بحث متقدم
الزيارة
10351
محدثة عن: 2012/01/08
خلاصة السؤال
ما الفرق الماهوي بين "قدم الصدق" في زيارة عاشوراء، و "مقعد الصدق" في آية "فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِیٍک مُّقْتَدِرٍ"؟
السؤال
ما الفرق الماهوي بين "قدم الصدق" في زيارة عاشوراء، و "مقعد الصدق" في آية "فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِیٍک مُّقْتَدِرٍ"؟ و لماذا وصف بالصدق و ما ماهية الصدق؟ ما المقصود من "تثبيت قدم صدق" و كيف يتحقق؟ و ما المقصود من شرطية "العندية" في هذا التثبيت مع أهل البيت عليهم السلام؟ كذلك نقرأ في زيارة عاشوراء: "وَ اَسْأَلُهُ اَنْ یُبَلِّغَنِى الْمَقامَ الْمحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ" ما ماهية المقام المحمود و ماهية نيل هذا المقام من قبل شيعة أهل البيت عليهم السلام.
الجواب الإجمالي

ليس هناك فرق ماهوي بينهما، بل علاقتهما علاقة المقدمة و ذي المقدمة. إن مقام قدم الصدق جاء في زيارة عاشوراء و مقعد الصدق قد ذكر في القرآن. إن قدم الصدق مقدمة للوصول إلى مقعد الصدق و مقام العندية مع الله و لقائه.

الجواب التفصيلي

إن كلا عبارتي "قدم صدق" و  "مقعد صدق" قد ذكرت في القرآن، و قد فسرت عبارة "قدم صدق" في الروايات بولاية و حبّ أمير المؤمنين (ع) و فسرت عبارة "مقعد صدق" بمصاحبة أهل البيت و معيتهم يوم القيامة. و نشير هنا إلى روايتين في هذا المجال:

عن الإمام الصادق (ع) حول قَوْلِهِ تَعَالَى‏ بشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ ولَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.[1]

كذلك عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ مَا مِنْ عَبْدٍ يُحِبُّكَ و يَنْتَحِلُ مَوَدَّتَكَ إِلَّا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَنَا ثُمَّ قَرَأَ النَّبِيُّ (ص) هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ و نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.[2]

کما جاء في القرآن الكريم (و لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها و  تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبيلِ اللَّهِ و  لَكُمْ عَذابٌ عَظيمٌ)[3]

و لهذا تجد في زيارة عاشوراء يلجأ زائر الإمام الحسين (ع) إلى الله من التحذير المذكور في هذه الآية مخافة أن يحسب من الذين اتخذوا أيمانهم مع الله و  أوليائه دَخَلا و يسأل الله أن يثبته على عهده " اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفَاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ و  ثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ و  أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ الَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ ع"[4]

إذن مقعد الصدق نتيجة الحركة بقدم الصدق. و مع أن احتمال الزلل موجود أثناء المسير، و لكن لا مجال للزلل بعد الوصول إلى مقعد الصدق و الاستقرار عند المليك المقتدر و معية أهل البيت؛ إذ أن هذه الحركة الصادقة قد بلغت غايتها و هدفها.

بعبارة أخرى، عندما يريد المأموم أن يكون مع الإمام، طريقة هذه المعية هي الطاعة و المحبة للإمام، و نحن نعلم أن ادعاء العشق و المحبة قد يكون صادقا أو كاذبا. إن الصدق في ادعاء المحبة يستلزم مجاهدة النفس و طاعة الإمام، و أصل امتحان المحبة هو أن لا يسكن الإنسان في قلبه أكثر من حبيب واحد. بعبارة أخرى إن شرط الصدق في المحبة هو عدم الشرك في المحبة. إذن الصدق في المحبة هو التوحيد في المحبة.

الإنسان الذي يمشي في درب طاعة الإمام بقدم صدق، سيصل في آخر المطاف و على أساس ما مرّ من الشرح إلى مقعد صدق و هو مقام التوحيد، و سينال مقام المعية مع الإمام و مقام العندية مع الله سبحانه.

إذن مقعد الصدق و العندية مع الله هو لقاء الله، كما في سورة الفجر التي هي منسوبة للإمام الحسين (ع) حيث نجد نفس هذه الحركة و الوصول إلى لقاء الله.[5]

و كذلك يمكن الوصول إلى مقام المحمود الذي هو مقام النبي و الأئمة (ع) للخلص من الشيعة عبر سلوك طريق المحبة و الصدق في المحبة. إذن المقام المحمود و مقعد الصدق و … يشيرون إلى حقيقة واحدة و قد أريد في كل عبارة من هذه العبارات شأن خاص من هذه الحقيقة.

 


[1]  الكليني، الکافي، ج1، ص 422، دار الکتب الاسلامیة.

[2]  المجلسي، بحار الأنوار، ج 7، ص 209. مؤسسة الوفاء، بیروت.

[3]  النحل، 94.

[4] الشیخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص 776، مؤسسة فقه الشيعة، بیروت.

[5] الفجر، 27-30؛ «یا ايَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي و  ادْخُلِي جَنَّتِي، إِنَّمَا يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ و  أَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ»، بحار الأنوار، ج 24، ص 93.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279359 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256909 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112878 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88919 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59629 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56812 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49389 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47111 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...