بحث متقدم
الزيارة
18278
محدثة عن: 2012/05/15
خلاصة السؤال
ما دليل وضع اليد على القبر و النقر عليه عند قراءة الفاتحة على الميت؟
السؤال
من المتعارف في مناطقنا أنهم عندما يذهبون الى القبور يضعون أيديهم على القبر ثم ينقرون عليه قبل قراءة الفاتحة، ما الدليل الشرعي على هذه العمل؟ و هل هو من الامور المبتدعة؟
الجواب الإجمالي

حددت الروايات مجموعة من الآداب التي ينبغي مراعاتها عند زيارة القبورة، الكثير منها تهدف الى تعزيز إحترام الميت و بعضها الآخر يهدف الى تعزير العلاقة بين الاحياء و الاموات،و من تلك العوامل التي تؤدي الى تعزير العلاقة بين الميت و الحي وضع يد الميت على قبر من يزوره، عن عبد الرَّحمن بن أَبي عبد اللَّه قال: سأَلْتُُ أبا عبد الله (ع) عن وضع الرَّجلِ يدهُ على القبر ما هو و لم صنع؟ فقال: صنعهُ رسول اللَّه (ص) على ابنهِ بعد النَّضح.

نعم، هناك أمور متعارفة بين الناس من قبيل النقر على القبر الا اننا لم نعثر على رواية تؤيد هذا المعنى الخاص "النقر"، و لعل سلوكهم  منطلق من الخطأ في فهم طريقة وضع اليد، باعتبار ان الروايات أكدت على وضع اليد، فقد يخطأ البعض و يتصور أن وضع اليد يتمثل بالنقر على القبر، و هذا لا يضر باصل القضية.

و الجدير بالذكرة ان عدم وجود الدليل الخاص على قضية لا يعني معارضتها للاصول و القواعد العامة فقد تدخل ضمن عمومات الاحكام و اطلاقاتها، و بهذا من غير الصحيح وصف أي سنة من السنن المتبعة بين الناس بالبدعة لمجرد عدم وجود الدليل الخاص بها. نعم، اذا لم يكن للعمل المذكور دليل خاص و لا يوجد دليل عام يشمله كعنوان البر و الاحسان و الخير و الاحترام و ما شابه ذلك من العنوانين العامة، فحيئنذ لا يمكن ادراجه ضمن السنن و الاداب و الاسلامية.

 

الجواب التفصيلي

أكدت الروايات الاسلامية على الاهتمام بشأن الموتى و عدم حرمانهم من أعمال الخير كالدعاء و تلاوة القرآن و التصدق نيابة عنهم ، و من تلك الامور التي تم التأكيد عليها اهداء ثواب سورة الفاتحة و قراءة القرآن لهم. فقد روي عن الإمام الرضا (ع): "ما من عبد مؤمنٍ زار قبر مؤمنٍ فقرأَ عندهُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سبع مرَّاتٍ إِلا غفرَ اللَّهُ لهُ و لصاحب القبر".[1]

و من السنن الحسنة الرائجة في اوساط المسلمين إهداء الخيرات الى الموتى و زيارة قبورهم، و نحن لا نشك في وجود الكثير من الفوائد التي تعود على الموتى من خلال هذه الاعمال و تساعده في ذلك العالم الذي يكون الانسان بأمس الحاجة فيه الى إعمال الرحمة الالهية و الفيض الرباني، و الا يكون تشريعه لغواً تعالى الله تعالى عن ذلك؛ من هنا جاء في الروايات الحث على عدم نسيان الموتى و التواصل معهم دائما، روي عن الامام الصادق (ع) أنه قال: " ما يمنعُ الرَّجلَ مِنْكُمْ أَنْ يَبَرَّ وَالِدَيْهِ حَيَّيْنِ وَ مَيِّتَيْنِ يُصَلِّيَ عَنْهُمَا و يتصدَّقَ عنهُما و يَحُجَّ عَنْهُمَا وَ يَصُومَ عَنْهُمَا فَيَكُونَ الَّذِي صَنَعَ لَهُمَا وَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَيَزِيدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبِرِّهِ وَ صِلَتِهِ خَيْراً كَثِيراً ".[2]

ثم ان الروايات حددت مجموعة من الآداب التي ينبغي مراعاتها عند زيارة القبورة، الكثير منها تهدف الى تعزيز احترام الميت و بعضها الآخر يهدف الى تعزير العلاقة بين الاحياء و الاموات، روى إِسحاق بن عمَّار،عن أَبي الحسن الكاظم (ع) قال: قلت له: المؤمنُ يعلمُ بمن يزور قبرهُ؟ قال: نعمْ، و لا يزالُ مُسْتَأْنِساً بِهِ مَا دَامَ عند قبره".[3]

و من تلك العوامل التي تؤدي الى تعزير العلاقة بين الميت و الحي وضع يد الميت على قبر من يزوره، عن عبد الرَّحمن بن أَبي عبد اللَّه قال: سأَلْتُُ أبا عبد الله (ع) عن وضع الرَّجلِ يدهُ على القبر ما هو و لم صنع؟ فقال: صنعهُ رسول اللَّه (ص) على ابنهِ بعد النَّضح. قال: و سأَلْتُهُ كيفَ أَضَعُ يدي على قبور المسلمينَ؟ فأَشار بيده إِلى الأَرض و وضعها عَليهَا ثمَّ رَفَعَهَا وَ هُوَ مُقَابِلُ الْقِبْلَة.[4]

أضافة الى ما جاء في الروايات المذكورة هناك امور متعارفة بين الناس من قبيل النقر على القبر الا اننا لم نعثر على رواية بهذا المعنى الخاص "النقر"، و لعلها منطلقة من الخطأ في فهم طريقة وضع اليد، باعتبار ان الروايات أكدت على وضع اليد كما مر، فقد يخطأ البعض و يتصور ان وضع اليد هو النقر على القبر، و هذا لا يضر باصل القضية.

و الجدير بالذكرة ان عدم وجود الدليل الخاص على قضية لا يعني معارضتها للاصول و القواعد العامة فقد تدخل ضمن عمومات الاحكام و اطلاقاتها، و بهذا من غير الصحيح وصف أي سنة من السنن المتبعة بين الناس بالبدعة لمجرد عدم وجود الدليل الخاص بها. نعم، اذا لم يكن للعمل المذكور دليل خاص و لا يوجد دليل عام يشمله كعنوان البر و الاحسان و الخير و الاحترام و ما شابه ذلك من العنوانين العامة، فحيئنذ لا يمكن ادراجه ضمن السنن و الاداب و الاسلامية.

 


[1] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 181، جامعة المدرسين، قم، 1413 ق.

[2] انظر: نفس المصدر، ج2، ص159، روايات الباب.

[3] نفس المصدر، ج3، ص229.

[4] نفس المصدر، ج3، ص200.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257251 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128143 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113248 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59838 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56856 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49741 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...