بحث متقدم
الزيارة
5413
محدثة عن: 2011/12/20
خلاصة السؤال
ما السبب فی إن مسألة العصمة و التبعیة للأئمة (ع) و طاعتهم لم تبحث و لم تتناول فی زمن إمامة الإمام علی (ع) و الإمام الحسن (ع) کما حصل فی زمن الإمام الصادق (ع)؟
السؤال
ما السبب فی إن مسألة العصمة و التبعیة للأئمة (ع) و طاعتهم لم تبحث و لم تتناول فی زمن إمامة الإمام علی (ع) و الإمام الحسن (ع) کما حصل فی زمن الإمام الصادق (ع)؟
الجواب الإجمالي

إن موضوع العصمة و التبعیة للأئمة المعصومین (ع) کان مطروحاً منذ عصر الرسول (ص)، لکن یعتبر عصر الإمام الصادق (ع) فریداً من نوعه من بین عصور الأئمة (ع) فالشروط الإجتماعیة و الثقافیة له (ع) لو تتوفّر لأی أحد من الائمة (ع). و ذلک لأن تلک الفترة تعتبر من الناحیة السیاسیة فترة ضعف و تزلزل حکومة بنی أمیة و تزاید قدرة بنی العباس و هذان الفریقان کانا و لمدة طویلة فی حالة صراع و حرب فیما بینهما. و من جهة أخری یعتبر عصر الإمام الصادق (ع) و بسبب الظرف الحاکم آنذاک عصر النهضة الفکریة و الثقافیة أیضاً.

الجواب التفصيلي

نبحث فی موضوع العصمة و التبعیة للإمام المعصوم (ع) فی قسمین:

الأول: بحث موضوع العصمة فی کلمات المعصومین (ع):

عند التحقیق و البحث فی النصوص الإسلامیة نقف علی إن مسألة عصمة الائمة (ع) و إتباعهم کانت مطروحة فی بدایة عصر الرسالة و زمان الرسول (ص):

1- روی الشافعی ابن المغازلی فی کتاب المناقب بإسناده یرفعه إلی عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (ص): "أنا دعوة أبی إبراهیم" قلنا: یا رسول الله کیف صرت دعوة أبیک إبراهیم؟ قال: أوصی الله عزّ و جل إلی إبراهیم (ع) «وَ إِذِ ابْتَلىَ إِبْرَاهِمَ رَبُّهُ بِکلَمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنىّ‏ِ جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِن ذُرِّیَّتىِ قَالَ لَا یَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِین» [1] فاستخف إبراهیم الفرح، قال: یا ربّ و من ذریتی أئمة مثلی؟ فأوحی الله تعالی إلیه أن یا إبراهیم إنی لا أعطیک عهداً لا أفی لک به. قال: یا ربّ ما العهد الذی لا تفی لی به؟ قال: لا أعطیک لظالم من ذریّتک عهداً. قال إبراهیم عندها: یا ربّ و من الظالم من ذریّتی؟ قال له: من یسجد للصنم و من دونی یعبدها. قال إبراهیم عندها: «وَ اجْنُبْنىِ وَ بَنىِ‏َّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبّ‏ِ إِنهَّنَّ أَضْلَلْنَ کَثِیرًا مِّنَ النَّاسِ »[2] قال النبی (ص): فانتهت الدعوة إلیّ و إلی علیّ لم یسجد أحدنا لصنم قط فاتخذنی نبیاً و اتخذ علیّاً وصیّا".[3]

2- قال سلیم بن قیس و کان من أصحاب أمیر المؤمنین الخواص حتی الإمام السجاد: قال علی (ع): "إنما الطاعة لله و لرسوله و لولاة الأمر الذین قرنهم الله بنفسه و بنبیّه، فقال و اطیعوا الله و أطیعوا الرسول و اولی الأمر منکم، لأن الله أمر بطاعة رسول الله (ص) لأنه معصوم مطهّر لا یأمر بمعصیة الله و إنما أمر بطاعة أولی الأمر لأنهم معصومون مطهّرون لا یأمرون بمعصیة الله".[4]

3- أشار أمیر المؤمنین (ع) فی نهج البلاغة الی مسألة العصمة:

الف: فی الخطبة 147 یقول: "لا یخالفون الدین و لا یختلفون فیه". [5] (فلا یمکن أن لا یعرف أحدهم حکماً من أحکام الدین حتی یخالف غیره العارف).

ب: فی الخطبة 131 یقول بعد نفیه بعض الصفات و الخصوصیات عن الإمام (ع): "و لا المعطل للسنة فیهلک الأمة". [6] و من الطبیعی أن هذه العبارات تعلن عن لزوم التبعیة للإمام (ع).

ج: و یقول فی الخطبة 105: "أیها الناس استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متّعظ وَ امْتَاحُوا من صفو عین قد ْ رُوِّقَتْ مِنَ الْکَدَر"[7].

فقد بُحثت مسألة العصمة فی روایات المعصومین (ع) فی أبواب مختلفة و نحن نکتفی بهذا المقدار.

الثانی: أما العلل و العوامل التی أدّت إلی أن المسائل العقائدیة تطرح فی زمن الإمامین الباقر و الصادق (ع) أکثر من باقی الائمة فنذکر ها بشکل مختصر. فمن الناحیة السیاسیة، أن فترة الإمام الباقر (ع) و خصوصاً الإمام الصادق (ع) هی فترة ضعف و تزلزل حکومة بنی أمیة و تزاید قدرة بنی العباس. و من حیث أن بنی أمیة کانت فی تلک الفترة متورّطة بالمشاکل السیاسیة الکثیرة لذلک لم تکن عندهم الفرصة الکافیة للضغط علی و أئمة الشیعة (ع) و الحاق الاذی بهم (مثل الإمام السجاد).

أما العبّاسیون فقد رفعوا شعار الدفاع عن أهل بیت النبی (ص) و الأخذ بثأرهم قبل وصولهم إلی الخلافة و فی الحقیقة ان وصولهم إلی الخلافة کان تحت هذا الشعار، لذلک لم یذکر التأریخ أی ضغط من قبلهم علی الأئمة (ع) فی ذلک الوقت، فمن هذه الجهة، کانت هذه البرهة من الزمن تعتبر فرصة جیّدة جداً للنشاط العلمی و الثقافی للأئمة (ع) و من جملة الأمور التی کان لها أثر کبیر فی تحقّق هذه المسألة هی الشروط الثقافیة الخاصة و تعامل الفرق و المذاهب.[8]



[1]  البقرة، 124.

[2]  إبراهیم، 35-36.

[3]  السید إبن طاووس، علی بن موسی، الطرائف، ج1، ص78، مطبعة الخیام، قم، 1400ق.

[4]  سلیم بن قیس، أبو صادق، کتاب سلیم بن قیس، ص884، إنتشارات الهادی، قم، 1415 ق.

[5]  نهج البلاغة، ج1، ص206، إنتشارات دار الهجرة، قم.

[6]  نفس المصدر، ص189.

[7]  نفس المصدر، ص153.

[8]  لمزید من المعلومات ر.ک: الإمام، مهدی، سیرة الأئمة، ص353، مؤسسة الإمام الصادق (ع)، قم، 1415 ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279470 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257335 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128198 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113312 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89027 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59879 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59590 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56882 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47191 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...