بحث متقدم
الزيارة
6131
محدثة عن: 2009/07/09
خلاصة السؤال
لماذا یُعطی الولد الحاصل من الزواج الموقت الی الأب؟
السؤال
إذا تولّد من المتعة ولد فلیس لامّه حق فیه، و الحال انه فی الزواج لا یمکن لأحد ان یفصل الولد عن امّه بالقوّة حیث إن الام تقوم بتربیة ولدها.
ان من المسلّم ان هذا الولد بالتالی هو للأب. فهل من العقلانیة و المنطق ان یوجد ولد من مجرد علاقة موقّتة و لا یکون له أمّ؟ أو حتی العکس أو یسلّم الی دور الحضانة فیکون محروماً من نعمة الأب و من نعمة الام أیضاً؟ ما هو موقع الطفل الذی یتولّد من علاقة موقتة بشکل لا ارادی فی المجتمع؟ هل یصح ان لا یعرف الطفل امه ابداً؟ ان الطفل الذی یولد من المتعة من المسلّم انه تکوّن لا ارادیاً و انه ناتج من علاقة موقتة و ان هذا یبقی معه الی آخر عمره و صمة علی جبینه! لنضع أنفسنا محل مثل هذا الطفل! فماذا سیکون شعورنا حینئذٍ؟
اننّی أعلم انه یمکن قبل الزواج اشتراط عدم الإنجاب، و لکن علی أی حال فهذا الموضوع موجود و لا یمکن انکاره. ثم انه من الممکن ان یشترط الطرفان عدم الحمل و لکن مع ذلک و بعد انتهاء المدّة لو ولدت تلک المرأة طفلاً، فما هو الحل؟ و لیست المشکلة فی الحضانة و الاشراف و الارث و النفقة و ... فقط، بل المشکلة هی ان هذا الطفل هو انسان علی أی حال و یجب ان یعیش فی المجتمع مستقبلاً، فماذا سیکون شعوره و إحساسه؟
الجواب الإجمالي

الزواج الموقت زواج میسّر لمن لا یستطیع الزواج الدائم و قد شرع من قبل الله تعالی من أجل حِکم عدیدة منها منع الانحرافات الجنسیّة و آثارها السیئة، و لهذا السبب فإن الشارع المقدّس لم یجعل فی هذا الزواج بعض الأحکام الخاصة بالزواج الدائم. و قد حددّ الإسلام من البدایة مصیر الأولاد الذین قد یتولدون من هذا الزواج و قال ان الأولاد الذین یولدون من هذا الزواج لا یختلفون أبداً من ناحیة النسب و الارث و حق الحضانة (التربیة و الحفظ) و حق النفقة (المصارف) عن الأولاد فی النکاح الدائم، فلهم حقوقهم المعروفة و لا یمکن لأحد ان یحرمهم من العطف و الحنان من قبل الأمّ و الأب. و قد لا تکون بعض قطاعات المجتمع الیوم مهیّئة لقبول ثقافة مثل هذا الزواج فینبغی التثقیف علی هذا الجانب لکی لا یبقی المجتمع محروماً من برکات مثل هذا الزواج.

و بالطبع فإنه لا یمکن تجنّب وجود بعض الإستثناءات فی کل قانون، فلا ینبغی لغو أصل القانون من أجلها.

الجواب التفصيلي

قبل التعرّض للجواب ینبغی التذکیر بعدّة ملاحظات:

أولاً: یجب دائماً أن نشخّص جیّداً منزلة و هدف تشریع کل من الأحکام الإلهیة لکی یکون لکل قانون و حکم موقّعة و تقییمه المتناسب معه. و کمثال علی ذلک: فلا یمکننا مثلاً الاعتراض علی تشریع الجهاد بانه یوجب القتل أو الضرر أو تسیّب عدد کبیر من الأبناء، فإنه إذا لم یندفع البعض فی هذا الطریق و یلقی بنفسه فی معرض أنواع الأخطار، فإن المجتمع کله سیکون فی معرض الخطر.

ثانیاً: أن البحث عن الهدف و الحکمة للأحکام و التعالیم الإجتماعیة للإسلام یجب أن یکون مرتبطاً بأغلب أفراد المجتمع، لأنه قد لا یتلاءم کل قانون فی موارد نادرة مع ذلک الهدف العام فیکون له موارد استثناء. و علی هذا الأساس فیجب أن تدرس أحکام و قوانین و آثار الزواج الموقت فی إطار الأغلبیة و أکثریة أفراد المجتمع.

ثالثاً: فی الزواج الدائم أیضاً تکون الحضانة و تربیة الطفل إلی سنتین إذا کان ولداً و إلی سبع سنین إذا کان بنتاً هی بعهدة الأمّ، و بعد ذلک فقد أعطی هذا الحق للأب.[1]

و بالالتفات الی هذه الملاحظات ینبغی أن یقال: ان الزواج الموقت زواج میسّر لمن لا یتمکن من الزواج الدائم أو انه یواجه مشاکل فی هذا الطریق، و قد شرع هذا الزواج من قبل الله الحکیم للمنع من الفساد و الانحرافات الجنسیّة. و من أجل سلامة المجتمعات. و لهذا السبب فان الشارع المقدّس لم یجعل فی هذا الزواج بعض الأحکام الخاصة بالزواج الدائم.[2]

و من نقاط القوة فی قوانین الإسلام فی الزواج الموقت انه حددّ أولاً مصیر الأولاد الذین قد یتولّدون من هذا الزواج و قال ان الولد المتولّد من هذا الزواج لا یختلف أبداً عن ولد النکاح الدائم.[3]

فهو یعتبر ابناً لهذا الأب و الأمّ شرعاً و قانوناً فتجب نفقته (مصاریفه) علی الأب و هو یرث من أبیه و أمّه أیضاً. و بناء علی هذا فسوف لا یشعر مثل هذا الولد بالخجل أبداً، لان أباه و أمّه قد تزوّجا بزواج شرعی و قانونی و علی طبق الأمر الإلهی و لم یرتکبا أی عمل مخالف للشرع.

و اما ان مسؤولیة الولد قد جعلت فی عهدة الأب، فیجب أن نلتفت الی ان ذلک لا یختص بالزواج الموقت، فسواء کان الزواج دائمیّاً أو موقّتاً فان الحضانة (التربیة و الحفظ) للابن (الولد) الی سنتین و للبنت الی سبع سنین هو من حق الأمّ،[4] حیث یمکنها أخذ هذا الحق أو ترکه للأب، و بعد هذا السن، فحتی فی الزواج الدائم أیضاً قد جعلت مسؤولیة الولد فی عهدة الأب.

و لکن حیث إن الزوجین عادة یعیشان معاً فی الزواج الدائم فلا ینتبه لهذا الأمر. و کذلک فان جمیع المصاریف المالیّة للأولاد فی کلا الزواجین و کذلک الاشراف علی الأولاد بعد سن الحضانة هو علی عهدة الأب، و واضح ان هذا هو من أجل الإرفاق و المدارة للأمّهات، حیث إن النساء عموماً أضعف من الرجال من ناحیة المالیة و الاقتصادیّة فقد یقعن فی مشقّة فی الاشراف علی أولادهن، و لهذا السبب فقد جعل الإسلام أولاً الإشراف و نفقة الولد علی عهدة الأب من أجل مراعاة حال الأمّ و الولد، و لکن یمکن للام بعد التوافق مع الأب ان تستلم هذه المسؤولیة مجاناً أو فی قبال أخذ الاجرة، و لا یمکن لأی أحد ان یمنع الام من رؤیة ولدها و العطف علیه.

اضافة الی ان الطرفین فی هذا الزواج لا یقصدان عادة انجاب الأولاد، فیمکن لکل من الطرفین ان یشترط عدم الانجاب أصلاً أو ان تربّی الام الطفل لمدة معیّنة أو دائماً، و لکن لیس جمیع الأولاد الذین قد ولدوا من المتعة کانوا غیر مرغوب فیهم، بل ان بعض الرجال أحیاناً و لکون زوجتهم الاولی لا تنجب، یلجأون الی مثل ذلک و یحتفظون بالطفل و یربّونه علی أحسن وجه.

و قد لا تکون بعض قطاعات المجتمع الیوم مهیّئة لقبول ثقافة مثل هذا الزواج، فینبغی التثقیف علی هذا الجانب لکی لا یبقی المجتمع محروماً من برکات مثل هذا الزواج، و بالطبع فانه لا یمکن تجنب وجود بعض الاستثناءات فی کل قانون، فقد یمکن ان یقع فی بعض الموارد الظلم علی الأولاد المتولّدین من مثل هذا الزواج، و لکن لا ینبغی لغو أصل القانون من أجلهم.



[1] توضیح المسائل (المحشی للإمام الخمینی)، ج 2، ص 257، س 1504.

[2] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج 15، ص 15، مکتب النشر الإسلامی.

[3] توضیح المسائل (المحشی للإمام الخمینی)، ج 2، ص 486؛ آیة الله مکارم شیرازی، مسألة 2079، للزواج الموقت عدة بعد انتهاء مدته ... و الأولاد المتولدون منه لهم جمیع حقوق الأولاد و هم یرثون من أبیهم و أمّهم و أقاربهم، رغم ان الزواج و الزوجة لا یرث أحدهما من الآخر.

[4] نفس المصدر؛ الإمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 2، ص 312، نشر قدس محمدی (أحکام الولادة و ما یلحق بها)، مسألة 12-16-17.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279421 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257168 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128118 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113184 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88976 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59796 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59519 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56842 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49697 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47148 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...