بحث متقدم
الزيارة
25608
محدثة عن: 2012/09/24
خلاصة السؤال
قالت السيدة الزهراء (س) في الخطبة الفدكية: "طاعتنا نظاماً للملة و إمامتنا أمانا من الفرقة" كيف نثبت هذا الأمر؟ أي كيف تكون قيادة الأئمة (ع) مؤدية إلى نظم الدين و مانعة من التفرقة؟
السؤال
جاء في الخطبة الفدكية للسيدة الزهراء (س): " طاعتنا نظاماً للملة و إمامتنا أمانا من الفرقة" كيف نثبتهذه المسالة؟ أو كيف يمكن طرحها على الآخرين؟
الجواب الإجمالي

قبل الدخول في الجواب، لا بد من التذكير بأن موضوع السؤال ينطلق من عبارتين من الخطبة المعروفة بالخطبة الفدكية للسيدة الزهراء (س) بنت النبي الأكرم محمد (ص) و هذه الخطبة ألقتها عندما وصل إليها خبر تصميم الخليفة الأول على إسترجاع فدك منها.[1] و هذه الخطبة مروية في المصادر الروائية و التاريخية للشيعة و السنّة و بأسناد متعددة و لكن بقليل من الإختلاف في النص.[2]

فالسيدة الزهراء (س) في هذه الخطبة و بعد الحمد و الثناء و بيان النعم الإلهية تعرضت لفلسفة الخلق و كذلك فلسفة الأحكام الشرعية الإلهية حيث قالت:

1ـ "و طاعتنا نظاماً للملة"،[3] فهذه الجملة و الجملة التي بعدها عطف على عبارة "فجعل الله الإيمان ...." التي وردت في هذه الخطبة. فيكون المعنى أن الله سبحانه و تعالى جعل طاعتنا سبباً للنظم في الدين الإسلامي.

و من الواضح الذي لا غبار عليه أن طاعة أهل البيت (ع) سبب لنظم الدين، و ذلك لأن هذه الطاعة تجمع كل أفرادها حول محور الدين و هذا المحور يبينه الإمام الذي هو الأعلم و الأتقى و الجامع لكل الكمالات. و لاريب أهل البيت (ع) هم أكثر الناس علما بحقائق القرآن و أكثرهم إطلاعاً بها، لأن علمهم متصل بمبدأ الوحي فمن الطبيعي يحصل الإنسجام و التوحيد في المسائل الدينية بحكم طاعتهم.

2ـ "و إمامتنا أماناً من الفرقة (للفرقة)"

فقد طرحت السيدة الزهراء (س) هنا مسألة الإمامة و تعني بذلك تنبيه الخليفة و الناس بأن الإمامة و خلافة النبي محمد (ص) هي من شؤونهم، و قد أعطاها الله سبحانه لهم للحد من فرقة الناس و لجمعهم حول محور واحد. و بتعبير آخر، إن الله جعل الإمامة، لكي لا تفترق الأمة الإسلامية و لكي لا يذهب كل إلى جهة، و جعلها محوراً يقرّه العقل. فلو كان لشخص الرجحان على باقي البشر في كل النواحي، العلمية و التقوائية و في التدبير و العدالة و في إرتباطه بالله سبحانه و غير ذلك، فمن الطبيعي يتحتم على الجميع الإلتفاف حوله، عندها لا تحصل أي فرقة و لا تشتت. و هذا الكلام مستلهم من حديث الثقلين[4] و قد ذكرته السيدة الزهراء (ع) في خطبتها الفدكية. فعندما يقول النبي (ص)، إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً.

فهاتان العبارتان في الحقيقة بيان لمضمون واحد و هو أن نظام الدين الإسلامي و بقاءه و صيانته من التفرقة و التشتت، لا يكون إلا في ظل قيادة أهل البيت (ع). و مما يجدر قوله إن بعض المحققين[5] فسّر "الملة" هنا "بالأمة" و لا منافاة بين هذا المعنى و المعنى الذي بيّناه.

و من البديهي أن لكل مجتمع قطب فكر لنظامه و بقائه، و لا يكون هذا القطب إلا على رأس الهرم ليمكنه جذب كل الأفكار و الآراء إليه و ليملأ و يسدّ الفراغ الموجود من هذه الناحية، و عندها لا تبقى أرضية لأي إختلاف.

إن الشريعة الإسلامية و المجتمع الإسلامي أيضاً يتطلبان إتباع أهل البيت (ع) و طاعتهم لحفظهما من كل إختلاف و تفرقة في جميع الأبعاد، لأنهم و باتصالهم بالمصدر الحيوي و بعالم الغيب، يؤمّنون الرشد الفكري للبشرية في جميع الجهات، بدءاً من الإقتصاد و مرورا بالحقوق  و الأحكام و إنتهاء بالسياسة و نظم الأمر.

 


 [1] راجعوا: إبن أبي طاهر، أحمد، بلاغات النساء، ص 23 ـ 31، الشريف الرضي، قم، الطبعة الأولى، بي تا، الطبري، الآملي لصغير، محمد بن جرير بن رستم، دلائل الإمامة، ص 109 ـ  125، البعثة، قم، الطبعة الأولى، 1413 ق، العروسي الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، تحقيق، الرسولي المحلاتي، سيد هاشم، ج 1، ص 450، إنتشارات إسماعيليان، قم، الطبعة الرابعة، 1415 ق.

[2]  الجواهري البصري، احمد بن عبد العزيز، السقيفة و فدك، المحقق و المصحح: الأميني، محمد هادي، ص 137 ـ 145، مكتبة نينوى الحديثة، طهران، بي تا، الطبرسي، احمد بن علي، الإحتجاج، ج 1، ص 97 ـ 108، المحقق و المصحح: الخرسان، محمد باقر، نشر المرتضى، مشهد، الطبعة الأولى، 1403 ق، بلاغات النساء، ص 26 ـ 31، إبن حاتم، الشاملي، جمال الدين يوسف، الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم، ص 465 ـ 478، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الأولى، 1420 ق.

[3]  السقيفة و فدك، ص 139، الإحتجاج، ج 1، ص 99.

[5] راجعوا: الحسيني الزنجاني، سيد عز الدين، شرح خطبة السيدة الزهراء (س)، ص 365، بستان الكتاب، قم، الطبعة العاشرة، 1387 ش.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257232 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128138 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113237 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88993 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59834 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59548 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49726 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47163 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...