بحث متقدم
الزيارة
6734
محدثة عن: 2009/05/04
خلاصة السؤال
ما هی طبیعة العلاقة بین النفس و الروح و العقل، و الذهن، و الفطرة؟
السؤال
کیف یمکن لنا توضیح العلاقة بین النفس، و الروح، و العقل، و الذهن، و الفطرة؟ و أی واحدة من هذه تمثل وجودنا؟
الجواب الإجمالي

أحیانا یکون المراد من هذه المصطلحات شیئا واحدا، و کلها تشیر الى حقیقة واحدة و هی الحقیقة الإنسانیة؛ و أحیانا یکون المراد منها معانی مختلفة، فیکون کل واحد من هذه المصطلحات مشیرا الى مرتبة من مراتب النفس.

الجواب التفصيلي

أحیانا یکون المراد من هذه المصطلحات شیئا واحدا، و کلها تشیر الى حقیقة واحدة و هی حقیقة الإنسان؛ و کما یقول الفلاسفة ذلک الجوهر الذی یشار إلیه بلفظ "أنا" و أمثاله، و له العدید من الأسماء؛ مثل: النفس، النفس الناطقة، الروح، العقل، القوة العاقلة، القوة المدرکة، القلب، الورقاء، و أسماء أخرى. [1] و هذا الاستعمال صحیح من الناحیة الفلسفیة، لأن النفس فی وحدتها، تکون متصفة بالعینیة و الاتحاد مع کل القوى و المراتب؛ و حسب تعبیر الملا هادی السبزواری[2] و صدر المتألهین: النفس فی وحدتها کل القوی .[3]

و أحیانا یراد من هذه المصطلحات معان مختلفة و یشار بکل واحد منها إلى مرتبة و مقام من مقامات النفس؛ و توضیح ذلک أن العرفاء یعتقدون أن النفس لها مراتب و کل مرتبة لها أسم خاص بها، و من هنا یطلقون علیها اسم مدن العشق السبع، و أحیانا یعبرون عنها باللطائف السبع و هو ما جاء فی شعر العارف جامی متحدثا عن العطار النیشابوری:

لقد جال العطار فی مدن العشق السبع، و نحن ما نزال فی زقاقنا الضیق.

و تلک المراتب السبع هی: 1 الطبع . 2 النفس . 3 القلب . 4 الروح . 5 السر . 6 الخفی . 7 الأخفى .

مع توضیح أن العرفاء یطلقون اسم "الطبع" على النفس الإنسانیة الناطقة من جهة کونها مبدأ الحرکة و السکون، و یطلقون علیها اسم "النفس" باعتبار أنها مبدأ الإدراکات الجزئیة؛ و بلحاظ أنها مبدأ للإدراکات الکلیة التفصیلیة یسمونها "القلب"؛ و باعتبار أنها لها ملکة البساطة بحیث تخلق الإدراکات الکلیة التفصیلیة یسمونها "الروح"؛ و باعتبار فنائها فی العقل الفعال یسمونها "السر"؛ و باعتبار فنائها فی مقام الواحدیة یسمونها "الخفی"؛ و باعتبار فنائها فی مرتبة الأحدیة یسمونها "الأخفى".

و یرى الفلاسفة أیضا أن للنفس سبع مراتب هی: 1. العقل الهیولانی . 2 العقل بالملکة . 3 العقل بالفعل . 4 العقل المستفاد . 5 المحو . 6 الطمس . 7 المحق .

توضیح ذلک: یرى الفلاسفة أن النفس باعتبار قابلیتها على تحصیل الکمالات هی "العقل الهیولانی"؛ و من جهة أنها فی کل حین تحصل على سلسلة من المعقولات الأولیة و العلوم الأولیة و تتمکن بواسطتها من الحصول على المعقولات الثانیة و العلوم الاکتسابیة فهی "عقل بالملکة"؛ و من جهة أنها فی کل وقت تتمکن بواسطة اکتساب العلوم (سواء بالتفکیر أم بالحدس) من استنباط المعقولات الثانیة و العلوم المکتسبة فهی "العقل بالفعل"؛ و باعتبار أن حضور و حصول نفس تلک العلوم و العقول المکتسبة عند النفس إنما هو بالاستفادة من العقل الفعال فهی "العقل المستفاد". و "المحو" هو مقام التوحید الأفعالی. و "الطمس" هو مقام التوحید الصفاتی. و "المحق" هو مقام التوحید الذاتی.[4]

و قد أشیر فی بعض الروایات إلى هذا التقسیم.[5]

و بما أن مصطلح "الروح" قد استعمل فی الکتب الفلسفیة و العرفانیة استعمالات متعددة[6] ، فنحن نشیر هنا الى بعض تلک الاستعمالات:

1 – النفس الناطقة.

2 – النفس الحیوانیة.

3 – "العقل المجرد" و من هنا یسمى "العقل الأول" بـ "روح القدس".

4 – "مقام یوم جمع الإنسان" و هو فوق مقام القلب (یوم فصل الإنسان).

5 – مرتبة "العقل البسیط" و هو ملکة خلق تفاصیل المعقولات، و مقابله مرتبة "العقول التفصیلیة" (المعقولات المفصلة أو القلب).[7]

6 – "الشعاع الخارج من العین" وفقا لنظریة الریاضیین فی الإبصار.

7 – "الجسم اللطیف" أو "الروح البخاریة".[8]

طبعا فیما یتعلق بمصطلح الذهن ینبغی أن یقال: أحیانا یکون المراد منه نفس العقل أو القوة العاقلة، و أحیانا یکون المراد منه قوة الخیال أو المتخیلة، و أحیانا یراد منه القوة الحافظة.[9]

و کذا یقال فی مورد مصطلح الفطرة حیث إنها أحیانا یکون المراد منها نفس الروح و حقیقة الإنسان، و أحیانا یراد منها مجموع المعارف و المیول الکامنة فی الفرد.[10]

و کذا الحال فی النفس و الروح فأحیانا یراد من النفس الروح البخاریة، و یراد من الروح النفس الناطقة الإنسانیة.[11]



[1]  حسن زاده الآملی، حسن، معرفة النفس، الدفتر الاول، ص 84.

[2] النفس فی وحدتها کلّ القوى      و فعلها فی فعله قد انطوى.(الحکیم  السبزواری، منظومه، ج 5، ص 181 و182).

[3]فصل فی بیان أن النفس کل القوى بمعنى أن المدرک بجمیع الإدراکات المنسوبة إلى القوى الإنسانیة هی النفس الناطقة و هی أیضا المحرکة لجمیع التحریکات الصادرة عن القوى المحرکة الحیوانیة و النباتیة و الطبیعیة و هذا مطلب شریف و علیه براهین کثیرة بعضها من جهة الإدراک و بعضها من جهة التحریک و التی من جهة الإدراک نذکر منها ثلاثة البرهان الأول من ناحیة المعلوم... الأسفار، ج 8، ص 221.

[4]حسن زاده آملی، حسن، سرح العیون، 569؛ نامه ها بر نامه ها، ص121و 122.

[5][الخصال‏] الذِّکْرُ مَقْسُومٌ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ اللِّسَانِ وَ الرُّوحِ وَ النَّفْسِ وَ الْعَقْلِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ السِّرِّ وَ الْقَلْبِ وَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا یَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ فَاسْتِقَامَةُ اللِّسَانِ صِدْقُ الْإِقْرَارِ وَ اسْتِقَامَةُ الرُّوحِ صِدْقُ الِاسْتِغْفَارِ وَ اسْتِقَامَةُ الْقَلْبِ صِدْقُ الِاعْتِذَارِ وَ اسْتِقَامَةُ الْعَقْلِ صِدْقُ الِاعْتِبَارِ وَ اسْتِقَامَةُ الْمَعْرِفَةِ صِدْقُ الِافْتِخَارِ وَ اسْتِقَامَةُ السِّرِّ السُّرُورُ بِعَالَمِ الْأَسْرَارِ فَذِکْرُ اللِّسَانِ الْحَمْدُ وَ الثَّنَاءُ وَ ذِکْرُ النَّفْسِ الْجَهْدُ وَ الْعَنَاءُ وَ ذِکْرُ الرُّوحِ الْخَوْفُ وَ الرَّجَاءُ وَ ذِکْرُ الْقَلْبِ الصِّدْقُ وَ الصَّفَاءُ وَ ذِکْرُ الْعَقْلِ التَّعْظِیمُ وَ الْحَیَاءُ وَ ذِکْرُ الْمَعْرِفَةِ التَّسْلِیمُ وَ الرِّضَا وَ ذِکْرُ السِّرِّ عَلَى رُؤْیَةِ اللِّقَاءِ . بحارالأنوار، ج 90، ص 154.

[6]سرح العیون، ص 266.

[7] الظاهر اتحاد الاستعمال الرابع و الخامس.

[8] هزار و یک نکته(واحد و الف نکتُة)، ص 81 - 83.

[9] الخیال: ثانی القوى المدرکة الباطنیة التی یحفظ الصورة التی یدرکها الحس المشترک. و هذه القوة هی خزانة و مستودع الحس المشترک. و قوة الخیال بالإضافة إلى أنها خزانة الحس المشترک، فهی خزانة القوة المتصرفة أیضا. و أحیانا یطلق على قوة الخیال اسم "المصورة" و "المتخیلة".

الحافظة: قوة تحفظ "المعانی الجزئیة". و هی فی الحقیقة مستودع القوة الواهمة. و هذه القوة تسمى "الذاکرة" و "المسترجعة" أیضا.

ابن سینا، النفس من الشفا ، ص 235 و 239؛ الإشارات، ج 2، ص 341؛ ملا صدرا، الأسفار، ج 8، ص 215؛ السبزواری، أسرار الحکم، ص 308 و 309؛ حسن زاده آملی، سرح العیون، ص 392 .

[10]مصباح یزدی، آموزش عقاید، ص 44، چاپ هفتم، شرکت چاپ و نشر بین الملل، بی جا، 1381.

[11]ذکره الشیخ فی بعض رسائله بلغة الفرس بهذه العبارة روح بخارى را جان گویند و نفس ناطقه را روان. ملا صدرا، الأسفار الأربعة، ج 8، ص251.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279472 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257343 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113318 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89032 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59887 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59592 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56884 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49824 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47194 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...