Please Wait
8483
إن ما ذکرتم غیر موجود فی النصوص التاریخیة من جهة، و لا ینسجم مع معطیات العقل من جهة ثانیة، و معنى ذلک أن هذا الکلام لم یرد فی أی مصدر تاریخی و لا فی کتب المقاتل، لأن ما ورد فی المصادر المعتبرة کالآتی:
«وقف الحسین إلى جانب أخته أم کلثوم: إننی أوصیک بولدی هذا لأنه طفل صغیر[1] له ستة أشهر، فقالت أم کلثوم: إن هذا الطفل لم یشرب الماء منذ ثلاثة أیام، فالتمس له قلیلاً من الماء، فحمل الإمام (ع) الطفل و اتجه نحو القوم، و قال: "لقد قتلتم أولادی و إخوتی و أنصاری، و لم یبقَ معی إلا هذا الطفل الرضیع و إنه یمضغ لسانه من شدة العطش فارووه بشربة من الماء". و فی عبارة أخرى أن الإمام (ع) قال: "إن کنتم لا ترحمونی فارحموا هذا الطفل الصغیر". و بینما الإمام یخاطب القوم و إذا بسهم موجه من ظالم یصیب الطفل فیذبحه من الورید إلى الورید، فوضع الإمام کفه تحت نحر الطفل حتى امتلأت دماً ثم رمى بها إلى السماء و هو یقول: "اللهم اشهد على هؤلاء القوم، إنهم أقسموا على أن لا یذروا أحداً من أهل النبی (ص)...".[2]
اما الروایة الثانیة فتقول: ثم تقدم الحسین (ع) إلى باب الفسطاط و دعا بابنه عبدالله و هو طفل فجیء به لیودعه فرماه رجل من بنی أسد بسهم فوقع فی نحره فذبحه فتلقى الحسین (ع) الدم بکفیه حتى امتلأتا و رمى بالدم نحو السماء ثم قال: "رب إن کنت حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلک لما هو خیر و انتقم لنا من هؤلاء الظالمین".
قال الباقر (ع): "فلم تسقط من الدم قطرة إلى الأرض".
ثم حمله فوضعه مع قتلى أهل بیته.[3]
ثانیاً: إن مثل هذا الکلام لا ینسجم مع متبنیات العقل، فإنه من غیر الممکن أن یستفاد من رطوبة فم طفل صغیر لترطیب فم جاف لأجل إلقاء خطبة أو الاستمرار فیها، و من جهة ثانیة فإن هذا العمل لا یمکن أن ینسب لأی عاقل فضلاً عن الإمام الحسین (ع) و هو الإمام المعصوم الذی أذهل العقول بعقله و عواطفه الطاهرة.
[1] یقول أغلب أرباب المقاتل أن اسم هذا الطفل الرضیع هو عبدالله بن الحسین، و هنالک رأیان فی کون عبدالله هو نفسه علی الأصغر أم أنه طفل آخر للإمام الحسین (ع) استشهد یوم عاشوراء:
أ. علی الأصغر هو لقب عبدالله الرضیع، و الاثنان شخص واحد.
ب. لیس الاثنان شخصاً واحداً، فاسم أم عبدالله هو أم إسحاق بنت طلحة بن عبدالله، و اسم أم علی الأصغر رباب بنت امرئ القیس.انظر: اشتهاردی، محمد مهدی، سوگنامه آل محمد، "مصائب آل محمد.
[2] انظر: مقتل الحسین أول تاریخ کربلاء، أبی مخنف، بترجمة الأنصاری، ص130؛ اللهوف، السید ابن طاووس، بترجمة الدکتور عقیقی بخشیاشی، ص143؛ رموز الشهادة و الترجمة الکاملة لنفس المهموم و نفثة المصدور، تألیف الشیخ عباس القمی بترجمة آیة الله کمره أی، ص161؛ منتهى الآمال، الشیخ عباس القمی؛ بحار الأنوار، العلامة المجلسی، ج45؛ الإرشاد، الشیخ المفید؛ تذکرة الشهداء، محمد حبیب الله الکاشانی.
[3] مثیرالأحزان، ص 70، و انظر: المناقب، ج 4، ص 110.