بحث متقدم
الزيارة
7364
محدثة عن: 2008/09/02
خلاصة السؤال
کیف یمکن ان نثبت بواسطة القرآن وجود الامام ولی العصر (عج) و ظهوره؟
السؤال
کیف یمکن ان نثبت بواسطة القرآن وجود الامام ولی العصر (عج) و ظهوره؟
الجواب الإجمالي

فی البدایة یجب ان نعلم ان القرآن تحدث عادة بصورة عامة و ان التفاصیل وردت فی السنة و بالالتفات الی هذه الملاحظة، یمکننا الاستفادة من طائفین من الآیات القرآنیة فی اثبات وجود الامام المهدی (عج) و ظهوره:

1. الآیات التی تقرر ضرورة وجود الحجة الالهیة بین الناس، و منها ما خاطب الله سبحانه نبیه الاکرم (ص) بقوله: "انما انت منذر و لکل قوم هاد". فان هذه الآیة و الروایات المفسرّة لها تؤید و تؤکد علی‌ الوجود و الحضور الدائمی للقادة الالهیین بشکل عام فی المجتمعات البشریة.

2. الآیات التی تبشر بحکومة الصالحین و المستضعفین و المؤمنین علی‌ الکرة الأرضیة، فمثلاً ورد فی القرآن قوله تعالی: "و لقد کتبنا فی الزبور من بعد الذکر ان الارض یرثها عبادی الصالحون". و ورد فی موضع آخر من القرآن وعد الله لعباده الصالحین بانهم سیحکمون و ینشرون الأمن فی العالم و ان الدین سیظهر علی العالم کله.

و قد عینّت الروایات مصداق هذه الآیات و فسرّت بوجود و ظهور الأمام المهدی (عج).

الجواب التفصيلي

ان ظهور المنقذ الذی سیظهر یوماً و یملأ العالم قسطاً و عدلاً هو من الامور المتفق علیها من قبل جمیع الأدیان و الفرق الموجودة فی العالم. غایة الامر انهم اختلفوا فی تعیین المصداق و فی بعض الخصوصیات لذلک.

اما الشیعة فهم یعتقدون ان المنقذ و المصلح هو الامام المهدی (عج).[1]

و حیث ان القرآن یستند الی‌ امور فطریة و عقلیة فهو أفضل مستند لأی مطلب دینی و علمی و یجب ان نعلم فی البدایة ان القرآن عادة ما یتکلم بصورة عامة، فیجب الاستعانة فی شرحه و تفسیره بالخبراء و متخصصی العلوم القرآنیة؛ أی الأئمة المعصومین (ع). و بعبارة اخری، فان وظیفة و مسئوولیة الایضاح و بیان مقصود آیات القرآن القیت علی‌ عاتق الحجج الالهیة.[2]

و فی الجواب عن هذا السؤال نتعرّض لذکر نخبة من الآیات المرتبطة بالبحث فقط و قد نستعین ببعض الروایات عن المعصومین (ع) من أجل فهم أفضل للآیات.

و علی أی حال فیمکن الاستفادة من طائفین من الآیات القرآنیة فی اثبات وجود الامام المهدی (عج) و ظهوره:

ألف. الآیات التی تقرر ضرورة الحجة الالهیة بین الناس.

ب. الآیات التی تبشّر بحکومة الصالحین و المستضعفین و المؤمنین علی‌ الکرة الارضیة.

1. الآیات التی تقرر ضرورة وجود الحجة الالهیة علی الارض.

یقرر القرآن ان الارض لم تخل عن حجة الله علی ‌طول تاریخ حیاة البشر و ان الله اختار لکل امة شخصاً مناسباً لیقوم بارشاد الناس الی طریق الوصول الی الکمال المطلوب کما قال الله تعالی: "انما انت منذر و لکل قوم هاد".[3]

اذن فیوجد دوماً منذر و هادی فی المجتمعات الانسانیة مختار من قبل الله. قال الامام الصادق (ع) فی تفسیر الآیة المذکورة: "و فی کل زمان امام منا یهدیهم الی ما جاء به رسول الله (ص).[4]

و من مجموع هذه الآیة و الروایة یتبیّن جیداً ضرورة وجود الحجة الالهیة لمهمة الهدایة فی کل عصر.

و الدلیل الآخر علی ضرورة وجود الامام المعصوم فی المجتمع هو ان القرآن بحاجة الی مبین و مفسر و لا یوجد غیر الامام المعصوم شخص محیط بجمیع المعانی و الخصوصیات للآیات القرآنیة من المحکمات و المتشبهات، اذن فبحکم العقل القطعی یلزم وجود الامام المعصوم بعد الرسول.[5]

یقول الامام الرضا (ع) فی بیان لزوم وجود الامام المعصوم: "لولا الحجة لساخت الارض باهلها".[6]

ان الائمة المعصومین (ع) سبب لسکون الکون و أمان له و واسطة للفیض الالهی و ان البرکات و النعم الالهیة تصل الی الناس بواسطتهم و بیمن حضورهم، فاذا رفعت برکة وجودهم للحظة، لساخت الارض باهلها.[7]

اما ما هو مصداق هذا الامام المعصوم و ما هی هویّته، فقد وردت روایات کثیرة تبین ان هذا الفرد هو ابن الامام الحسن العسکری (ع) و... .[8]

2. الطائفة الثانیة، الآیات التی تبشر بحکومة الصالحین و المؤمنین علی وجه الارض.

یمکن الاستدلال بعشرات الآیات من القرآن الکریم فی موضوع ظهور الامام المهدی (عج)، و تترکز أغلب هذه الآیات علی بشارة العباد الصالحین و مستضعفین باسترجاع حقوقهم و الوصول الی السلطة و تشکیل حکومة عالمیة واحدة تقوم علی أساس الحق و العدل و غلبة الاسلام علی جمیع المذاهب و الادیان.

فمن جانب: یذکر القرآن الکریم ان هذه البشارة وردت فی بعض الکتب السماویة الاخری ایضاً: "و لقد کتبنا فی الزبور من بعد الذکر ان الارض یرثها عبادی الصالحون".[9]

و من جانب آخر یسند هذه البشارة الی ارادة الله: "و نرید ان نمن علی الذین استضعفوا فی الارض فنجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثین".[10]

و هذه الآیات بشارة فی الظهور حیث وردت فی تفسیرها روایات کثیرة تثبت ما ذهبنا الیه.

و فی آیة اخری یبیّن الله تعالی ان حکومة المؤمنین و الصالحین و خلافتهم هو وعد الهی لعباده المؤمنین و یبشرهم بالأمان و الاستقرار: " وَعَدَ اللَّهُ الَّذینَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَیُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دینَهُمُ الَّذِی ارْتَضى‏ لَهُمْ وَ لَیُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً یَعْبُدُونَنی‏ لا یُشْرِکُونَ بی‏ شَیْئاً ...".[11]

و قد طبقت الروایات الواردة عن المعصومین (ع) هذه الآیة علی‌ الامام الحجة ولی العصر (عج) و أصحابه.[12]

و انتظار الفرج و هو بحث طویل و مفصّل و یدل علی وجود و ظهور الامام المهدی (عج) و اشیر الیه فی القرآن و فی روایات الائمة الاطهار (ع): "و ارتقبوا انی معکم رقیب"،[13] ففی حدیث عن الامام الرضا (ع) فی تفسیر الآیة المذکورة اعتبر انتظار الفرج موجباً للانفراج و الامان.[14]

الخلاصة:

ما یستفاد من مجموع الآیات و الروایات المذکورة هو ان الحکمة و اللطف الالهی اقتضی علی طول تاریخ البشر، وجود قادة الهیین أنذروا الناس و بشروهم و أن الله جعل برکتهم دائمة علی الارض و ان الامام المهدی (عج) له مقام القیادة و الامامة فی هذا العصر لجمیع الناس و سوف یظهر فی یوم ما.[15]



 [1] للطلاع اکثر لاحظ موضوع: صاحب الزمان (عج) و الادیان، السؤال 1428.

[2] حدیث الثقلین، مستدرک الحاکم، ج 3، ص 148، طبع دار المعرفة بیروت.

[3] الرعد، 7.

[4] بحار الانوار، ج 23، ص 5.

[5] السیدة الاصفهانی، نصرت امین، مخزن العرفان فی تفسیر القرآن، ج 3، ص 39، توضیح الآیة 44، النحل.

[6] بحار الانوار، ج 23، ص 29، و وردت احادیث اخری ایضاً بهذا المضمون فی المصدر المذکور.

[7] فی بحار الانوار، ج 22، ص 56؛ نجد مقولة لزوم الوجود الدائمی للقائد السماوی.

[8] لاحظ: منتخب الاثر؛ النجم الثاقب؛ بحار الانوار، ج 23 و ...

[9] الانبیاء، 150.

[10] القصص، 5.

[11] النور ، 55.

[12] لاحظ: الامل الاخضر، ص 34، الفرزی، محمد علی.

[13] هود، 93.

[14] المیزان، 393 – 394.

[15] للاطلاع اکثر لاحظ: الموعود و الاجابة عن الشبهات، الرضوانی، علی اصغر، ص 287 – 298.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279423 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257182 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128121 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113196 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88980 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59799 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59523 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56845 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49699 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47149 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...