بحث متقدم
الزيارة
5958
محدثة عن: 2008/03/16
خلاصة السؤال
هل لا یوجد إشکال على ما یضیفه القرّاء الى قصائدهم فی کل عام؟
السؤال
ما هو مصدر القصائد التی یقرؤها القرّاء؟ و هل هی صحیحة؟ و هل لا یوجد إشکال على ما یضیفه کل قارئ على قصائده فی کل عام؟
الجواب الإجمالي

إن واقعة عاشوراء و تاریخ کربلاء لها جنبتان: جنبة بیضاء ناصعة و نورانیة تمثل الجانب الملحمی البطولی و الذی یکون مدعاة للإفتخار، و جنبة سوداء قاتمة، تتمثل بالجرائم التی لم یکن لها نظیر او قلّ نظیرها فی تاریخ البشریة، و لذلک یجب علینا ان لا نتصور ان الحوادث و المصائب التی حصلت فی فاجعة کربلاء لیست واقعیة أو غیر ممکنة.

إن الأمور التی یضیفها القرّاء الى قصائدهم تکون على نوعین: القسم الأول: هو ما یطلق علیها إصطلاحاً عند القرّاء بـ (لسان الحال) و المقصود فیه هو التشبیه و التمثیل المتناسب مع بیان الوقائع و المصائب التی لها سند معتبر، و هذا النوع من الإضافات لا إشکال فیه إذا کان لا یتنافى مع شأن و منزلة الأئمة الاطهار و عظماء الدین، أما القسم الثانی: منها فهی مختلقة و غیر واقعیةـ و هی التی لیس لها سند معتبر و لا تتناسب مع منزلة الأئمة الأطهار (ع) و یوجد إشکال على هکذا نوع من الاضافات، و یجب منعها و الحد منها.

الجواب التفصيلي

لغرض توضیح الإجابة نذکر عدة ملاحظات:

1. ان لواقعة عاشوراء و تاریخ کربلاء وجهان: وجه أبیض نورانی و ملحمی و مدعاة للإفتخار و یمثل التجلی الکامل للحقیقة و الإنسانیة، و الوجه الآخر هو الوجه الأسود المظلم، الذی لا یرى فیه إلا الجرائم التی لم یکن لها نظیر أو قلّ نظیرها فی تاریخ البشریة.

و ان واقعة کربلاء من الناحیة الثانیة عبارة عن مأساة و جریمة کبرى و مصیبة و رزیة عظیمة، و عندما ننظر الى هذا الوجه نرى فیه، قتل الأبریاء، قتل الغلمان، قتل الرضع، وطئ الأجساد بحوافر الخیل، منع العطاشى من شرب الماء، ضرب النساء و الأطفال بالسیاط، حمل الأسارى على الإبل بغیر محمل، و...[1] و على هذا الأساس یجب أن لا نتصور ان المصائب و الحوادث التی حصلت فی کربلاء غیر واقعیة و غیر ممکنة.

2. إن الأمور التی یضیفها القرّاء الى قصائدهم الحسینیة تکون على نوعین: القسم الأول؛ منها هو ما یطلق علیه عند القرّاء اصطلاحاً بـ (لسان الحال)، و هو یعنی الإستفادة من التشبیهات و التمثیلات المناسبة فی بیان و توضیح الحوادث و المصائب التی جرت على أهل البیت (ع). هذا النوع من الاضافات لا إشکال فیه و لا مانع منه، إذا کان أصل الحدث ذا سند معتبر، و کانت التشبیهات و التمثیلات لا تتنافى مع شأن و منزلة الأئمة الأطهار (ع) و عظماء الدین. أما القسم الثانی؛ منها فهی مختلقة و غیر واقعیة ـ و هی التی لا یکون لها سند معتبر و لا تتناسب مع شأن و منزلة الأئمة الأطهار (ع)ـ و یوجد إشکال فی هذا النوع فیجب منعها و الحد منها.

3. الدوافع للأشخاص الذین یضیفون هکذا إضافات:

إن الدوافع لمثل هذه الإضافات تکون مختلفة من شخص لآخر: إن البعض و بدافع العاطفة و بنوایا حسنة، یقولون حسب الروایات فإن البکاء و إبکاء الآخرین على الإمام الحسین (ع) هو عمل حسن جداً، و تکتب لکل دمعة تجری لأجل الإمام الحسین (ع) حسنات کثیرة، و لذلک نبذل قصارى جهدنا لنبکی و نُبکی الآخرین لأجل مصیبة الإمام الحسین (ع) و لهذا السبب فلا داعی ان ندقق فی مصادر و اسناد الروایات.

و على هذا الأساس وقع بعض کبار المؤرخین فی هذا الخطأ الکبیر،[2] حیث إنهم لم یدققوا و یتقصوا الحقائق بالشکل اللازم فی کتبهم، و قد تبعهم فی هذا المجال الکثیر من المتدینین عن طریق اقامة مجالس تعزیة تطرح فیها روایات و مسائل زائفة و مختلفة، حیث کانوا یظنون ان هذا یؤدی الى توسیع و ترسیخ هذا الهدف المقدس.

کذلک ان البعض الآخر و بسبب وجود المیل الى خلق الأساطیر فی أعماقه، یبادر الى المبالغة الغیر معقولة، و مهما تکن دوافعه لهذا الأمر فهو یغفل عما قد یتسببه من إنحراف فی الرسالة الأصلیة للإمام الحسین (ع) فی ثورة عاشوراء، و من تضعیف للمذهب و الدین. و بالطبع فلا یجب ان نغض النظر عن دور الأعداء و المغرضین على مر التاریخ فی السعی لتضعیف مذهب أهل البیت (ع).[3]

4. المسؤولیة الملقاة على عاتقنا تجاه هذه الإنحرافات:

إن مواجهة و محاربة التحریف هو واجب شرعی عام على کل الافراد على حد سواء من أی جهة أو مجموعة کانوا، و یجب أن یهتموا بهذا الأمر و على الخصوص النخبة و الطبقة المثقفة من الناس. و فی هذا المجال روی عن الرسول الأکرم (ص) انه قال: "إذا ظهرت البدع فی أمتی فلیظهر العالم علمه و إلا فعلیه لعنة الله".[4] و هذا لا یعنی ان عامة الناس لا تترتب علیهم مسؤولیة قبال هذا الأمر، حیث إن هنالک کثیراً من المسائل لا تحتاج الى الثقافة و التعلیم لتشخیص صحتها أو بطلانها، و یستطیع الجمیع عن طریق الفطرة و العقل السلیم ان یشخص صحتها من سقمها، و فی بعض الأحیان تسرد بعض القصص یحکم الجمیع بعدم صحتها. و للرد على هذا الإستدلال الذی یقول بانه إذا کان الهدف مقدس فیمکن تبریر الوسیلة، فیجب القول ان هکذا نوع من الإستدلال هو مضلل للبسطاء من الناس و لا یوجد له مجال فی العقل و لا فی النصوص الدینیة.[5]

کیف یمکننا ان نصدق انه من الممکن و لإحیاء ذکرى شهادة الإمام الحسین (ع) الذی ضحى و استشهد للحفاظ على قیم و مقدسات الدین، ان لا ترعى فی مجالس عزائه القیم الدینیة، و تلقى فیها قصائد تعبر عن احداث غیر واقعیّة و کاذبة، او اتخاذ العزاء عذراً لترک الصلاة الواجبة[6]، او تنطلق مجامیع لا تراعى فیها العفة و الأخلاق العامة.[7]



[1] . المطهری، مرتضى، المجموعة الکاملة لتراث الاستاذ المطهری، ج 17، القسم الأول، الفصل الاول، الملحمة الحسینیة.

[2] .الکتب: روضة الشهداء لمحمد حسین الکاشفی، و أسرار الشهادة للملا آغا الدربندی أمثلة واضحة على هکذا نوع من التفکیر.

  [3] المجموعة الکاملة لتراث الاستاذ المطهری،ج 17، عوامل التحریف.

 أیة الله فاضل لنکرانی حول التعازی و القصائد التی تقرأ بخصوص زواج القاسم فی کربلاء، حیث یقول: الذی قیل أو یقال بشأن زواج القاسم لیس صحیحاَ و لا یوجد أیّ ذکر لهذه القضیة فی الکتب المعتبرة أضافة الى أنه لم یکن قد بلغ سن الزواج، و قد ذکرت فی کتاب منتخب الطریحی أمور تخص مسألة الزواج، و لکن حسب الظاهر أن هناک بعض المغرضین أو الجهال قد أضافوا هذه الأمور للکتاب بعد وفاته، إن المرحوم الطریحی هو اسمى من أن یذکر هذه الأمور التی لا تتناسب و واقعة عاشوراء و نرى فی الوقت نفسه إن الامور التی ذکرت فی کتاب الطریحی لیست بالشکل الخرافی الذی یروج له البعض فی المجالس الحسینیة، جامع المسائل، ج 2، ص 620- 624.

[4] . قال رسول الله (ص): "اذا ظهرت البدع فی أمتی فلیظهر العالم علمه و الا فعلیه لعنة الله".

[5] . للأطلاع أکثر لاحظ: الملحمة الحسینیة، ج 1، الشهید المطهری، و اللؤلؤ و المرجان، المحدث الحاج نوری.

[6] . بالرغم من إن الامام الحسین (ع) قد أقام الصلاة جماعة فی ظهر عاشوراء و مقابل الأعداء مع ان صلاة الجماعة مستحبة و لیست واجبة.

[7] . بالرغم من ان بنت الأمام الحسین (ع) فاطمة الصغرى فی لیلة الحادی عشر من محرم فأن أول عمل قامت به بعدما أفاقت من إغمائها هو أنها طلبت من عمتها زینب (س) قطعة من القماش لتغطی بها رأسها. بحار الأنوار، ج 45، ص60-61.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257233 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128139 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113239 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88995 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59548 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49726 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...