بحث متقدم
الزيارة
5237
محدثة عن: 2010/04/20
خلاصة السؤال
هل أن الأحکام و القوانین السیاسیة – الإجتماعیة التی أسّسها الشارع فی صدر الإسلام أو أمضاها کانت بهدف تشریع قوانین خالدة؟
السؤال
یعتقد البعض أنه قبل ظهور الإسلام کانت توجد مجموعة من العلاقات الاسریة و الاجتماعیة کالقضاء و الحکومة و ... و قد بقیت کلّها أو قسم منها بعد ظهور الإسلام، و قد تدخّل الإسلام فیها فأصلح بعضها و هی التی وردت فی الکتاب و السنة و کان العمل جاریاً طبقها. و یعتقد صاحب هذه النظریة أن تدخّل الإسلام فی مثل هذه الموارد و العمل بها فی الصدر الأوّل لم یکن لأجل وضع القوانین، بل کان هدف نبی الإسلام(ص) من اصلاح مثل هذه الموارد و العمل بها؛ المحافظة علی الکرامة الإنسانیة و السلوک التوحیدی للناس فی ذلک العصر. و بناء علی هذا، فما ورد فی الکتاب و السنة فیما یتعلّق بالعلاقات الاسریة و الاجتماعیة من قبیل الحکومة و القضاء و ... و الموافقة علیها لم یکن الهدف منه وضع قوانین خالدة. و ما یبقی خالداً فی هذا المجال هو الأصول القیّمة التی یجب أن تتطابق مع رغبات أهل کل عصر، و تتغیّر بمرور الزمان. و یقول صاحب هذه النظریة :"... إن ما ورد فی الکتاب و السنة حول العلاقات الاسریة و العلاقات الاجتماعیة و الحکومة و القضاء و العقوبات و المعاملات و ما شابهها، من إمضاء لها من دون تصرّف أو امضاء مع اصلاح و تعدیل، فهو لیس من إبداعات الکتاب و السنة بهدف وضع قوانین أبدیّة للعلاقات الحقوقیة الاسریة أو العلاقات الحقوقیة للمجتمع أو لمسألة الحکومة و أمثال ذلک؛ إن الأسس و النتائج التی ذکرناها تقودنا الی هذا الموضوع الأساسی و هو أنه یلزم أن تکون هناک فی کل عصر قوانین و مؤسسات تختص بالعلاقات الحقوقیة للاسرة و المجتمع و الحکومة و شکلها، و القضاء و الحدود و الدیات و القصاص و المعاملات و أمثال ذلک و هی التی یجری العمل بها فی مجتمع المسلمین، و یدرس مدی انسجامها و عدم انسجامها مع إمکان السلوک التوحیدی للناس.
الجواب الإجمالي

لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی

الجواب التفصيلي

1- إن صاحب هذه النظریة یختصر الإسلام فی الأحکام العبادیة فقط، و یمکن أن یکون لهذا الرأی تبعات سلبیة کثیرة، مثل نفی الشمولیة و عدم الکمال و ... و قد بحثت قضیة الشمولیة و کمال الدین الإسلامی بشکل مفصل.[1]

2- لم یذکر صاحب النظریة أی دلیل نقلی من داخل الدین علی أن قوانین الإسلام مؤقتة و أن الأصول الأخلاقیة فقط هی الأبدیة، و لم یذکر أی دلیل علی أن الإنسان فی کل عصر یمکنه أن ینقض القوانین الإلهیة و لیس هناک دلیل علی ذلک، بل الدلیل علی عکسه أی أن الجمیع مأمورون بالأخذ بما یقوله نبی الإسلام(ص): "ما آتاکم الرسول فخذوه و ما نهاکم عنه فانتهوا و اتقوا الله إن الله شدید العقاب".[2]

یقول العلامة الطباطبائی فی تفسیر هذه الآیة المذکروة:

و الآیة مع الغضّ عن السیاق عامة نشمل کل ما آتاه النبی(ص) من حکم فأمر به أو نهی عنه (و لا ینحصر الأمر باعطاء أو عدم اعطاء سهم من الفیء"[3]

و قوله "و اتقوا الله إن الله شدید العقاب" تحذیر لهم عن مخالفة النبی(ص) تأکیداً لقوله "و ما آتاکم الرسول"[4] فکیف یمکن إهمال التأکید علی اتباع أوامر و نواهی النبی(ص) و اعتبار قوانین الإسلام مرحلیة و مختصة بذلک العصر، و وضع قوانین جدیدة فی کل عصر.

3- یعتقد صاحب هذه النظریة أنه یجب أن تتناسب قوانین الإسلام مع السلوک التوحیدی للناس فی کل عصر.[5] و حیث إن السلوک التوحیدی للبشر متغیّر فی کل عصر فیجب أن تتغیّر القوانین الإلهیة أیضاً. و یقال فی جوابه: من أین عرفتم أن القوانین الإسلامیة لا تتناسب مع السلوک التوحیدی للناس هل یمکننا بالعقل فقط أن نعرف أن بعض قوانین الإسلام لا تنسجم مع السلوک التوحیدی للناس و تبعاً لذلک فیجب تغییر قوانین الإسلام؟ إذا کان البشر یستطیع بعقله أن ینقض قوانین الإسلام فما هی الحاجة الی الدین إذن؟ لأن العقل الذی یمکنه نقض قوانین الإسلام الصریحة فإنه یمکنه أن یکون هادیاً للإنسان بدلاً من الدین، و حیث إن الأمر لیس کذلک بل العقل فی قبال الوحی الذی هو مصدر الدین، هو مثل تلمیذ الابتدائیة الذی هو بحاجة الی مساعد. و بناء علی ما تقدّم فإنه یمکننا أن نستنتج إنه بالرغم من کون الهدف النهائی للإسلام هو عبادة الله و الابتعاد عن الطاغوت،[6] و لکن یستفاد من نصوص الوحی أن للأنبیاء الإلهییّن أهدافاً مقدّمیة، زیادة علی الهدف النهائی، و لا یمکن الوصول الی الأهداف النهائیة من دون تحقیق الأهداف المقدمیة و من جملة الأهداف المقدمیة امور مثل العدالة الاجتماعیة و الحکومة و القضاء و المسائل المتفرعة عنها، و کل ذلک یهیّء الطریق للوصول الی التوحید الحقیقی و الاجتناب عن الطاغوت.

و بناء علی هذا فستکون القوانین المتعلقة بالعلاقات الاجتماعیة و الحکومة و القضاء و الحدود و ... غیر قابلة للنقض أبداً بتغیر الزمان و السلوک التوحیدی للناس.[7]



[1] یمکنکم مراجعة السؤال 17 (الموقع 217) و 386 (الموقع 399) حول هذا الموضوع.

[2] الحشر، 3.

[3] طباطبائی، محمد حسین، تفسیر المیزان، ج 19، ص 204 و 205، طهران، دارالکتب الاسلامیة، الطبعة الثالثة، 1397هـ ق.

[4] لاحظ: نفس المصدر، 205.

[5] لاحظ: مجتهد الشبستری، محمد، ، ایمان و آزادی (الایمان و الحریة)، ص 87.

[6] النحل، 36، "لقد بعثنا فی کل امة رسولاً أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت".

[7] لاحظ: هادوی الطهرانی، ولایة الفقیة، ص 30.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279471 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257336 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113313 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89028 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59880 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59591 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56883 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47192 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...