بحث متقدم
الزيارة
8443
محدثة عن: 2012/04/17
خلاصة السؤال
ورد في القرآن الكريم وصف الرزق بالحلال و الطيب، ما الفرق بينهما؟
السؤال
ورد في القرآن الكريم وصف الرزق بالحلال و الطيب، ما الفرق بينهما؟
الجواب الإجمالي

مفردة "الطيب" تطلق في صحاح اللغة[1] على خلاف الخبيث. و قال صاحب لسان العرب: الطِّيبُ على بناء فِعْل والطَّيِّب نعت وفي الصحاح الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث قال ابن بري: الأَمر كما ذكر، إِلا أَنه قد تتسع معانيه فيقال: أَرضٌ طَيِّبة للتي تَصْلُح للنبات ورِيحٌ طَيِّبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً ومنه قوله تعالى "الطيباتُ للطَّيِّبين".[2]

و ذهب صاحب قاموس القرآن الى القول بان كلمة الطيب تعني ملائمة الطبع، و نقل عن الراغب الاصفهاني أنه قال: وأصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس؛ لانه اذا طاب الشيء مالت النفس اليه. و في الختام اشار الى بعض الآيات التي توضح المراد من المعنى، كقوله تعالى " يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ".[3]

ثم قال صاحب قاموس القرآن: يجوز الاكل بشرطين: كونه حلالا لا حق للآخرين فيه، و ميل النفس اليه و عدم تنفرها منه كالقاذورات و....

فاذا كان المراد من الحلال، الحلال الشرعي فلابد من الرجوع الى الآيات و الروايات لمعرفة كافة شروطه، و الا فالحلال ما لم يكن للآخرين حق فيه و لا يزاحم حقوق الناس، و متابعة الشيطان تعني – ظاهراً- التجاوز و الميل من الحلال و الطيب. و يستفاد من الآية الكريمة أن كل ما لذ و مالت اليه النفس و لم يكن للآخرين حق فيه فاكله جائز[4]. و لكن التحديد الشرعي للحلال يقوم على اساس النصوص الشرعية فما أباحه الشرع جاز و ما حرمه لم يجز حتى مع التذاذ النفس به.

من هنا قال صاحب القاموس: و المراد من الطيبات و الخبائث في الآية الكريمة، الطيبات و الخبائث الواقعية، و لا يكون الملاك فيها رأي الناس فقط؛ فما يحرم شرعا إنما حرمته بسبب خبثه الواقعي و ان كان العرف لا يعده من الخبائث؛ كالزنا و عدم التعفف فقد ينظر اليهما البعض نظرة ايجابية لا تنطوي على شيء من الخبائث!! و كذلك الذبائح التي لا تتوفر على شروط التذكية الشرعية و تناول الحشرات و الديدان و... التي لا تعد لدى الكثير من الناس من الخبائث؛ و لكنها لما كانت من الخبائث الواقعية من هنا حرمها الشرع و منع من الاقتراب منها، و بهذا رسم الشارع المقدس الطريق أمام الانسان لمعرفة الخبائث الواقعية التي لا مجال لمعرفتها الا من خلال الشرع.[5]

 


[1] الجوهري، اسماعیل بن حماد، الصحاح، ج 1 ص 173، دار العلم، بیروت، 1410 ق.

[2] ابن منظور، لسان العرب، ج 1 ص 563، دار صادر، بیروت، 1414 ق.

[3] البقرة، 168.

[4] : القرشي، سید علي اکبر، قاموس قرآن، ج 4، ص 257- ص 261، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1371 ش.

[5] انظر:نفس المصدر.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257253 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128143 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113248 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59838 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56857 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49743 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...