بحث متقدم
الزيارة
9520
محدثة عن: 2012/03/12
خلاصة السؤال
أيهما أولى بالتقديم؛ الصلاة في أول الوقت أو أكل الطعام؟
السؤال
أيهما أولى بالتقديم؛ الصلاة في أول الوقت أو أكل الطعام؟
الجواب الإجمالي

ما يستفاد من الروايات هو أن تأخير الصلاة إنما يجوز فيما إذا كان للإنسان عذر شرعي، و أما ما هو هذا العذر الشرعي و ما يمكن أن يكون، فهو راجع إلى تشخيص المصلي نفسه و ضميره. فإذا كان العذر بحيث يقتضي التقديم حقا على فضيلة الصلاة في أول الوقت و يبرر تأخير الصلاة، عند ذلك يكون الإنسان معذورا عند الله بهذا الدليل. أما إن كان التأخير ناشئا من الكسل و عدم الاكتراث، فلا يعد عذرا شرعيا و لا شك في أنه مخالف لما أراده الله.

الجواب التفصيلي

الصلاة من الواجبات التي تم التأكيد على أدائها في أول الوقت. فقال الإمام الصادق (ع):

1. "َ لِكُلِّ صَلَاةٍ وقْتَانِ و أَوَّلُ الْوَقْتَيْنِ أَفْضَلُهُمَا…".[1]

2. " فضل الوقت الأول على الأخير للمؤمن ولده و ماله‏."[2]

3. "َ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ فِي أَوَّلِ وقْتِهَا و أَقَامَ حُدُودَهَا رَفَعَهَا الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً و هِيَ تَهْتِفُ بِهِ تَقُولُ حَفِظَكَ اللَّهُ كَمَا حَفِظْتَنِي و أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ كَمَا اسْتَوْدَعْتَنِي مَلَكاً كَرِيماً و مَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ وقْتِهَا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَلَمْ يُقِمْ حُدُودَهَا رَفَعَهَا الْمَلَكُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً و هِيَ تَهْتِفُ بِهِ ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللَّهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي و لَا رَعَاكَ اللَّهُ كَمَا لَمْ تَرْعَنِي…"[3]

نظرا إلى أفضلية الصلاة و أخيريتها في أول الوقت، إذن نحتاج إلى دليل للتأخير، و لهذا الروايات قد جوزت التأخير فيما إذا كان للإنسان عذر شرعي مقنع. فقد روي عن الإمام الصادق (ع) حيث قال: "َ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ الْوَقْتَيْنِ وقْتاً إِلَّا مِنْ عُذْرٍ أَوْ عِلَّةٍ".[4]

أما ما هو العذر و السبب الذي يليق أن يكون عذرا لتأخير الصلاة، فهو راجع إلى تشخيص الإنسان نفسه و ضميره، فإذا كان العذر بحيث يقتضي التقديم حقّا على فضيلة الصلاة في أول الوقت و يبرر تأخير الصلاة، عند ذلك يكون الإنسان معذورا عند الله بهذا الدليل و بإمكانه أن يؤخر الصلاة، و لكن لا ينبغي أن يتذرع بأي ذريعة و يفر من الصلاة في أول الوقت.

إذن أولوية الطعام أو الصلاة في أول الوقت متعلقة بظروف الإنسان و موقعه، فإذا كان قد أصيب بضعف أو تعب شديد أو ينتظره الآخرون و … يستطيع أن يقدم أكل الطعام على الصلاة.

أهمية حضور القلب في الصلاة

و بالإضافة إلى الآداب الظاهرية التي في الصلاة، هناك آداب باطنية يجب الاهتمام بها. و من أهم هذه الآداب حضور القلب. و لهذا فإن سُمِح بتأخير الصلاة في بعض الظروف فذلك بسبب اهتمام الله و عنايته بحضور القلب و تحصيله من قبل المصلّي. عدم أكل الطعام و تحمل الجوع البالغ و أمثاله من الأعذار قد تضرّ بحضور القلب في الصلاة أو تقضي عليه تماما.

بعد هذه المقدمة يتبادر سؤال و هو أنه إن تعذر أداء الصلاة في أول الوقت مع حضور القلب بسبب بعض الظروف الخاصة، و أمكن أداء الصلاة مع حضور القلب مع تأخير بسيط، فما التكليف؟

هنا يرجح العلامة المجلسي حالة حضور القلب على الصلاة لوقتها بغير الحضور، و ذلك بعد أن أشكل في اختيار كل من الطرفين أي حضور القلب أو الصلاة في أول الوقت. قال (ره): " [إن غلب النوم و النعاس على أحد بحيث] لو علم أنه لا يعقل عقلا كاملا و لا يكون قلبه حاضرا متنبها لما يقوله و يأتي به كما هو ظاهر الأخبار فالنهي على التنزيه (مكروه) … و لو كان في أول الوقت نومان و إذا دخل في الصلاة لا يكون له حضور القلب فيها و إذا نام ليذهب عنه تلك الحالة يخرج وقت الفضيلة فأيهما أفضل الترجيح بينهما لا يخلو من إشكال و اختار بعض المتأخرين ترجيح حضور القلب فإنه روح العبادة."[5] و قد أيّد هذا القول بعض العلماء من قبيل الشيخ عباس القمي حيث ذهب إلى هذا الرأي و رجح الصلاة مع حضور القلب.[6]

إذن فموارد جواز تأخير الصلاة تختص بظروف تضايق الإنسان و عدم راحته بحيث يكون له عذر شرعي عن الصلاة في أول الوقت، لا أن يقدّم كسله و عدم اكتراثه و يتعذر بأعذار تافهة في سبيل تأخير الصلاة، فلا شك في أن هذا السلوك مخالف لما أراده الله.

 


[1]. الشيخ حرّ العاملي، و سائل الشيعة، ج 4، ص 119، مؤسسه آل البيت (ع)، قم، الطبعة الأولى، 1409ق.

[2]. الشیخ الصدوق، ثواب الأعمال و عقاب الأعمال‏، ص 36، دار الرضى، قم، الطبعة الأولى، 1406 ق‏.

[3]. و سائل الشیعة، ج 4، ص 123 و 124.

[4]. المصدر نفسه، ص 119.

[5]. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 81، ص 271، مؤسسة الوفاء، بيروت - لبنان، 1404 ق.

[6]. القمي، الشيخ عباس، الغاية القصوى فی ترجمة العروة الوثقى، ج‌ 1، ص 322،  منشورات صبح پيروزى، قم، الطبعة الأولى، 1423ق.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما رأيكم في نظرية التكامل التي طرحها داروين؟
    4536 آفرینش انسان و جهان 2015/06/30
    هناك فرضيتان يطرحهما علماء العلوم الطبيعية حول خلقة الكائنات الحيّة أعم من النباتات و الحيوانات. أ: فرضية تطور الأنواع التي تقول بأن الكائنات الحيّة لم تكن بشكلها الحالي من الأوّل، بل في البداية كانت أوليات وحيدة الخلايا حيث تكونت في المحيطات و بين رواسب البحار إثر طفرة؛ يعني ...
  • هل يرفع الماء المتقطر من جهاز التبريد الحدث أو الخبث؟
    5568 انواع آبها 2012/07/19
    إذا كان المقصود من الماء المتقطر، الماء الذي يتقطر من جهاز التبريد "المكيف الغازي"، فجوابه أن هذا الماء طاهر بصورة طبيعية، فإذا لم يكن مضافاً فهو حينئذ مطهّر أيضاً، أي يمكن تطهير الأشياء النجسة به أو التوضؤ منه. الضمائم جواب مراجع التقليد العظام ...
  • یرجى إیضاح حکم الاستفادة من الکنز
    4233 الحقوق والاحکام 2010/12/21
    أجاب آیة الله العظمى السید الخامنئی دام ظله عن مثل هکذا سؤال قائلا: المیزان فی مثل هذه الأمور هو مقررات الجمهوریة الإسلامیة.[1][1]
  • هل یجوز للمسلم أن یرکن إلى الأحکام القضائیة الأمریکیة؟
    4544 الحقوق والاحکام 2008/02/24
    جواب مکتب آیة الله العظمى الخامنئی (دام ظله):إذا کان استیفاء الحق متوقفاً على الرجوع إلى المحاکم غیر الشرعیة فلا مانع من ذلک، خصوصاً إذا کان ترک الرجوع موجباً للعسر و الحرج بالنسبة إلى المرأة.جواب مکتب آیة الله مکارم الشیرازی (مد ظله العالی):فی حال عدم وجود طریق آخر ...
  • هل المتنجس الثالث او الواسطة الثالثة منجسة أيضاً أم لا إذا تكررت العملية؟
    5423 انتقال نجاست 2012/09/10
    إذا اعيدت العملية بنفس الترتيب الاول تبقى المراتب على وضعها، و اما اذا اختلفت المراتب بان لاقت الواسطة الثالثة النجاسة مباشرة فحينئذ تتغير الحالة و تتبدل الوسائط حسب الترتيب الجديد حيث تعتبر الواسطة الثالثة واسطة أولى.[1] علما أن رأي السيد الامام ...
  • ما الفرق بین الشخص الذی لا یصلی فی حیاته و یقول اعطی مالاً لیصلوا عنّی، و بین الشخص الذی یصلّی صلاته کاملة؟ أساسا هل یصح هذا الشیء أم لا؟
    6661 النظریة 2011/07/21
    کما تعلمون فإن الصلاة بالإضافة الی أنها تکلیف، لها آثار و برکات معنویة و مادیة کثیرة فی حیاة الفرد، فیُمکن للشخص الثری أن یستأجر أولاده و ورثته بأمواله للصلاة عنه و قد تخفّف هذه الصلاة الاستئجاریة من عذابه الأخروی، لکن بلا شک سیحرم هذا الشخص من ...
  • اذا اصیب شخص بالموت الدماغی فهل یجوز اهداء اعضاء بدنه؟
    4882 الحقوق والاحکام 2012/01/16
    رأی بعض مراجع التقلید حول اهداء اعضاء بدن الشخص المصاب بالموت الدماغی کما یلی:مکتب سماحة آیة الله العظمی الخامنئی (مد ظله العالی):بشکل عام اذا کان شخص قد اصیب بضربة فی الدماغ غیر قابلة للعلاج و توقفت علی اثرها جمیع فعالیات الدماغ و ...
  • هل اللغة العربیة لغة الله المختارة؟
    12914 علوم القرآن 2010/04/06
    تؤکد بعض الروایات على أن اللغة العربیة هی اللغة التی اختارها الله سبحانه، و بغض النظر عن صحة هذه الروایات أو عدمها فإن من أسباب هذا الاختیار هو تمتع هذه اللغة بالإمکانیات الممتازة فی نقل المفاهیم و المعانی. ...
  • هل ورد في القرآن انّ احدا من الناس اعترض علی نبي الإسلام(ص) لحرمانه من بعض الفوائد المادية؟!
    1525 التفسیر 2021/12/08
    لابد من الاشاره -قبل اي شیء- الی إن سبب اعتناق المنافقين الإسلام آنذاک کانت المصالح الدنيوية والمادية، حیث انهم کانوا یرضون اذا أعطوا شيئًا من الصدقات او بیت المال، وإذا لم یعطوا شیئا کانوا یفتحون أفواههم بالشكوى والتذمر والسخرية، وربما کانوا یظهرون غضبهم ببعض اعمالهم. فلو كان إيمانهم ...
  • ما هی السبل المساعدة فی علاج الهذر و کثرة الکلام؟
    5972 العملیة 2012/01/21
    اللسان فی الوقت الذی یعد من النعم الالهیة الکبرى التی انعم بها على البشر و الآلة التی تساعد الانسان فی التواصل الاجتماعی و الفردی، لکنه فی الوقت نفسه یعد من الاعضاء التی یکثر عثارها و آفاتها مما یجر الانسان الى اقتراف الکثیر من المعاصی و الذنوب و یکون منشأ للتجاوز ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    276318 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    241445 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    123109 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    109282 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    86157 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    56945 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    55328 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    53572 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    45434 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    44069 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...