Please Wait
8717
قد یبدو للوهلة الاولى ترادف تلک المفردات و دلالتها على الخوف و الوحشة و... الا ان التأمل فی المصادر اللغویة و التفسیریة، یکشف لنا بجلاء الفارق الدقیق بینها. و المتحصل من مجموع الکلمات ان مفردة الخوف الرهبة و الفزع و الروع تلتقی فی اعطاء معنى الخوف بمرتبة من المراتب، و أما کلمات الحذر و الخشیة و الوجل و الشفق فلا ترادف الخوف و لا تدل على مرتبة من مراتبه، لکنها تلتقی معه التقاء ما.
قد یظهر ترادف تلک المفردات و دلالتها على الخوف و الوحشة و... الا ان التأمل فی المصادر اللغویة و التفسیریة، یکشف لنا بجلاء الفارق الدقیق بینها، و سنحاول هنا الاشارة الى هذه الفروق على نحو الاجمال:
1. انّ الخوف توقّع الضرر المشکوک فی وقوعه، و من یتیقّن الضرر لم یکن خائفا له، و کذا کل الرجاء لا یکون الّا مع الشک. و هو غمّ یلحق لتوقّع المکروه.[1]
2. الحذر، یعنی احتراز من مخیف.[2] و عند المراجعة الى مواطن استعمال المفردة نجدها لا تدل على الخوف، بل بمعنى التحرز و الاحتیاط من الخطر؛[3] کقوله تعالى " یَحْسَبُونَ کُلَّ صَیْحَةٍ عَلَیْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُم".[4] نعم، یظهر من مفردتی الخوف و الحذر انهما یلتقیان فی معنى التحرز و الابتعاد عن الأمر الذی یخشاه الانسان.
3. الرهب، و الفرق بینها و بین الخوف أنّ الرهبة طول الخوف و استمراره، و ثمّ قیل للراهب راهب، لأنّه یدیم الخوف.[5]
4. اما الفرق بین الفزع و الخوف، فانّ الفزع مفاجأة الخوف عند هجوم أمر و هو انزعاج القلب بتوقّع مکروه عاجل.[6] و بعبارة أخرى: الفَزَعُ: انقباض و نفار یعتری الإنسان من الشیء المخیف.[7]
5. الخشیة، و هی: المراقبة و الوقایة مع الخوف، بأن یراقب أعماله و یتّقى نفسه مع الخوف و الملاحظة[8]. و بعبارة أخرى: الخشیة خوف یشوبه تعظیم، و أکثر ما یکون ذلک عن علم بما یخشى منه. و لذلک خصّ العلماء به.[9] و یقابل هذا المعنى: الإهمال و التغافل و عدم المبالاة و ترک الاهتمام و الملاحظة و عدم صیانة النفس من الخلاف.[10]
6. الوَجَل: استشعار الخوف.[11] و بعبارة أخرى: هو انزعاج و قلق فی الباطن، أى حصول حالة تحرّک و اضطراب فی القلب یوجب سلب الطمأنینة فی النفس و انخفاضها.[12] و ان کان الوجل لا یعنی الخوف الا ان مفهوم الخوف یشابه الوجل فی أنه أیضا یوجب قلقا و اضطرابا، فیکون استعمال الوجل فی مورد الخوف استعارة.[13]
7. الرَوع، هو الرعب الخفیف المطلق یستولى على القلب سواء کان من فزع أو إعجاب فی کمال و جمال.[14]
8. الشَّفَقُ: اختلاط ضوء النّهار بسواد اللّیل عند غروب الشمس. قال تعالى: "فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ" [الانشقاق/ 16]، و الْإِشْفَاقُ: عنایة مختلطة بخوف، لأنّ الْمُشْفِقَ یحبّ المشفق علیه و یخاف ما یلحقه.[15] و الشَّفَق: الخِیفة، فإذا عدّی (بمن) فمعنى الخوف فیه أظهر، و إذا عدّی ب (فی) فمعنى العنایة فیه أظهر.[16]
و ذهب بعض الاعلام الى القول بان الشف لا یرادف الخوف و إنما هو أمر جامع بین الرخوة و الدقّة و الضعف فی مقابل الشدّة و الغلظة و القوّة، مادّیّا کان أو معنویّا.[17]
تحصل ان کلمات الخوف الرهبة و الفزع و الروع تلتقی فی اعطاء معنى الخوف بمرتبة من المراتب، و أما کلمات الحذر و الخشیة و الوجل و الشفق فلا ترادف الخوف و لا تدل على مرتبة من مراتبه، لکنها تلتقی معه التقاء ما.
[1] مصطفوی، حسن، التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 144و 145، بنگاه ترجمه و نشر کتاب، طهران، 1360ش؛ الراغب الاصفهانی، حسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن، تحقیق: داودى، صفوان عدنان، ص 303، دارالعلم، الدار الشامیة، دمشق، بیروت، الطعبة الاولى، 1412ق.
[2] المفردات فی غریب القرآن، ص 223؛ الفیومی، أحمد بن محمد المقری، المصباح المنیر فی غریب الشرح الکبیر للرافعی، ج 2، ص 126، منشورات دار الرضی، قم، الطبعة الاولى، بلا تاریخ.
[3] القرشی، سید علی اکبر، قاموس قرآن، ج 2، ص 113، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة السادسة، 1371ش.
[4] المنافقون، 4.
[5] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 145.
[6] نفس المصدر.
[7] المفردات فی غریب القرآن، ص 635.
[8] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 64.
[9] المفردات فی غریب القرآن، ص 283.
[10] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 64.
[11] المفردات فی غریب القرآن، ص 855.
[12] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 13، ص 42.
[13] نفس المصدر، ص44.
[14] نفس المصدر، ج 4، ص 280؛ و انظر: الفراهیدی، خلیل بن احمد، کتاب العین، ج 2، ص 242، انتشارات هجرت، قم، الطبعة الثانیة، 1410ق؛ الطریحی، فخر الدین، مجمع البحرین، ج 4، ص 340 و 341، مکتبة مرتضوی، طهران، الطبعة الثالثة، 1375ش.
[15] مجمع البحرین، ج 5، ص 192؛ المفردات فی غریب القرآن، ص 458.
[16] انظر: : ابن منظور، محمد بن مکرم، لسان العرب، ج 10، ص 180، دار صادر، بیروت، الطبعة الثالثة، 1414ق؛ المفردات فی غریب القرآن، ص 458.
[17] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 6، ص 86.