بحث متقدم
الزيارة
5136
محدثة عن: 2011/09/20
خلاصة السؤال
ما المراد من الخنّاس المذکور فی سورة الناس؟
السؤال
حالة النداء الخفی فی صدری و الوسوسة فی قلبی تؤرقنی کثیراً حیث تدعونی فی کثیر من الاحیان الى اقتراف الذنوب و تزین لی الکثیر من الصور القبیحة حتى فی اثناء العمل، و عندما تعرض لی تلک الحالة اتوسل بقراء سورة الناس فارتاح قلیلا ما، و لکن الحالة لاتنفک عنی حیث تعود لی مرة اخرى و حینئذ اشعر بالاختناق الشدید و ضیق النفس و ارتفاع درجة الحرارة وشدة النفس من شدّة الضغط الذی اتعرض له، و هنا أسال: هل هذه الحالة هی الخنّاس الذی تحدث عنه الباری تعالى فی قوله تعالى "الذی یوسوس فی صدور الناس"؟ و ما السبیل للتغلب علیه و شهد الله أنی لا احب المعصیة.
الجواب الإجمالي

قوله سبحانه: "مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ" أی أعوذ باللّه من شرّ الموسوس ذی الصفة الشیطانیة الذی یهرب و یختفی من ذکر اسم اللّه الشیاطین یمزجون أعمالهم دائما بالتستر. و یرمون بالقاءاتهم فی الإنسان بطریقة خفیة حتى یخال الإنسان أن هذه الإلقاءات من بنات أفکاره، و هذا ما یؤدی إلی ضلاله و غوایته.

«الخنّاس» صیغة مبالغة من الخنوس و هو التراجع، لأنّ الشیاطین تتراجع عند ذکر اسم اللّه و الخنوس له معنى الاختفاء أیضا، لأن التراجع یعقبه الاختفاء عادة.

واما سبل التغلب علیه فتکمن فی تعزیر الحالة الایمانیة و تقویة العلاقة مع الله تعالى فمن کان مع الله کان الله معه و الحذر من الغفلة فی الوقوع فی شراکه و حبائله خاصة اذا عرفنا أن کید الشیطان لیس بهذه القوة التی نتصورها بل و کما صرح القرآن "إِنَّ کَیْدَ الشَّیْطانِ کانَ ضَعِیفاً".فاذا شعر الانسان المؤمن بانه مستند الى القدرة الالهیة من جهة و ان کید الشیطان ضعیف فحینئذ یشعر بالارتیاح و تقوى العزیمة فی نفسه على التغلب على تلک الوساوس و الحیل " کَلَّا إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ‏".

الجواب التفصيلي

جاء فی سورة الناس قوله تعالى" مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاس" [1] حیث حذر الباری تعالى من شر وساوسه فما المراد من الخناس؟

«الخنّاس» صیغة مبالغة من الخنوس و هو التراجع، لأنّ الشیاطین تتراجع عند ذکر اسم اللّه و الخنوس له معنى الاختفاء أیضا، لأن التراجع یعقبه الاختفاء عادة. [2]

فقوله سبحانه: "مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ" أی أعوذ باللّه من شرّ الموسوس ذی الصفة الشیطانیة الذی یهرب و یختفی من ذکر اسم اللّه الشیاطین یمزجون أعمالهم دائما بالتستر. و یرمون بالقاءاتهم فی الإنسان بطریقة خفیة حتى یخال الإنسان أن هذه الإلقاءات من بنات أفکاره، و هذا ما یؤدی إلی ضلاله و غوایته. [3]

الخلاصة: کما ان الشیاطین تتصف بالخفاء و التستر کذلک وساوسهم هی الاخرى تتصف بذلک، و هذا تحذیر لطلاب طریق الحق و السائرین على الصراط القویم أن یحذورا الشیاطین و لا یظنوا یوما ما بان الشیطان یغیر برنامجة و یتخلى عن وساوسه کذلک لا یظنوا انهم یلتقون بالشیطان یوما ما وجها لوجه لیحذورا منه کذلک نجد فی الآیة تحذیراً للانسان المؤمن أن لا یظن یوما بان الشیطان سوف یصور له قبائج الامور بصورتها المذمومة و انما مهمة الشیطان و کما أشارت الى ذلک آیات أخرى التزیین و التبریر، هذا هو الوسواس الخناس الذی تتمثل مهمته فی الکذب، التحایل، الخدیعة، الریاء، التزیین و اخفاء الحق، فالمراد من الخناس الوساوس الخفیة للشیاطین.

اذا عرفنا ذلک لابد من تعزیر الحالة الایمانیة و تقویة العلاقة مع الله تعالى فمن کان مع الله کان الله معه، و ان من جاهد فی سبیل الله سینیر الله بصیرته "و الذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا" و الحذر من الغفلة فی الوقوع فی شراکه و حبائله. و الذی یظهر انکم و لله الحمد تعیشون حالة ایمانیة عالیة جعلتکم تتغلبون على هذه الحالة و هذه نقطة قوة لابد من الاحتفاظ بها خاصة اذا عرفنا أن کید الشیطان لیس بهذه القوة التی نتصورها بل و کما صرح القرآن "إِنَّ کَیْدَ الشَّیْطانِ کانَ ضَعِیفاً". [4] فاذا شعر الانسان المؤمن بانه مستند الى القدرة الالهیة من جهة و ان کید الشیطان ضعیف فحینئذ یشعر بالارتیاح و تقوى العزیمة فی نفسه على التغلب على تلک الوساوس و الحیل "   کَلَّا إِنَّ مَعِی رَبِّی سَیَهْدِینِ‏". [5]

لمزید الاطلاع على مواضیع النجاة من وساوس الشیطان و الابتعاد عن الذنوب انظر:

1 . «التصدی للوسوسه »؛ سؤال 6011 (الموقع: 6444)؛

2 . «دفع الافکار و الخواطر الشریرة»؛ سؤال 5714 (الموقع: 5976)؛

3 . «التخلص من الافکار و التخیلات الشهوانیة»؛ سؤال 6819 (الموقع: 6906).

لینک موقع الاستفتاءات (کد 1104).



[1] . الناس، 4.

[2] مکارم الشیرازی، ناصر،   الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج‏20، ص: 580، مدرسة الامام علی بن ابی طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.

[3] نفس المصدر، ص580-581.

[4] النساء، 76.

[5] الشعراء، 62.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279466 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257326 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128192 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113308 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89023 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59877 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59589 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56879 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49819 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47189 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...