بامتیازات خاصة- لکن هذا الاطلاق لا ینطبق مع التعالیم الدینیة. أما نجاة أولاد السیدة الزهراء (س) مباشرة فهو ناشیء من البصیرة التی اُعطیت لهم جزاءً لعفة امهم الزهراء (س) فاحصنوا أنفسهم تبعا لها (س) عن کل ذنب و معصیة باختیارهم.



[1]  المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج43، ص20، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404هـ . ق.

[2]  الشیخ الصدوق، عیون أخبار الرضا (ع)، ج2، ص63، ح264، نشر جهان، طهران، 1378هـ . ش.

[3]  ابن شهرآشوب، مناقب آل أبی طالب، ج3، ص325، نشر العلامة، قم، 1379 هـ .ش.

[4]  الصالحی، الشامی، سبل الهدی و الرشاد فی سیرة خیر العباد، ج11، ص250، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1414 هـ .ق.

[5]  الشیخ الصدوق، عیون أخبار الرضا (ع)، ج2، ص232، ح1.

[6]  الإربلی، علی بن عیسی، کشف الغمة، ج2، ص310، مکتبة بنی هاشمی، تبریز، 1381 هـ .ش.

[7]  الشیخ الصدوق، معانی الأخبار، ص106، نشر جامعة المدرسین، قم، 1361 هـ.ق. (الروایة السابقة فی هذا الکتاب هی فی نفس الموضوع أیضاً).

[8]  إبن أبی الحدید، شرح نهج البلاغة، ج18، ص252، مکتبة آیة الله المرعشی، قم 1404 هـ. ق.

[9]  الراوندی، قطب الدین، الخرائج و الجرائح، ج1، ص281، مؤسسة الإمام المهدی (عج)، قم، 1409 هـ. ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279359 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256923 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112883 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88920 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59630 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59356 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56813 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49393 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47111 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...