بحث متقدم
الزيارة
5097
محدثة عن: 2011/09/13
خلاصة السؤال
ما المراد من الروایة التی تقول بان مراتب القرآن أربعة: "العبارة و الاشارة و اللطائف و الحقائق؛ فالعبارة للعوام و الاشارة للخلواص و اللطائف للاولیاء و الحقائق للانبیاء"؟
السؤال
ما المراد من کلام الامام الصادق (ع) الذی یقول فیه بان مراتب القرآن أربعة: "العبارة و الاشارة و اللطائف و الحقائق؛ فالعبارة للعوام و الاشارة للخلواص و اللطائف للاولیاء و الحقائق للانبیاء"؟ و خاصة الفقرة الأخیرة "الحقائق للانبیاء" فأی نبی تختص هذه المرتبة؟ و هل الروایة تعارض الخاتمیة؟
الجواب الإجمالي

تع هذه المرتبة الرابعة من مراتب القرآن الکریم من الامور التی وراء الالفاظ الظاهریة و تمثل حقائق القرآن الکریم و لا تنحصر بما بعد بدء الرسالة الاسلامیة، بل القرآن الکریم یمثل حقیقة کلام تمام الانبیاء و کل واحد منهم علیهم السلام یتصل بمرتبة خاصة من تلک الحقیقة.

من هنا، عندما یقال أن المرتبة الرابعة من القرآن الکریم خاصة بالانبیاء لا یتنافى ذلک مع سبق الرسالات الاخرى و نزولها قبل القرآن الکریم "القرآن التدوینی"؛ و ذلک لان هذه المرتبة - مرتبة الحقائق- موجودة دائماً و على مر الاعصار.

الجواب التفصيلي

وردت الروایة فی الکتب الروایة من قبیل جامع الاخبار[1]، اعلام الدین[2]، عوالی اللآلی[3] و بحار الانوار[4] و قد قررت للقرآن أربع مراتب المرتبة الاخیرة منها مرتبة الحقائق الخاصة بالانبیاء.

و لبیان معنى الروایة المذکورة یجدر الاشارة الى الانبیاء السابقین کانوا فی کتبهم السماویة کالتوراة و الانجیل و... على اتصال بحقیقة القرآن الکریم و هم على اطلاع بحقائق القرآن و باطنه (القرآن التکوینی) و کانوا یستفیدون منه.

و هذه المرتبة الرابعة من مراتب القرآن الکریم تعد من الامور التی وراء الالفاظ الظاهریة و لا تنحصر بما بعد بدء الرسالة الاسلامیة، بل القرآن الکریم یمثل حقیقة کلام تمام الانبیاء و کل واحد منهم علیهم السلام یتصل بمرتبة خاصة من تلک الحقیقة.

من هنا، عندما یقال أن المرتبة الرابعة من القرآن الکریم خاصة بالانبیاء لا یتنافى ذلک مع سبق الرسالات الاخرى و نزولها قبل القرآن الکریم "القرآن التدوینی"؛ و ذلک لان هذه المرتبة - مرتبة الحقائق- موجودة دائماً و على مر الاعصار.

ثم ان الآیات القرآنیة تأمر المؤمنین بالایمان بالله و الرسول و الکتب السماویة الاخرى السابقة على القرآن کما فی قوله تعالى: "یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْکِتابِ الَّذی نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ الْکِتابِ الَّذی أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَ مَنْ یَکْفُرْ بِاللَّهِ وَ مَلائِکَتِهِ وَ کُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعیداً".[5] فاذا ما أخذنا بنظر الاعتبار کون الکتب السماویة السابقة قد تعرضت للتلاعب و التحریف یتضح لنا و بوضح تام أن الآیة المبارکة وغیرها من الآیات لا تأمر بالاعتقاد و الایمان بظاهر الفاظ وجمل و عبارات تلک الکتب، بل تأمر بالایمان بحقائقها. هذا من جهة.

و من جهة أخرى ان التعمیم الذی ذکرناه بالنسبة الى الکتب السماویة یمکن القول بمثله فی خصوص مقام النبوّة، بمعنى أن الذی الامر الذی ختم لیس هو مقام النبوّة و انما المختوم هو البعد التشریعی خاصة "النبوة التشریعیة" و ان هناک الکثیر من المؤمنین یأتون بعد رسول الله (ص) و هم على معرفة و اطلاع بحقائق العلوم النبویة و لطائف و حقائق الکتب السماویة من دون أن یکونوا انبیاء من الناحیة التشریعیة و من ابرز هؤلاء الامام أمیر المؤمنین (ع) و المعصومون من ذریته علیهم السلام.

و الجدیر بالذکر أن ما ذکرناه یختلف اختلافا جوهریا مع القائلین بان کل من یمتلک نصیبا من العقل یستطیع ان یستنبط المعانی و المفاهیم القرآنیة[6]؛ لان هذا الادعاء یعد مغالطة کبیرة یراد من ورائها التلاعب بالقرآن الکریم و تحریف کلام العرفاء لتبدیل و تغییر الاحکام القرآنیة.

اتضح مما مرّ بان المرتبة الرابعة من مراتب القرآن الکریم هی مرتبة الحقائق الماورائیة و هی قضیة اسمى من الزمان و المکان فلا بد من درک هذه الحقیقة القرآنیة کما انه لابد من فهم درک النبوة الانبائیة التی تمثل مقاما عرفانیا مشیرا الى العلم اللدنی.



[1] تاج الدین، شعیری، جامع الاخبار، ص42، انتشارات رضی، قم، 1363 ش.

[2] دیلمی، اعلام الدین، ص303، موسسه آل البیت، قم، 1408.

[3] احسائی، ابن ابی جمهور، عوالی اللآلی، ج4،ص 105، انتشارات سید الشداء، قم، 1405.

[4] مجلسی، بحار الانوار، ج75، ص 278، موسسه الوفاء، بیروت، 1404.

[5] النساء، 136.

[6] لسنا فی مقام البحث فی هذه القضیة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279359 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256909 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112878 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88919 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59629 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56812 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49389 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47111 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...