بحث متقدم
الزيارة
9867
محدثة عن: 2007/10/15
خلاصة السؤال
فی أی وقت جمعت سور القرآن و آیاته و دونت بشکل فعلی؟
السؤال
من المسائل المسلّمة فی صدر الإسلام أن الآیات التی کانت تنزل على الرسول (ص) تکتب من قبل جماعة یطلق علیهم اسم کتّاب الوحی، و لکن السؤال هو فی أی وقت جمعت سور القرآن و آیاته و دونت بشکل کلی؟ هذه المجموعة من السور التی أطلق علیها اسم (القرآن) و الموجودة فی متناول أیدینا، فی أی زمان وجدت؟
الجواب الإجمالي

توجد ثلاثة آراء بخصوص جمع القرآن:

أ- إن القرآن جمع على عهد رسول الله (ص) و بإشرافه و رعایته و فی ظل الهدایة الإلهیة، مع أن الرسول (ص) لم یکتب القرآن شخصیاً، و لم یجمع آیاته.[1]

ب- إن القرآن الموجود قد تم جمعه و تدوینه بعد رحلة النبی (ص) من قبل الإمام علی (ع)، و ذلک فی الوقت الذی کان فیه الإمام (ع) جلیس بیته.[2]

ج- إن القرآن جمع و دوّن بعد رحلة الرسول (ص) من قبل بعض الصحابة غیر الإمام علی (ع).[3]

یعتقد الکثیر من علماء الشیعة - و خصوصاً المتأخرین منهم - أن القرآن الکریم تم جمعه و تدوینه فی زمن رسول الله (ص) و فی ظل إشرافه و رعایته.[4]

و بعض الشیعة یتبنى القول الثانی، حیث اعتبر الإمام علیا (ع) هو الذی أدار هذا العمل و قام بإنجازه.[5]

و لکن الکثیر من أهل السنة اختار القول الثالث، و تبعهم المستشرقون على ذلک، حیث أخذوا بهذا الرأی أیضاً، و أضافوا: إن القرآن الذی جمعه علی (ع) لم یکن مورد اعتناء الصحابة و اهتمامهم.

و الواضح من الرأی الأوّل و الثانی إن جمع القرآن یستند إلى الله سبحانه، و إن مواضع السور و ترتیبها بهذا الشکل وضعت تحت رعایة الوحی الإلهی و فی أجوائه، لأن ما یتکلم به الرسول (ص)، و ما یأمر به بالنسبة لأمور الدین و ما یتعلق به، إنما یکون بتوجیه من الله سبحانه طبقاً للآیة الشریفة فی قوله تعالى: «وَ مَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْیٌ یُوحَى».[6]

و کذلک الأئمة المعصومون (ع)، فهم و إن لم یکونوا أنبیاء و لکنهم الاستمرار لمسیرة النبوة و حمل الرسالة و لهم منصب العصمة الإلهی، و من أصحاب العلم اللدنی.

و أما الذین یتبنون الرأی الثالث، فإنهم لیسوا عاجزین عن إثبات کون الأمرین الهیین و حسب - وجود السور و ترتیبها - و إنما هم فی واقع الأمر ینفون ذلک، کما أنهم یرون أن ذوق الصحابة و مزاجهم الشخصی له مدخلیة فی هذه القضیة.

و هنا نرى من الضروری الإشارة إلى بعض النقاط:

1- یقول العلامة الطباطبائی فی تفسیر الآیة الشریفة فی قوله تعالى: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»[7]: إن الخصوصیات التی ذکرت للقرآن الکریم کالفصاحة و البلاغة، و عدم وجود الاختلاف، و العجز عن الإتیان بمثله، جمیع هذه الممیزات موجودة فی القرآن المتداول بین أیدینا، و علیه فإن هذا القرآن الموجود بین أیدینا هو نفس القرآن الذی کان موجوداً على عهد رسول الله (ص).[8]

و هذا الکلام و إن کان ینفی التحریف عن القرآن الکریم، و لکنه لا یثبت أن هذه المجموعة رتبت و نظمت بأمر من الوحی و التوجیه الإلهی، کما هو ترتیب الآیات التی تشکل السورة الواحدة و ترتیب السور التی تشکل القرآن، کما هی علیه فی عهد رسول الله (ص).

2- إذا تمکن أحد أن یضیف الإعجاز العددی لأنواع الإعجاز المذکورة بالنسبة للقرآن الکریم، و ذلک الإعجاز بخصوص مورد المفردات و التراکیب القرآنیة فی البناء الداخلی للسور أو ترتیبها مع بعضها - بمعنى إیجاد علاقات عددیة خاصة بین آیات السورة و نفس السورة، بحیث تکون خارج نطاق قدرة البشر - فإنه یتمکن من إثبات کون الترتیب داخل السور و فیما بینها من قبل الوحی، و لکن على کل حال سوف یبقى إثبات کون ترتیب جمیع الآیات فی السورة الواحدة أمراً وحیاناً غیر ممکن.[9]

مصدر للمطالعة:

هادوی الطهرانی، مهدی، الأسس الکلامیة للاجتهاد.



[1] انظر: السید عبد الوهاب الطالقانی، علوم القرآن، ص83.

[2] انظر: السید محمد رضا الجلالی النائینی، تاریخ جمع القرآن الکریم، ص87.

[3] هذا الرأی تبناه الأکثریة من أهل السنة. المصدر السابق، ص19-51.

[4] انظر: السید عبد الوهاب الطالقانی، علوم القرآن، ص83؛ السید علی المیلانی التحقیق فی نفی التحریف عن القرآن الشریف، ص41-42 و ص46؛ محمد هادی معرفة، صیانة القرآن من التحریف، ص34.

[5] انظر: السید محمد رضا الجلالی النائینی، تاریخ جمع القرآن الکریم، ص80.

[6] «وَ مَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْیٌ یُوحَى»

[7] «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ». (الحجر: 9).

[8] انظر: العلامة الطباطبائی، المیزان، ج2، ص104 و 106 و 138.

[9] هادوی الطهرانی، مهدی، الأسس الکلامیة للاجتهاد، ص54-55، المؤسسة الثقافیة، بیت العقل، قم، الطبعة الأولى، 1377.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما الحاجة الى الدعاء مع وجود القرآن الکریم؟
    5877 التفسیر 2011/05/21
    یوجد فی السؤال نوع إبهام فلم یعلم المراد منه، فهل المراد:- ما الحاجة الى الدعاء مع وجود القرآن الکریم؟- أو المراد: مع وجود الادعیة القرآنیة هل تبقى الحاجة ماسة الى الادعیة الواردة عن المعصومین؟من هنا ...
  • هل یوجد إشکال فی تسدید الدین وقت الغروب؟
    5162 الحقوق والاحکام 2009/08/08
    الدَّیْن هو مالٌ کلی ثابت فی ذمة شخصٍ لشخصٍ آخر، و سببه إما الاقتراض أو أمور اختیاریة أخرى کعقد معاملة بیع على وجه السلم، أو بقاء الثمن فی النسیئة أو أجرة فی عقد إیجار أو صداق النکاح أو عوض فی طلاق الخلع و غیره، أو یکون سبب الدین أمور قهریة ...
  • لو تتفضلوا بإعطاء طريق حل في سبيل التجنب عن الضحك الكثير خاصة في محرم و صفر.
    8684 العملیة 2012/07/01
    البكاء و الضحك نوعان من الأحاسيس و المشاعر القلبية في وجود الإنسان و كلاهما من علائم سلامة الإنسان و صحته و تعادل مزاجه. و على الإنسان أن يدرّب و يطوّر نفسه و يتعلم آداب الضحك و إظهار السرور حتى يدخل ضحكه و سروره في ضمن فضائله الأخلاقية ...
  • هل فاتت رسول الله (ص) الصلاة فصلاها قضاءً؟
    6776 الکلام القدیم 2008/07/29
    هذه المسألة من مسائل البحث الفقهی و لها علاقة بالمباحث الکلامیة کما وردت فیها روایات أیضاً، و لیس للفقهاء اتفاقٌ فی هذه المسألة، فقد یرى جمع من العلماء أن مثل هذه الروایات مرفوضة و لا یمکن قبولها لتعارضها مع الأدلة الأخرى و تنافیها مع العصمة، و یرى عدد آخر من ...
  • هل كان الشهيد حمزة عم النبي (ص) متزوجاً؟ و من هم ذريته؟
    24142 تاريخ بزرگان 2012/06/14
    المعروف تأريخياً و حديثياً أن حمزة عم النبي الاكرم (ص) كان متزوجاً و له ثلاث نساء و ذرية ، الا انه لم يعقب لوفاة ابنائه في حياة أبيهم. و يمكن توجيه كلام النبي الاكرم (ص) "لكن حمزة لا بواكي له" بأن الاصوات كانت تتعالى من ...
  • ما هی طبیعة الموقف الاسلامی من علم الجینات و العلاج الجینی؟
    5668 الحقوق والاحکام 2011/04/17
    کما تعلمون ان هذه القضیة یمکن النظر الیها من زوایا مختلفة، و یمکن دراستها من خلال نوع التحولات و التغیرات الجینیة التی تحصل عن طریق هذا العلاج؛ و ذلک:1. هناک معالجات تحصل قبل ولادة الانسان و بعضها الآخر یحصل بعد الولادة.
  • أرجو ذکر دعاء یختص بالحصول على زوجة صالحة و مناسبة.
    12286 العملیة 2008/06/23
    إن الله سبحانه قد جعل لکل شیء سببا او اسبابا، و للوصول إلى هذه الأشیاء یجب العمل عن طریق أسبابها. و ان الطریق المناسب للعثور على زوجة مناسبة هی البحث و الاستقصاء الدقیق. و بالتأکید یجب علینا أن نطلب العون من الله سبحانه فی نفس الوقت لکی یهدینا إلى المعرفة ...
  • ما الفائدة من الدعاء لبسط الرزق و الحال أن الارزاق مقدرة؟
    11718 الاخلاق 2010/07/17
    صحیح أنا لا نحصر الرزق الالهی فی الثروة و سائر النعم الدنیویة، لکن مع ذلک نعتقد أن الله تعالى قدر، أولا: التفاوت فی رزق الافراد لیکون ذلک وسیلة للاختبار و الامتحان، و ثانیاً: لیتحرک الناس ضمن خطة و برنامج یضعونهما لادارة شؤون حیاتهم بما ینسابها؛ و بطبیعة ...
  • ألا يعتبر الطلاق انتهاكاً لحقوق الإنسان؟
    3210 طلاق 2021/08/23
    الطلاق حق من حقوق الإنسان. لأن في الطلاق، لا يفقد أحد حقه. الطلاق هو أحد الحلول التی قدمته جميع الأديان والمدارس للزوجين اللذين لا يستطيعان لأي سبب من الأسباب ان یستمران في العيش معًا کی ینفصلا عن بعضهما، لعلهما یحققا حياة أفضل ومزيدا من النجاح من خلال زواج ...
  • عثرت على مقدار من المال فکتبت قطعة فی المحلة دونت فیها رقم هاتفی و ارسلت رسالة على العنوان الموجود مع المال و لکن لم یأتنی الرد، فهل یحق لی التصرف فیها؟
    5490 الحقوق والاحکام 2011/11/06
    مکتب آیة الله العظمى السید الخامنئی (مد ظله العالی):إذا یئست من العثور على صاحب المال فی الفرض المذکور و کان المال اکثر من 6/12 حبة من الفضة فیجوز على الاحوط وجوبا التصدق به عن صاحبه.مکتب آیة الله السید السیستانی (مد ظله العالی):یجب التعریف ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281969 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    263659 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130887 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120106 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90821 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62538 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62510 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58229 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54125 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50575 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...